رغم مرور ثلاثة أشهر على إعلان
التحالف العسكري بقيادة
السعودية رفع القيود التي فرضها على حركته، مازال مرفأ الحديدة المطل على البحر الأحمر غرب
اليمن عاجزا عن تأدية دوره الرئيسي كنقطة الوصول الرئيسية للمساعدات الإنسانية.
ويأتي هذا التقييم من مسؤولين في المجال الإنساني ومسؤولين في الميناء بينما تدخل الحملة العسكرية السعودية عامها الرابع، في ظل أزمة إنسانية متفاقمة في أفقر دول شبه الجزيرة العربية، هي بحسب
الأمم المتحدة من بين الأكبر في العالم.
ومنذ آذار/ مارس 2015، تقود السعودية التحالف العسكري دعما لسلطة الرئيس المعترف به دوليا عبد ربه منصور هادي، في مواجهة المتمردين
الحوثيين الشيعة المتهمين بتلقي الدعم من طهران.
وتسبب النزاع بمقتل أكثر من 9300 شخص وإصابة 53 ألفا على الأقل، ووضع البلاد التي يبلغ عدد سكانها نحو 27 مليون نسمة على حافة المجاعة.
وكان مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة ندد في وقت سابق من الشهر الحالي بالتدهور المتواصل للوضع الانساني في اليمن، محذرا من الأثر "المدمر" لهذا التدهور على حياة السكان، حيث أن هناك أكثر من 20 مليون شخص بحاجة لمساعدة إنسانية عاجلة.
وتشكل حركة الدخول إلى
ميناء الحديدة عاملا أساسيا في التعامل مع هذه الأزمة كون المرفأ يمثّل نقطة العبور الرئيسية للمساعدات إلى المناطق الخاضعة لسلطة المتمردين الحوثيين، وبينها العاصمة صنعاء.
ويتحكم التحالف بحركة الدخول والخروج من الميناء وبكافة المنافذ البحرية والجوية والبرية الأخرى في اليمن.
وبعيد إطلاق الحوثيين لصاروخ بالستي في الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر تم اعتراضه فوق مطار الرياض، شدد التحالف لثلاثة أسابيع القيود عبر إغلاق كل المنافذ اليمنية، وبينها ميناء الحديدة.
ولم تخفف هذه القيود في كانون الأول/ ديسمبر الماضي إلا نتيجة ضغوط دولية شديدة.
ولطالما كان مرفأ الحديدة يعج بالحركة، ولكنه الآن لا يستقبل إلا القليل من الواردات.
وتقول سوزي فان ميغين، المسؤولة في منظمة المجلس النرويجي للاجئين، لوكالة فرانس برس "يجب أن يدعم مرفأ الحديدة أكثر من 20 مليون يمني. ويجب أن يكون مصدر 70 بالمئة على الأقل من كافة الواردات إلى اليمن".
وأضافت المسؤولة التي زارت الميناء في أواخر شباط/ فبراير الماضي "بدلا من ذلك، هو قطعة أرض شبه مهجورة".
وطلبت وكالة فرانس برس من سلطات مرفأ الحديدة تصريحا لزيارته، ولكنها لم تتلق جوابا على طلبها هذا.
ووفقا لفان ميغين، فإن الأمر "الأكثر إثارة للدهشة في الميناء هو تدمير الرافعات الجسرية الخمس"، في إشارة إلى قيام طائرات التحالف بقصف الميناء في الأشهر الستة الأولى من العمليات العسكرية.
وتوضح أن هذه الرافعات المدمرة باتت تشكل عائقا أمام الحركة في المرفأ، بينما تبدو منطقة التخزين، التي كانت في السابق تتكدس فيها الحاويات، فارغة إلى حد كبير.
وتم تسريح قرابة خمسة آلاف عامل منذ قصف الرافعات، بحسب سلطات المرفأ.
وتشير فان ميغين إلى أنه على الرغم من تقديم الولايات المتحدة أربع رافعات متحركة في كانون الثاني/ يناير الماضي، فإن الرافعات الجديدة لا تتمتع بقدرات القديمة.
وفي شباط/ فبراير الماضي، حصل اليمن على واردات من الغذاء أقل من نصف حاجات البلاد الشهرية، بحسب مكتب منسق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة. وقال إن شحنات الغذاء هذه هي "الأقل" منذ أن بدأت الأمم المتحدة تتفقد الشحنات الداخلة إلى ميناء الحديدة في أيار/ مايو 2016.
كما بلغت إمدادات الوقود أيضا 24 بالمئة فقط من احتياجات اليمن في الفترة نفسها.
وأدى هذا النقص إلى ارتفاع حاد في أسعار المحروقات والمواد الغذائية.
وترى فان ميغين أنه "مهما كان السبب، فإن كمية الغذاء والوقود المطلوبة لتلبية الاحتياجات في اليمن لم تعد تأتي عبر الحديدة" بشكل أساسي، مضيفة "هناك إجراءات متعمدة تتسبب بذلك".
وتضيف أنه رغم إعلان التحالف رفع القيود عن الحركة في الميناء، إلا أن "الحصار بحكم الأمر الواقع مستمر".
وتقول السلطات في الحديدة إن العائق الأكبر أمام الحركة في الميناء ليس في المرفأ نفسه، بل في عرض البحر.
ويوضح مدير الميناء، داود فاضل، في تصريح عبر الهاتف لوكالة فرانس برس: "هناك سلطة واحدة تملك صلاحية منح التصاريح للسفن أو منعها (...) وهي سفن التحالف".
والسبت، أكد المتحدث باسم التحالف، العقيد تركي المالكي، أن المرفأ "مفتوح بالكامل"، ويقوم التحالف بعمليات التدقيق بالتعاون مع الأمم المتحدة، متهما الحوثيين بفرض رسوم على السلع الضرورية لتمويل حربهم، وإيران بتهريب الأسلحة للمتمردين.
وآلية الفحص التي اعتمدت استجابة لمخاوف التحالف من تهريب الأسلحة، تقوم على تفقد الشحنات في دبي في الإمارات، وصلالة في عمان، وموانئ إقليمية أخرى، قبل السماح للسفن بالمضي قدما إلى وجهتها. ويتوجب أن تمر كافة السفن عبر أسطول قوات التحالف.
وتقول الأمم المتحدة إنه منذ 15 آذار/ مارس الحالي، ما زالت ست سفن بانتظار موافقة التحالف للدخول إلى الميناء، بينما سمح بدخول تسع سفن أخرى تقوم أربع منها بتفريغ حمولتها.
وتشير فان ميغين إلى أنه "يسمح للسفن بالإبحار إلى المرفأ وتفريغ بضائعها، ولكنها عملية طويلة ومعقدة تمر عبر السلطات السعودية".