نعلم جميعا أن الكيان الصهيوني يخطط لعقود وأجيال لا تقل عن خمسين عاما. تمكنت
إسرائيل من تحويل الربيع العربي إلى الربيع الصهيوني، فقد نجحت من خلال زرع عملائها عبر السنين من خلق الطرف الخفي الثالث في
مصر، والمنبطحين في بقية الدول العربية وخاصة دول
الخليج، بداية من الإمارات، نهاية بالمملكة العربية السعودية.
تمكن السيسي ونظامه من السيطرة الكاملة على الإعلام وعلى قيادة الجيش وجميع أجهزة الدولة، بما فيهم أجهزة المخابرات الحربية والعامة، سواء بالتبديل أو الإحلال أو الاعتقالات، مستخدماً الفسدة والخونة والمرضى النفسيين والمصابين بمرض الكبر والعظمة والسيطرة من الداخلية، فأصبحت مصر ومواردها وشعبها يقومون على خدمة الكيان الصهيوني، بداية من التنازل عن تيران وصنافير، ونهاية بصفقة القرن وتسليم سيناء وحقول الغاز المصرية التي سلمت للكيان الصهيوني بحجة ترسيم الحدود وإعادة بيعه لمصر وبأبخس الأسعار.
البداية كانت في مصر عندما تمكن السيسي من إقناع الإخوان بترشيح أحدهم لانتخابات الرئاسة المصرية، وكان سبباً مباشراً في منع التزوير لصالح الفريق شفيق، لكي ينجح الدكتور مرسي، ويكون الإخوان لقمة سائغة، وبهذه الطريقة ضرب الطرف الثالث أكثر من عصفور بحجر واحد؛ أهمها: ظهور الإخوان على السطح، فأصبحوا عدواً صريحاً، وأصبح إسقاطهم سهلاً، وثانيها: الاستفادة من عداوة الشرطة للإخوان المسلمين، وجعل الجيش والشرطة دولة داخل الدولة تستعدي رئيس البلاد.
تمكن السيسي من تجنيد الإعلام والدولة العميقة وقيادات الجيش والشرطة للتخلص من الإخوان بحجة الدولة الفاشية الدينية. هم لم يكونوا خونة بأي حال، لكنهم سلكوا طريق الفسدة وتغليب المصلحة، الغاية تبرر الوسيلة، فكان هدفهم التخلص من الإخوان مختلفاً عن هدف الطرف الثالث الذي يعمل بأجندة صهيونية.
استفاد السيسي من سذاجة الإخوان، وقلة خبرتهم السياسية، وعدم احتواء الآخرين، فتمكن من تحويل شركاء ثورة يناير إلى فرقاء يناير، وأصبح الجميع في صف واحد لسقوط مرسي والإخوان، وكل له أهدافه ومطامعه الخاصة التي قد لا تضر الأمن القومي بشكل فج باستثناء السيسي الطرف الثالث الذي انقلب على الجميع ليخدم الكيان الصهيوني.
بعض الدول العربية، وخاصة بعض الدول الخليجية ارتعبت من تجربة نجاح الديمقراطية في مصر، فتوحد الجميع خلف الطرف الثالث لإسقاط أول تجربة ديمقراطية في مصر، والتي يعلم الجميع أنها إن نجحت فستكون سبباً في تغيير الأمة العربية كلها، فكان اتفاق الجميع بالتآمر عليها وإسقاط الحكومة المنتخبة بالمحروسة، وأصبحت موارد هذه الدول تعمل فقط لتنفيذ أجندة الصهاينة بوصول السيسي لحكم مصر، على أن يكون الحاكم الفعلي لمصر وشعبها بنيامين نتنياهو، مع الحفاظ على أجهزة الدولة تخدم هذه التوجهات، والدفع في اتجاه تمكين الكيان الصهيوني من امتلاك مصر بحجة الإخوان المسلمين.
أصبحت السعودية والإمارات بثرواتهم ملكاً للكيان الصهيوني، ومصر بجيشها وثرواتها وشرطتها يحركهم السيسي كيف شاء لمصلحة إسرائيل فقط، ومبرره في هذا (إحنا جبنا جون جامد قوي!) ويقصد ضربة اقتصادية لتركيا، فقد سلم حقول الغاز لإسرائيل، ثم يشتري منتجاتها ليضرب عصفورين بحجر؛ يحرم مصر من أهم مواردها الجديدة الطبيعية، ويكبل مصر بعقد ملزم لعشر سنوات قادمة لشراء غازنا الطبيعي ممن سرقه أمام أعيننا، وبأعلى الأسعار أي دمار البنية التحية بجميع أشكالها.
أخيرا وليس آخرا، الأردن وفلسطين (باستثناء غزة) ومصر والسعودية والبحرين والإمارات أصبحوا ملك يمين الكيان الصهيوني بمواردهم البشرية وثرواتهم الطبيعية، أي أن حلم الشعوب العربية تحقق في اجتماعهم، لكن بدلاً من أن اتحادهم لنصرة شعوبهم ورفعة شأنها، توافقوا لنصرة الكيان الصهيوني وخدمته وتمكينه على حساب شعوبهم المستضعفة، فبذلك أصبحت إسرائيل أحد الدول الكبرى العظمى، فهي تملك الشرق الأوسط كله بجيوشه وأجهزته وموارده، فهل تسمح الدول العظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والاتحاد الأوروبي والصين بوجود شريك جديد؟
الحل في أن تتحد الشعوب العربية على أرضية مشتركة، وبالأخص الشعب المصري، فإن لم نتحد الآن حول أولوية مقاومة الاحتلال في مصر بكل الطرق السلمية... فمتى نفعل؟!