بدأ الثالث من تموز/ يوليو لسنة 2013 بانقلاب، وسرعان ما حوله عبد الفتاح
السيسي لاحتلال، لذا فأدوات ومعطيات وأولويات الاحتلال تختلف عن الانقلاب. ما فعله الفريق أول سامي عنان في ثلاثة أيام لم تفعله المعارضة بجميع اختلافاتها الأيدولوجية والسياسية والحزبية في خمس سنوات.
دعونا نعترف بأن العقلية
المصرية ما زالت لا تثق إلا بالخلفية العسكرية أو خلفية ذات خبرة دولية، وهذا ما أخاف السيسي من شفيق وعنان. دعم عنان أو شفيق أحد الاستراتيجيات لمقاومة الاحتلال السلمية، وهو استخدام سلاح مختلف من داخل المنظومة؛ يعمل بدقة في تشكيل وعي الجمهور الذي لا يسمعك ولا يراك كمعارض سياسي رافض للانقلاب الاحتلالي، كما أنه أثبت أنه قادر على تفتيت جبهة العدو واختراق الصفوف الخلفية، سواء إعلامية أو سياسية أو عسكرية.
لذا، فإن قراءة المشهد يجب أن تكون مبنية على شواهد، لكي نتأكد أن الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية هي من تقود المشهد المصري. وما حدث مع المستشار هشام جنينة كان عبرة لمن يعتبر، ولمن تسول له نفسه تحدي السيسي، كما أن ما حدث مع الفريق محمود حجازي يدل على أن هذه الأجهزة لا تضع احتمالا بواحد في المليون للشك، بدليل عزل الفريق رئيس الأركان دون تردد، ووجوده حاليا تحت الإقامة الجبرية، حسب بعض المعلومات والأقاويل، رغم صلة النسب بينه وبين السيسي، والصداقة الحميمة منذ دخوله الكلية الحربية.
سامي عنان ليس كومبارس وترشحه كان له أكثر من معنى: أن البنتاغون ليس له ممانع في وجوده كبديل للسيسي، فمصر والمنطقة أصبحت غير مستقرة، وقد تنفجر الأمور في أي لحظة وتخرج عن السيطرة. والمعنى الثاني، أن قيادات بالجيش ترفض البيع والخيانة رغم فسادها، وأنها راضية عن ترشح عنان، بل داعمة له، خصوصا منذ تسليم تيران وصنافير وصفقة القرن وتوقيع السد.
ما دلالات هذا التحليل؟
أولا: عندما قام السيسي بحملة "علشان تبنيها" استعدادا للانتخابات القادمة، فهذا يدل على أن الشؤون المعنوية المصرية بجانب أجهزة المخابرات الأمريكية، وغيرهم درسوا نبض الشارع المصري، وعلموا مدى تدني شعبية السيسي في الشارع المصري، فالتحرك له أسباب داخلية وخارجية، خصوصا بعد ضغط الملف الحقوقي الدولي على النظام المصري.
ثانيا: كانت هناك ثمة ضغوط على السيسي من قبل بعض دول العالم لجعل هذه
الانتخابات نزيهة وشفافة وبمراقبة دولية، لذا فقد قرر السيسي بالسماح للمراقبة الدولية، ولكنه وضع شرطا أن يكون المراقب يحمل الجنسية المصرية.
ثالثا: السيسي يهاب كل منافس قوي، مثل شفيق أو عنان وقنصوة. لذا فالتخلص منهم كان أمرا محتوما، وخطف شفيق قبل سفره للخارج كان مؤشرا على أن السيسي ونظامه، ومن ورائه نتنياهو، في قلق شديد؛ لأنه لو كان مدركا وواثقا وعلى يقين بأن التزوير ملك له، فكان لا يهمه شفيق أو عنان أو جمال مبارك أو قنصوة أو غيرهم.
رابعا: تركه لخالد علي دون الحكم عليه - قبل انسحابه الوطني - رغم سهولة القرار، ولكنه كان يريد خالد علي كمنافس حقيقي؛ لأنه يعلم أن شعبيته لن تكون عائقا أمام نجاح السيسي دون تزوير، علما أن المؤسسة العسكرية لن تسانده، وسوف يعطي له صورة المصداقية للانتخابات أمام العالم كله.
خامسا: السيسي وصل لدرجة العمالة وبيع مصر "عيني عينك". فالتخلص المتكرر من رجال المخابرات العامة والحربية والتبديل، والإحلال المستمر بصورة غير طبيعية، يدل على أن قيادات الجيش قد تكون فاسدة إلى حد الخيانة المحدودة، ولكن لها خطوطا حمراء، وهي العمالة والجاسوسية وتسليم الأرض والعرض.
سادسا: المقابلات التي قام بها بعض رافضي الانقلاب والاحتلال بالوكالة مع الكونجروس الأمريكي؛ تدل على اشمئزاز وكره حقيقي للسيسي.
سابعا: وهذا هو الأهم، عندما قامت ثورة الخامس والعشرين، الإعلام الأمريكي ركز على سامي عنان، وذكر أنه الرجل الأقوى في مصر، وأنه الأقرب للبنتاغون وله علاقات جيدة بالولايات المتحدة الأمريكية، وتوقع البعض أن ترشح عنان قد يكون مرتبا له مسبقا، مع شخصيات بالإدارة الأمريكية ومع البنتاغون أيضا.
توقع رد فعل السيسي (نتيناهو - ابن زايد - ابن سلمان)
أولا: التفاوض مع عنان وتهديده بفتح ملفات ثورة يناير والحكم عليه، أو (ثانيا): حبس عنان أو الحكم بإعدامه، أو (ثالثا): اغتيال عنان.
تفسير القراءة
نحن أمام احتلال حقيقي يرتدي قناعا مصريا من أسرة مصرية، وهذا أخطر أنواع الاحتلال؛ لأنك لا تراه مجسدا في اسم أجنبي، ولون أجنبي، فلتتغير رؤيتنا بشكل مؤقت حتى نتخلص من المحتل السيسي (نتنياهو)، ولكل مقام مقال.
اللهم بلغت.. اللهم فاشهد
هذه قراءتي ولا أدعي اليقين في صحتها، بل هو اجتهاد مني مبني على معطيات داخلية وخارجية، وقد يحتمل الخطأ والصواب.