طغى الملف العسكري على قرارات الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، في اليومين الماضين، وهو ما أثار جدلا واسعا وسط تساؤلات عن أهمية هذه الترتيبات التي يجريها في شمال وجنوب البلاد.
وكان الرئيس هادي أصدر مرسومين رئاسيين، قضى
الأول بتشكيل محور عملياتي جديد يسمى محور بيحان، وهو اسم لمنطقة استراتيجية تابعة
لمحافظة شبوة (جنوب شرق) ويتبع المنطقة العسكرية الثالثة ومقرها في محافظة
مأرب (شمال شرق).
وبموجب القرار الرئاسي، فإن المسرح العملياتي لمحور
بيحان يضم خليطا من المديريات التابعة لمحافظتي شبوة ومأرب، "بيحان، عسيلان،
عين، الجوبة، حريب"، ويتألف من خمسة أولوية عسكرية، هي "اللواء 26
ميكا، اللواء 19 مشاة، اللواء 163 مشاة، اللواء 153 مشاة، و اللواء 173
مشاة"، وبقيادة اللواء مفرح بحيبح، أحد القادة البارزين في معركة
استعادة "بيحان وعسيلان" من الحوثيين نهاية العام الماضي، والقادم من
محافظة مأرب المحاذية لهما.
والسبت، عين هادي الأخ غير الشقيق لصالح، اللواء، علي صالح عبدالله عفاش الحميري، المعروف سابقا بـ"علي صالح الأحمر"، -قام بتغيير اسمه للأول، كما فعل صالح، إلى "عفاش الحميري"، بعدما تم الكشف عن عدم انتسابه لآل الأحمر- قائدا لقوات الاحتياط (الحرس الجمهوري سابقا).
رفض
وفيما يخص القرار الأول، فقد لاقى رفضا من قبل ما
يسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي" الذي تشكل بدعم إماراتي، بزعامة عيدروس الزبيدي، في أيار/ مايو 2017.
وجاء الرفض على لسان الناطق باسم المجلس، سالم
العولقي، الذي أعلن رفضه لتشكيل هذا المحور العسكري.
وقال في تعليق نشره على حسابه بموقع
"فيسبوك" إن "محور بيحان وتقسيم شبوة مسألة مرفوضة".
وأضاف العولقي أن استخدام الشرعية وتوظيفها لتمرير
الأجندة الحزبية أمر خطير يهدد السلم المجتمعي، ويضع العراقيل أمام عملية الاستقرار
وجهود إحلال السلام.
وأثنى على تحرك أبناء بيحان الرافضة لما وصفها
" الأجندة الخبيثة"، مؤكدا أن الحفاظ على وحدة الجنوب ومحافظاته أولوية
للمجلس الانتقالي".
قطع وكبح
من جهته، رأى الخبير اليمني في الشؤون
الأمنية والعسكرية، علي الذهب أن تشكيل هادي لمحور "بيحان" يأتي لقطع مساعي ضم شبوة إلى قيادة المنطقة العسكرية
الثانية، التي تقع قيادتها في المكلا، وقد سبق لمحافظ حضرموت الحالي وقائد هذه
المنطقة أن صرح بذلك في مقابلة تلفزيونية قبل أكثر من عام.
وقال الذهب في حديث لـ"عربي21" إن
القرار لربما يكبح الأطماع الإمارتية والقوى الانفصالية، التي تحاول عزل وفصل
مناطق الشمال عن الجنوب عسكريا فوق ما هو قائم الآن من عزل وفصل جغرافي غير معلن.
ويتجلى ذلك، وفقا للخبير اليمني، من خلال تشكيل
وحدات قوات النخبة التي لا تخضع لرئاسة أركان الجيش الموالية للرئيس هادي.
ضربة استباقية
في غضون ذلك، اعتبر مراقبون قرار الرئيس هادي بشأن
تشكيل المحور العملياتي الجديد الذي يضم مديرية بيحان الغنية بالنفط في شبوة إلى
محافظة مأرب ضربة استباقية، لمحاولات دولة الإمارات السيطرة عليها، بعد ثلاثة
شهور من طرد مسلحي الحوثي منها.
في الوقت نفسه، يطرح البعض أن هذا المحور سيعمل
على تدعيم محور عتق، ومقره عاصمة شبوة التي تحمل الاسم ذاته، في ظل الحضور
المتنامي لقوات ما تسمى "النخبة الشبوانية" المدعومة إماراتيا،
والتصعيد الذي تقوم به ضد القوات الحكومية هناك، كان آخرها في شباط/ فبراير
المنصرم.
والشهر الماضي، شهدت مدينة شبوة تصعيدا حادا من
قوات "النخبة"، من خلال سلسلة الهجمات التي شنتها على مراكز أمنية
واعتقال مسؤوليها ومصادرتها مقارها وتحويلها لمقار تابعة للمجلس
الانتقالي الجنوبي.
حراك مضاد
في حين، اعتبر قرار تعيين الأخ غير الشقيق لعلي
صالح قائدا لقوات الاحتياط، في إطار ترتيب المعادلة في الشمال، ضمن
حراك مضاد تقوده الشرعية لمساع إماراتية بإعادة إنتاج عائلة صالح بعيدا عنها. وفقا
لمراقبين.
وتتألف قوات الاحتياط من وحدات الحرس الجمهوري سابقا، الذي لم يعد لها أي حضور، في أعقاب هيمنة الحوثيين على قطاعات واسعة منها، فيما فضل المئات من منتسبيها البقاء في منازلهم، في حين تكمن مهمة اللواء الأحمر في إعادة تجميعهم من جديد.
اقرأ أيضا: هادي يعيّن الأخ غير الشقيق لعلي صالح قائدا لقوات الاحتياط
وتشير مصادر مطلعة تحدثت لـ"عربي21" إلى أن إسناد مهام قيادة قوات الاحتياط للواء علي صالح، الذي تربطه علاقة غير ودية بطارق صالح، لتمكينه من إعادة ترتيب صفوف قوات الحرس الجمهوري، كتشكيل عسكري موال للشرعية.
وأكدت أن خبرة الأول وتعرضه للإقصاء من الراحل
صالح، بالإضافة إلى فشل الثاني في قيادة الانتفاضة ضد الحوثيين التي انتهت بمقتل
عمه، وفراره من صنعاء، تعزز حظوظه في تجميع جنود وضباط الحرس الجمهوري خاصة
المنتمين لقبيلة سنحان، مسقط رأسه وابن أخيه غير الشقيق، طارق.
وتقيم "أبوظبي" معسكرات تدريب لقوات
شمالية في مدينتي عدن (جنوبا) وشبوة، تحت إمرة طارق، بعيدا عن الحكومة الشرعية، في
مسعى منها لتكرار تجربة القوات التي تقاتل بالوكالة عنها في المحافظة
الجنوبية والشرقية.
ويعد اللواء الأحمر من أبرز القادة العسكريين
الذين اعتمد عليهم أخوه "صالح" في بداية حكمه، حيث كان يتولى قيادة قوات
الحرس الجمهوري حتى عام 1998، قبل أن يعزل من قيادتها، ليتقلدها نجله، العميد
أحمد، الذي حولها إلى جيش، بعدما كانت مهمة الحرس تأمين القصر الرئاسي وتنقلات
الرئيس الرحل حينئذ.
كما شغل الأحمر منصب مدير مكتب القائد الأعلى للقوات
المسلحة، الذي ظل فيه حتى سقوط نظام صالح عام 2011.
وفي نهاية شباط/ فبراير الماضي، صدرت قرارات
جمهورية، بتعيين كلا من العميد يحيى صلاح قائدا للمنطقة الخامسة، ومقرها الحديدة
(غربا)، وتضم أيضا محافظة حجة (شمال غرب)، والعميد هاشم الأحمر، قائدا للمنطقة السادسة،
ومركز عملياتها مدينة عمران (شمالا)، وتضم إلى جانبها محافظتي الجوف وصعدة معقل
الحوثيين.
قيادي حوثي: الرياض غير مستعدة للسلام ولم نجر محادثات معها
ما حقيقة حرب الإمارات وحلفائها على تنظيم القاعدة باليمن؟
مراقبون: قرارات هادي العسكرية ترسم خارطة نفوذ جديدة في الشمال