نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا للكاتب إيشان ثارور، يتحدث فيه عن زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى واشنطن، ولقائه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ويبدأ الكاتب تقريره، الذي ترجمته "عربي21"، بالإشارة إلى قول ترامب: "كانت العلاقة خلال فترة إدارة أوباما.. متوترة جدا جدا، أما العلاقة الآن هي أفضل ما كانت عليه في أي وقت".
ويشير التقرير إلى أن ترامب قام "كالعادة" بالشكوى من إيران، في الوقت الذي كان يجلس فيها مع ولي العهد، العدو اللدود لطهران، بالإضافة إلى أنه احتفى بشكل صريح بصفقات أسلحة بمبلغ 12 مليار دولار للسعودية، وابتسم الرجلان، في الوقت الذي تفحصا فيه لوحة تحمل الأسلحة الأمريكية الموجودة على قائمة التسوق السعودية.
وتستدرك الصحيفة بأن "عاصفة كانت تختمر في الكونغرس، حيث حاولت مجموعة من الشيوخ من الحزبين جعل الكونغرس يصوت على قانون يمنع دعم أمريكا لحملة السعودية العسكرية في اليمن، ويفرض المزيج من رقابة الكونغرس على حروب أمريكا، حيث دخل عدة رؤساء أمريكيين صراعات جديدة دون الحصول على موافقة الكونغرس، مستخدمين السلطات التي منحها أعضاء الكونغرس لهم بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001 الإرهابية، ويستشهد أعضاء الكونغرس بحملة السعودية في اليمن ضد الحوثيين، بصفتها بداية جيدة لإعادة السيطرة على تلك السلطات التي منحت للرئيس."
ويلفت ثارور إلى أن "المعارضين للقانون كسبوا بعد ساعات من النقاش التصويت بهامش بسيط، فأصبح في حكم الميت حاليا، لكن كان في ذلك رسالة للسعودية، التي وضعت بيضها كله في سلة إدارة ترامب، بأن واشنطن لا تقف كلها مع السعودية".
ويورد التقرير أن السيناتور كريس ميرفي غرد قائلا: "سنصوت اليوم على إمكانية استمرار حملة القصف السعودية/ الأمريكية في اليمن، التي تسببت بمقتل 10 آلاف مدني، وتسببت بأكبر انتشار للكوليرا في التاريخ"، فيما قال مستشار كبير للسيناتور بيرني ساندرز: "الرسالة المقصودة هي أن الكونغرس يحمل وظيفته الدستورية بجدية أكبر في الأمور المتعلقة في الحرب.. ويجب على الحلفاء أن يفهموا بأن الدعم الأمريكي ليس مفتوحا، وأن الكونغرس سيتدخل عندما تكون هناك أدلة على انتهاك الحقوق وجرائم حرب".
وتقول الصحيفة إن "محمد بن سلمان هو المهندس الرئيسي لحرب الرياض في اليمن، التي أطلقتها في 2015 مع عدد من الحلفاء الإقليميين، ونتج عن هذه الحرب على مدى الثلاث سنوات معاناة كبيرة، ويصعب تحديد مدى الخسائر الناتجة، حيث تقدر المؤسسات الإنسانية مقتل ما لا يقل عن 5100 مدني، مع احتمال أن يصل العدد الحقيقي إلى ضعف هذا الرقم، وهناك حوالي 22 مليون يمني -أكثر ثلثي الشعب- بحاجة إلى مساعدات إنسانية؛ وحوالي 8.4 مليون يمني، أو حوالي ثلث الشعب يعتقد أنهم على شفير المجاعة، بالإضافة إلى أن الظروف الكارثية في اليمن ولدت أسوأ انتشار للكوليرا في التاريخ الحديث، وانتشار حالي للدفتيريا".
ويجد الكاتب أن "هناك الكثير من اللوم على مختلف الأطراف، لكن السعوديين، بصفتهم حلفاء للغرب ووكلاء محليين للاستقرار الإقليمي، يستحقون أن يوجه الانتقاد لهم بالذات، حيث قام التحالف السعودي بقصف اليمن أكثر من 16 ألف مرة على مدى السنوات الثلاث الماضية، وحوالي ثلثها لم تصب أهدافا مدنية، وتقول المنظمات الحقوقية وخبراء الأمم المتحدة بأن التحالف السعودي قد يكون ارتكب جرائم حرب، بالإضافة إلى أن حصار السعودية للموانئ اليمنية تسبب بنقص شديد في المواد الغذائية والأدوية والسلع الأساسية، ما ساعد على انهيار البنية التحتية اليمنية، التي هي ضعيفة في الأساس".
ويذكر التقرير أن السعوديين يحتجون بأن حملتهم ضرورية؛ لوقف إيران عند حدها بسبب دعمها للحوثيين، على حدود السعودية الجنوبية، كما أنهم يشيرون إلى الجهود التي بذلوها للتخفيف من معاناة اليمنيين وحماية المدنيين، فيما ترى إدارة ترامب أهمية قيام السعوديين بالحد من التأثير الإيراني، لافتا إلى أن محللين يرون أن ثلاث سنوات من الفوضى والدم لم تعمل إلا على توسيع نطاق تأثير إيران.
وتنوه الصحيفة إلى المعارضة المتزايدة في الكونغرس للدعم الأمريكي حرب اليمن، حيث شن المشرعون حملة قوية لتحديد مستويات الدعم التي رفضها النواب لاحقا، مشيرة إلى أن وزير الدفاع جيمس ماتيس، كتب رسالة للكونغرس جاء فيها أن "القيود الجديدة على الدعم الأمريكي المحدود قد تزيد من الضحايا المدنيين، وستؤثر على التعاون مع شركائنا في مجال مكافحة الإرهاب، وستخفف من تأثيرنا على السعوديين".
ويفيد ثارور بأن السيناتور المستقل عن ولاية فيرمونت بيرني ساندرز عبر عن خيبة أمله من تخلي الكونغرس عن واجبه الدستوري المتعلق بحق تشريع الحرب، قائلا: "مرة تلو أخرى جلس الكونغرس متفرجا، وفشل في طرح الأسئلة الصعبة، في وقت قادتنا فيه الإدارة إلى نزاعات، بما فيها فيتنام والعراق، وبتداعيات كارثية"، وكتب أيضا: "الحقيقة بشأن اليمن هي أن القوات الأمريكية ناشطة في تقديم الدعم للتحالف الذي تقوده السعودية، وتقدم له الاستخبارات والوقود في الجو للطائرات التي تقوم بقصف وقتل آلاف الناس، وتسهم في زيادة هذه الأزمة الإنسانية".
وبحسب التقرير، فإن عددا من المسؤولين حاولوا الإشارة إلى أن الدعم الأمريكي للسعودية لا يمثل مشاركة مباشرة في الأعمال العدوانية، وهو ما أثار الشجب وعدم التصديق، حيث قال السيناتور الجمهوري مايك لي: "تزعم الحكومة الأمريكية إنها لا تشارك في الأعمال العدوانية لعدم وجود القوات على الأرض، وتقوم بقتل العدو"، وأضاف: "هذا تحامل كبير على اللغة الإنجليزية، وتوسيع في الخيال أبعد من كل شيء، لتقول إن الجيش الأمريكي لا يشارك في الأعمال العدوانية في اليمن".
وتذهب الصحيفة إلى أنه "في الوقت الذي يتم فيه التودد لابن سلمان، من خلال صفقات الأسلحة له وللإمارات، فإن ترامب لم يقل شيئا حول الحرب، ولا تحدث عن منظور وقف المعاناة اليمنية".
ويشير الكاتب إلى أن معلقين يرون أن لا يوجد حل عسكري للأزمة، حيث يعلق روبرت مالي وإبريل لونغلي من مجموعة الأزمات الدولية، قائلين: "أكبر شيء يأمله السعوديون هو إطالة حرب العصابات في مناطق شمال اليمن الوعرة" واقترحا على السعوديين إنهاء الحملة.
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى قول المعلقين: "أفضل سيناريو متوفر هو استمرار استنزاف السعودية ماليا، وتشويه سمعتها على الساحة الدولية، وزيادة العداء ضد السعودية وأمريكا في هذه المناطق، في وقت تتعمق فيه معاناة اليمنيين".
واشنطن بوست: مغازلة ترامب لابن سلمان لا تحجب رعب اليمن
واشنطن بوست: كيف وثّق كوشنر علاقته مع ابن سلمان؟
إنترسبت: هل كانت مقابلة CBS مع ابن سلمان دعاية مأجورة؟