نشرت مجلة "فورين أفيرز" مقالا لأستاذ القانون في كلية الحقوق في جامعة تكساس ستيفين فلاديك، يتحدث فيه عن مدى قانونية الحرب الأمريكية على الإرهاب.
ويقول الكاتب إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وعد عندما كان مرشحا بملاحقة وسجن المشتبه بتورطهم بالإرهاب والتحقيق معهم، بالإضافة إلى أنه دعم إرسال المعتقلين إلى غوانتانامو وتعذيبهم، فقال: "لا تقولوا لي إنه لا يجدي، التعذيب يجدي".
ويستدرك فلاديك في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، بأنه "بالرغم من تبجح ترامب، إلا أن إدارته كانت معتدلة في أفعالها، كما أن إدارته لم تبد اهتماما كبيرا في توسيع حدود من يمكن اعتقاله وتحت أي ظروف، فيما يتعلق بالصراع القائم مع تنظيم القاعدة وفروعه".
ويجد الكاتب أنه "بالرغم من تحفظ الإدارة، إلا أنه يتم فحص هذه الحدود في قضية لم ينشر عنها الكثير، تعرف بقضية (دو ضد ماتيس)، والقضية مرفوعة من مواطن أمريكي، متهم بقتاله إلى جانب تنظيم الدولة في سوريا، وتعتقله القوات الأمريكية في العراق منذ 14 أيلول/ سبتمبر 2017".
ويشير فلاديك إلى أن "القضية تطرح السؤال الذي يذهب إلى صميم سياسة الحرب على الإرهاب الأمريكية: هل صادق الكونغرس على استخدام الحكومة القوة العسكرية ضد تنظيم الدولة؟ وإن كان فعل ذلك فهل يجوز استخدام هذه القوة العسكرية ضد المواطنين الأمريكيين؟ كما طرحت القضية سؤالا أكثر أهمية: ما هي المدة التي تستطيع فيها الحكومة الأمريكية أن تحتجز أحد مواطنيها دون حجة قانونية لذلك بإعاقة سماع القضية في المحاكم؟ وإن كانت الطريق الملتوية التي مرت بها القضية مؤشرا، فإن الجواب ليس مطمئنا".
ويلفت الكاتب إلى أن "جورج بوش الابن حوّل مصادقة الكونغرس له باستخدام القوة العسكرية (إيه يو أم أف) بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر بأسبوع إلى قانون، وهو القانون الذي لا يزال يوفر الغطاء للعمليات العسكرية الأمريكية ضد الإرهابيين، ومع أن (إيه يو أم أف) عادة ما يوصف بأنه القانون الذي يسمح بالحرب على الإرهاب، إلا أن الكونغرس كان أكثر دقة عندما منح التفويض الذي أعطى الرئيس السلطة بشن الحرب ضد (تلك الدول والمنظمات والأشخاص الذين يقرر أنهم صادقوا أو ارتكبو أو ساعدوا في (هجمات 11 أيلول/ سبتمبر) أو عملوا على إيواء تلك المنظمات أو الأشخاص)، ولذلك فإن (إيه يو أم أف) تسبب بسؤالين قانونيين كبيرين، ولم يجب عنهما: أي البلدان والمنظمات والأشخاص تقع ضمن تغطيته؟ والسؤال الأقل وضوحا، هل يحق للحكومة الأمريكية استخدام القوة العسكرية ضد مواطنين أمريكيين؟".
ويفيد فلاديك بأن "المحكمة العليا منحت في عام 2004 نصف الجواب للسؤال الأخير في قضية حامدي ضد رامسفيلد، حيث قضت بأن (إيه يو أم أف) يمنح الجيش الحق في احتجاز مواطن أمريكي تم اعتقاله خلال مواجهة عسكرية في أفغانستان، في الوقت الذي كان يقاتل فيه إلى جانب حركة طالبان ضد القوات العسكرية الأمريكية، لكن الحكم في قضية حامدي كان ضيقا، حيث كتب القاضي ستيفن بريير(الذي صوت لصالح الحكومة في القضية) عام 2014، بأن قضية حامدي لم تتحدث عن الاعتقال (للأمريكيين أو غيرهم) خارج أفغانستان، أو حتى إن كان الاعتقال صحيحا ابتداء، إن كانت هناك أي حدود قانونية لمدة الاعتقال".
وينوه الكاتب إلى أن "قضية حامدي لم تجب على سؤال مهم جدا يتعلق بقانون (إيه يو أم أف)، وهو: ما هو المدى الأبعد من تنظيم القاعدة وحركة طالبان الذي يمتد إليه القانون؟ وكانت كل من إدارة بوش وأوباما ادعتا بأن سلطة القانون تمتد إلى أي قوة مرتبطة بتنظيم القاعدة، وهي قراءة أدت في منتصف عام 2016 إلى المصادقة على 37 حملة عسكرية في 14 بلدا مختلفا، لكن هذا التفسير للقانون لم تدعمه المحكمة العليا أبدا، وحتى لو كان صحيحا فإنه لا يتضمن تنظيم الدولة، وهي مجموعة انفصلت عن تنظيم القاعدة، ولم تعد مرتبطة بها".
ويبين فلاديك أن "أمريكا اعتبرت تنظيم الدولة أحد إفرازات تنظيم القاعدة، ويغطيه قانون (إيه يو أم أف)، وهذه حجة معقولة، لكن ليست عليها دلالة مباشرة، ولذلك كان أوباما يحاول خلال الأربع سنوات الماضية، وكانت هناك دعوات من الحزبين، وحتى من الرئيس أوباما نفسه، لاستصدار قانون جديد، يحتوي على أسماء تلك المجموعات والأشخاص الذين تحاربهم أمريكا، ويتماشى مع التغيرات في حملة مكافحة الإرهاب الأمريكية منذ عام 2001، وبالرغم من الدعم اللفظي، إلا أن تلك المقترحات تعثرت في الكونغرس؛ بسبب وجود الشيطان في التفاصيل، ولأنه ليس هناك ضغط قانوني لمثل هذا التوضيح، لكن هذا قد يتغير قريبا بسبب قضية دو ضد ماتيس".
ويكشف الكاتب عن أن "القضية تدور حول جون دو، وهو مواطن ثنائي الجنسية، أمريكي سعودي، متهم بالقتال إلى جانب تنظيم الدولة في سوريا، حيث سلم نفسه لقوات سوريا الديمقراطية في أيلول/ سبتمبر 2017، التي قامت بدورها بتسليمه للقوات الأمريكية، التي نقلته إلى العراق، حيث يحتجز في مكان غير معروف بصفته محاربا عدوا".
وبحسب فلاديك، فإن اتحاد الحريات المدنية الأمريكي قام برفع قضية نيابة عن دو، مع أنه لا علاقة للاتحاد به، لكن الحجة هو أن أمريكا ترفض الكشف عن هوية المعتقل دو، ولذلك فإنه لا يمكن للمحامين الاتصال بعائلته للموافقة على القضية، فكان لا بد من أحد يرفع القضية؛ للتأكد إن كان دو يريد تحدي قانونية احتجازه.
ويورد الكاتب أن الحكومة احتجت على ذلك، وقالت إن اتحاد الحريات المدنية يسعى إلى دخول المحكمة، وبأنه حتى لو كان للمعتقل (دو) الحق في مراجعة قضائية، فإنه لم يصل إلى هذه النقطة، حيث أن الحكومة لم تصل بعد إلى قرار بشأن ماذا ستفعل به، مشيرا إلى أنه في 23 كانون الأول/ ديسمبر، أي بعد 100 يوم من تسلم القوات الأمريكية لجون دو، قالت قاضية محكمة المنطقة الفيدرالية في واشنطن دي سي تانيا تشوتكان بأنها تتفق مع اتحاد الحريات المدنية، وطلبت من الحكومة أن تسمح لمحاميه بالاتصال بالمعتقل، وبعد ذلك بأسبوعين، قال اتحاد الحريات المدنية بأن دو فعلا يريد أن يتحدى قرار احتجازه، وأنه يريد من اتحاد الحريات المدنية أن يمثله.
ويقول فلاديك: "قد تكون الطريق مفتوحة الآن أمام تشوتكان لتحديد الجواب على السؤال الرئيسي: إن كان قانون (إيه يو أم أف) لعام 2001 يغطي الحرب على تنظيم الدولة، وإن كان الأمر كذلك فهل يصلح قانون عدم الاعتقال بسبب جنسية المعتقل الأمريكية؟ وقد تؤدي هذه القضية إلى قيام الكونغرس بإعادة النظر في قانون (إيه يو أم أف)، والإطار القانوني للسياسة الأمريكية كله في مكافحة الإرهاب".
ويختم الكاتب مقاله بالقول: "خوفا من أثر مثل هذا القرار فإن الحكومة حاولت أن تنهي القضية بترتيب نقل دو إلى احتجاز دولة أجنبية، خاصة أنه يحمل الجنسية السعودية، وحكمت تشوتكان في 23 كانون الثاني/ يناير بأن على الحكومة أن تقدم إنذارا مدته 72 ساعة إن هي أرادت تسليمه لطرف ثالث، في حال أن تكون لديه قاعدة قانونية للاعتراض، واستأنفت الحكومة ذلك القرار، وهو ما سيتم بحثه في 5 نيسان/ أبريل".
التايمز: كيف يستغل تنظيم الدولة الفوضى للعودة مجددا؟
نيويورك تايمز: هل يشهد تنظيم الدولة عودة جديدة قريبا؟
نيويورك تايمز: ما هي تبعات خطة ترامب في سوريا؟