دفعت الحالة الاقتصادية المتردية في غزة بفعل استمرار الحصار إلى انتشار "التكايا" (بنوك الطعام) في أحياء ومخيمات قطاع غزة، بهدف توفير الغذاء اليومي للفقراء الذين لا يجدون قوت يومهم.
وسجلت نسبة الفقر في غزة 65 بالمائة، بينما ارتفعت نسبة انعدام الأمن الغذائي لدى الأسر في القطاع 50 بالمئة في العام الماضي، بحسب إحصائية رسمية.
ويقول محللون اقتصاديون، إن العقوبات الأخيرة فرضتها السلطة الفلسطينية على موظفيها العام الماضي، بخصم نسبة من رواتبهم الشهرية وصلت إلى 5%، كان لها دور في تراجع الاقتصاد المحلي، وارتفاع نسب الفقر في غزة، مضافا إليها الحصار الإسرائيلي المطبق منذ 12 عاما.
ويعتمد اقتصاد غزة بشكل رئيس، على رواتب الموظفين العموميين البالغ عددهم حتى نهاية 2016، نحو 58 موظفا مدنيا وعسكريا، يضاف لهم 40 ألف موظف عينتهم "حماس" بعد الانقسام.
ويحاول ناشطون في مختلف أنحاء قطاع غزة مد يد العون للأسر الفقيرة، عبر توفير الحد الأدنى من الطعام والشراب سواء بشكل يومي أو أسبوعي.
الناشط والصحفي عادل زعرب قال، إن الأوضاع الاقتصادية في غزة وصلت حدا كارثيا، بل موتا بطيئا في كل مناحي الحياة، ما دفع التجمعات والمبادرات الشبابية لإطلاق حملات إغاثية، وإنشاء "تكايا" لإطعام الطعام، تغطي الأحياء وبعض المناطق في قطاع غزة.
اقرأ أيضا: 12 عاما على حصار غزة الخانق.. بالأرقام (إنفوغراف)
وقال زعرب وهو أحد القائمين على إنشاء "تكية أهل الخير" في رفح (جنوبا)، إنه ومجموعة من الشباب استطاعوا توفير بعض المبالغ المالية من المقتدرين والتجار المحليين في المحافظة، وأنشؤوا "التكية" وجهزوها بكل ما يلزم لإعداد الطعام، وتمكنوا قبل أيام من تقديم أول وجبة غداء للفقراء.
وأضاف زعرب في حديث لـ"عربي21": "وزعنا 120 وجبة ساخنة على فقراء برفح الجمعة، تتكون من الرز واللحم، وسنقدم مبدئيا وجبات أسبوعية، ونخطط لتقديم وجبات يومية لحوالي 1000 شخص خلال المرحلة المقبلة".
ودلل الناشط على صعوبة أوضاع الأسر الفقيرة قائلا: "بينما كنا نتجول لتوزيع الطعام على الفقراء في رفح وجدنا امرأة لديها خمسة أطفال كانت تطعمهم الخبز والشاي كوجبة غداء". وتابع: "لم يشهد قطاع غزة في تاريخه أوضاعا مأساوية كالتي يمر بها حاليا".
من جهته قال الكاتب الفلسطيني مصطفى الصواف، إن إنشاء التكايا يعد تعبيرا واضحا عن حالة التكافل الاجتماعي، في قطاع غزة، وهي وسيلة لإشعار الفقير والمحتاج أنه في مجتمع متكافل اجتماعيا خاصة في الأوقات الصعبة.
وأضاف الصواف في مقال له اطلعت عليه "عربي21" أنه رغم ضيق الحال في غزة وتردي الأوضاع الاقتصادية الذي أصاب كل المكونات بدرجات متفاوتة؛ إلا أن هناك من الناس من يمكنه الله أن يساهم رغم كل ما أصابه في سبيل تحقيق نوع من التكافل الاجتماعي.
وأشار الصواف إلى أن مشروع التكايا "آخذ في التزايد، وعادت الفكرة لتأخذ مكانها في أنحاء مختلفة من القطاع من شماله حتى جنوبه، وبات الحديث اليوم عن عشرات التكايا التي تقدم طعاما (ملحوما) لمجموعات من الأسر الفقيرة التي لا تجد قوت يومها بفعل الحصار والإجراءات التي اتخذها رئيس السلطة محمود عباس ضد قطاع غزة".
اقرأ أيضا: بالأرقام.. تعرف على تداعيات حصار غزة خلال عام 2017
وقال: "غزة باتت اليوم أحوج ما تكون للتكافل الاجتماعي، فرغم أن غزة كل غزة مصابة؛ ولكن درجات الإصابة والحاجة ليست بمستوى واحد وهناك من المجروحين الذين لم يصل بهم الأمر إلى الحاجة؛ ولكنهم يشعرون بمن حولهم من الأسر القريبة والبعيدة، ويبذلون جهدا منظورا بتقديم يد العون والمساعدة ويتوجهون لجمعيات تشرف على تكايا الطعام من أجل المساهمة فيها".
وتابع الصواف قائلا: "فكرة التكايا فكرة جميلة ورائعة وتزيد المجتمع تعاطفا ومحبة وهي تعبير على أننا شعب حي يحس، يتكافل، يحمل قويه ضعيفه، كل بما لديه من إمكانيات، حتى ولو مرة واحدة في الأسبوع، نعم لنبدأ بالعمل القليل الدائم حتى لا ننقطع".
غضب فلسطيني بعد حرمان غزة من موازنة العام الحالي
النفايات السامة..الموت الذي يجلبه الاحتلال للضفة (إنفوغراف)
قراءة ميدانية في إخفاقات الحروب الإسرائيلية ضد غزة