احتشد مئات الآلاف في واشنطن، السبت، في ما يتوقع أن يتحول إلى أضخم تظاهرة تدعو إلى تقنين امتلاك الأسلحة النارية في الولايات المتحدة منذ نحو جيل، مدفوعين بالزخم بعد المجزرة التي شهدتها مدرسة ثانوية في فلوريدا.
وستخرج التظاهرة الأكبر بين عدة مسيرات تنظم في أنحاء البلاد في واشنطن على مقربة من مبنى الكابيتول حيث المشرعون الأمريكيون الذين يأمل المتظاهرون بالتأثير عليهم.
وكتب على إحدى اللافتات التي حملها المتظاهرون الذين توافدوا قبل أكثر من ثلاث ساعات من انطلاق المسيرة رسميا في منتصف، اليوم السبت: "فلتكن أصواتنا سلاحنا الأفضل".
وتدفق آلاف المتظاهرين من قطار الأنفاق حيث امتلأ شارعا كونستيتيوشن وبنسلفانيا الذي يربط البيت الأبيض بالكابيتول، ما جعل الاقتراب من الموقع الرئيسي أمرا صعبا.
وأغلقت المنطقة أمام حركة المرور لتتسع لنحو نصف مليون متظاهر احتشدوا في الشوارع التي انتشرت فيها شاشات عملاقة تحمل شعارهم "لنمض سوية من أجل حياتنا".
وقالت لورين تيلي (17 عاما) إنها وصلت من كاليفورنيا مع سبعة مراهقين آخرين وثلاثة بالغين للمشاركة في المسيرة.
وقالت وهي رافعة لوحة تدعو إلى تعديل المادة الثانية من الدستور الأمريكي التي تنص على الحق في حيازة السلاح: "قدمنا إلى هنا بفضل مسابقة في كتابة المقالات. جمعوا الأموال لنتمكن من السفر إلى هنا من أجل المسيرة".
وأضافت: "نحن نخشى الذهاب إلى المدرسة كل يوم لأننا لا نعرف متى سيأتي دورنا".
وتابعت: "رسالتنا الأساسية أننا لن نصمت وسنواصل نضالنا. لا يهمنا كم تملك من الأموال، لا يمكن لأموالك أن تغرق أصواتنا. سنصوت في (انتخابات) العام 2020. جيلنا يريد التغيير".
وحمل مشاركون آخرون لافتات كتب عليها: "قواعد لباسي أكثر صرامة من قوانينكم بشأن حيازة الأسلحة" و"حقك في حيازة الأسلحة لا يتفوق على حقي في البقاء على قيد الحياة" و"صمتكم يؤدي إلى العنف".
ودعت لافتة تحمل شعار السلام وزينت بالزهور إلى منع البنادق الهجومية كتلك التي استخدمت في عملية إطلاق النار في فلوريدا.
وقال المدرس من وست فرجينيا بيلي ماكلافلن (67 عاما): "المادة الثانية لا تضمن في رأيي الحق في امتلاك بندقية هجومية".
وكغيره من المتظاهرين المدافعين عن ضبط امتلاك الأسلحة النارية، اعتبر أن السياسيين خاضعون لمجموعة الضغط النافذة -- "الجمعية الوطنية للبنادق" أو "ناشونال رايفل أسوسيسييشن".
"تدفع" للسياسيين
وقال جيف تورتشن (68 عاما) من نيويورك: "يجب ألا يكون لدينا أسلحة نارية في مجتمعنا. هؤلاء الأطفال على حق (...) إنهم فعليا يقولون إن الجمعية الوطنية للبنادق تدفع أموالا للجمهوريين"، حزب الرئيس دونالد ترامب الذي يهيمن على مجلسي الشيوخ والنواب.
وشكل طلاب مدرسة مارجوري ستونمان دوغلاس الثانوية في باركلاند بفلوريدا، حيث قتل تلميذ سابق يبلغ من العمر 19 عاما 17 طالبا وموظفا في المدرسة بتاريخ 14 شباط/ فبراير، قوة الدفع الرئيسية التي حركت المسيرات.
وبمزيج من الغضب والشغف، ألحوا بشكل متواصل على النواب الأمريكيين أن يسنوا تشريعا يحظر البنادق الهجومية ويوسع التدقيق بتاريخ المشترين وهوياتهم لتشمل جميع عمليات شراء الأسلحة النارية.
ومنذ عملية إطلاق النار في باركلاند، لم تدخل ولاية فلوريدا والكونغرس إلا تعديلات متواضعة على قوانين حيازة الأسلحة فيما قوبل اقتراح ترامب بتسليح الأساتذة برفض واسع.
ويشير منظمون إلى أن أكثر من 800 مسيرة خرجت في أنحاء البلاد والعالم تحت شعار "لن يتكرر حصول ذلك أبدا".
وفي لندن، تظاهر مئات خارج السفارة الأمريكية.
ورغم أن عملية إطلاق النار التي وقعت في فلوريدا هي التي أطلقت الحراك إلا أنه ما لبث أن توسع ليتناول مشكلة العنف الناجم عن استخدام الأسلحة النارية بشكل عام في بلد يشهد أكثر من 30 ألف حالة وفاة كل عام سببها الأسلحة النارية.
ومعظم هذه الوفيات ليست ناجمة عن عمليات إطلاق نار كبيرة بل جرائم قتل وحالات انتحار.
"قوة ناخبة"
ولقيت الدعوات لتشديد قواعد حيازة الأسلحة دعما من النواب الديمقراطيين. وتعهد عدد من المشاهير الأمريكيين بتبرعات تبلغ قيمتها 500 ألف دولار لدعم التظاهرات.
وبين هؤلاء الممثل جورج كلوني وزوجته أمل المحامية المدافعة عن حقوق الإنسان إضافة إلى الممثلة والإعلامية المخضرمة أوبرا وينفري والمخرج ستيفن سبيلبرغ وزوجته الممثلة كيت كابشو.
واعتبر السيناتور الديمقراطي كريس مورفي من كونيتيكت حيث قُتل 20 طالبا من المرحلة الابتدائية في إطلاق نار عام 2012، أن على الحراك الذي يقوده الطلبة أن يتحول إلى "قوة انتخابية، وهذه المسيرة هي بداية ذلك".
وفي إشارة إلى وعيهم لتنامي نفوذهم السياسي، نشر منظمو "لنمض سوية من أجل حياتنا" رابطا على موقعهم الإلكتروني لحث أنصارهم على التسجيل للانتخابات.
ودعوا أنصارهم إلى التصويت ضد النواب الذين يحصلون على الأموال من الجمعية الوطنية للبنادق. وقال طالب من مدرسة ستونمان دوغلاس يدعى ديفيد هوغ: "عليكم الوقوف إما إلى جانب الطلبة أو إلى جانب الجمعية الوطنية للبنادق".
من جهتها، أعلنت خدمة "ليفت" أنها ستوصل مجانا الركاب إلى 50 مسيرة في أنحاء الولايات المتحدة. وأكدت عدة مطاعم في واشنطن أنها ستوزع وجبات طعام مجانية على الطلبة فيما فتح السكان المحليون منازلهم للزوار الذين قدموا للمشاركة في التظاهرات.
وأفاد استطلاع أجرته جامعة كينيباك بأن 63 بالمئة من الناخبين الأمريكيين يؤيدون المسيرة دعما لتشديد قوانين حيازة السلاح لكنهم غير متفائلين من إمكان أن تؤدي إلى تشريع جديد.
مزيد من الملاحقة لصهر ترامب.. رقابة رسمية تطال قروضه المالية
الديمقراطيون يتّّهمون الجمهوريين بإعاقة تحقيقات روسيا
قادة السعودية والإمارات وقطر يلتقون بترامب في مارس وأبريل