نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا أعده جوش وود من لاكونيا في ولاية هامبشاير الأمريكية، يعلق فيه على المظاهر الدعائية التي رافقت زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، التي شملت على مجلة من 97 صفحة، تباع في أكشاك الصحف الأمريكية، في وقت نفت فيه السفارة السعودية في واشنطن أي علاقة لها بها.
ويقول وود إن "الموسم في الولاية هو موسم جمع سكر القيقب حول البحيرة، حيث يذوب الثلج محولا الأرض إلى وحل، فيما يقوم صناع السكر بغلي عصارة القيقب في أكواخ في الغابة، ويبدو العالم بعيدا، فبوسطن هي أقرب مدينة لهذه المنطقة، حيث تبعد مسافة ساعتين بالسيارة، ومن النادر أن تهتم الصحافة المحلية بالأخبارالعالمية".
ويضيف الكاتب أن "هذا المكان لا تتوقع أن تجد فيه دعاية تدعم نظاما أوتوقراطيا في الشرق الأوسط، إلا أن المتسوقين في متجر (وول مارت) شاهدوا مجلة من 97 صفحة دون إعلانات، وتحمل على غلافها عنوان (المملكة الجديدة)، وخصصت المجلة كلها للترويج لولي العهد السعودي ومدحه، وسعرها 13.99 دولارا".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه بالإضافة إلى صورة ولي العهد، فإن الغلاف حفل بعنوانين، مثل "حليفنا الأقرب في الشرق الأوسط يقوم بتدمير الإرهاب"، و"يحسن حياة شعبه ويفتح آفاق السلام", لافتا إلى أنه في أعلى الصفحة هناك عنوان آخر، هو "أكثر القادة العرب المؤثرين ويغير العالم في عمر الـ32 عاما".
ويفيد الموقع بأنه عندما وصل ولي العهد المعروف أيضا بـ"بي أم أس" إلى المملكة المتحدة بداية الشهر الحالي، فإنه تم الترحيب به من خلال اليافطات التي علقت عليها صوره في الشوارع العامة، ومن خلال الإعلانات المدفوعة الأجر في الصحف، وحتى على سيارات الأجرة، وسط حملة علاقات عامة واسعة، مشيرا إلى أنه عندما وصل إلى الولايات المتحدة فإن جهود الترويج له تميزت بالخفة، لكنها كانت واسعة، حيث حاولت المملكة جذب الرأي العام القلق من تقوية العلاقات بين الإدارة الأمريكية الحالية لدونالد ترامب والمملكة.
وقد حصل موقع "ميدل إيست آي" على نسخة من المجلة في نيوهامبشاير، لافتا إلى أنها متوفرة في 100 ألف كشك لبيع الصحف والمجلات في أنحاء أمريكا، بحسب ناشرتها شركة "أمريكان ميديا إنك"، التي تنشر مجلة "ناشونال إنكويرر"، وهي المجلة المعروفة بعناوينها حول الوفاة المحتملة لهيلاري كلينتون، وكيف تعاون والد السيناتور تيد كروز مع قاتل الرئيس جون كيندي، وتعرف المجلة ببذاءتها، وهي متوفرة في مراكز التسوق الأمريكية كلها.
ويتساءل وود عن الجهة التي تقف وراء المجلة، ويقول: "فكما يظهر الغلاف فإن محتوياتها ليست محايدة ولا صحافية بقدر ما هي دعائية، واللغة المستخدمة متزلفة ومادحة بشكل مستمر لابن سلمان".
ويورد التقرير ما جاء في المجلة، حيث تقول: "كما ستعرف من خلال هذه الصفحات، فإن رؤية محمد بن سلمان للسعودية الحديثة هي فتح مملكة الصحراء على المستقبل"، وجاء في مقال أن "إصلاحاته الاجتماعية تركز على الدور الذي تؤديه المرأة والجيل الجديد، ما يؤدي إلى تغيير الطريقة التي ينظر فيها الأخرون لها، وكذلك نظرتها لنفسها".
ويعلق الموقع قائلا إن "المجلة لا تذكر الحملة التي تقودها السعودية في اليمن، ولا اتهام محمد بن سلمان باعتقال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري وإجباره في تشرين الثاني/ نوفمبر على الاستقالة، فيما تعاملت مع اعتقال الأمراء ورجال الأعمال باعتباره حملة مكافحة فساد ناجعة، رغم المزاعم عن التعذيب، واستخدام عملية القمع، لتقوية سلطة ابن سلمان".
ويقول الكاتب: "السعودية التي تم تقديمها في المجلة هي تلك التي منح فيها ابن سلمان الحقوق للمرأة التي لم تكن متوفرة لها في السابق، والسعودية المتحالفة عن قرب مع الولايات المتحدة، التي تحاول تنويع اقتصادها بعيدا عن النفط، والتي سيسمح قريبا للسياح الأجانب بزيارتها حتى لو لم يلتزموا بقواعد اللباس المتبعة في البلد".
ويستدرك التقرير بأنه رغم الأجندة الواضحة في المجلة، إلا أن الناشر والسفارة السعودية في واشنطن يقولان إنه لا توجد علاقة للحكومة السعودية بالمجلة بأي شكل، مشيرا إلى قول المتحدث باسم "أمريكان ميديا إنك" في تصريح له، إن الشركة لم تنسق إصدار المجلة مع الحكومة السعودية أو ممثل لها، ولم تتلق أي أموال لقاء عملها، ويضيف أن نشر عدد خاص من المجلة كان قرارا تجاريا اتخذته شركة "أمريكان ميديا إنك" في محاولة منها لاستثمار حدث مهم.
ويتابع المتحدث باسم شركة النشر، قائلا إن "الشركة وجدت في نشر المجلة فرصة مهمة لاستثمار الاهتمام المحيط بزيارة ولي العهد السعودي للولايات المتحدة، والاهتمام المتزايد بالسعودية"، مؤكدا أن موارد الشركة ستأتي من مبيعاتها في أكشاك الصحف.
ويذكر الموقع أن المستشار البارز في السفارة السعودية في واشنطن فيصل بن فرح، نفى في رد على تغريدة بشأن المجلة، أي دور للحكومة السعودية، وقال: "لا السفارة أو أي جزء من الحكومة طلب هذا، ولا نعلم من أصدرها.. لو علمت من أخبرنا فنحن نحب أن نعلم من أصدرها"، منوها إلى أن المتحدثة باسم السفارة السعودية في واشنطن فاطمة باعشن، كررت النفي للموقع يوم الاثنين.
وينوه وود إلى أن المعارض السعودي ومدير مركز شؤون الخليج علي الأحمد، عبر عن عدم اقتناعه بنفي السفارة، وزعم أن مصدرا في السفارة سرب له الشهر الماضي نسخة إلكترونية، حيث قال إنها ستباع قريبا في الأسواق، وأضاف: "قال المصدر: لا أفهم هؤلاء الناس، إنهم يعتقدون بإقبال الناس على شراء هذا"، وأرسل الأحمد النسخة الإلكترونية التي حصل عليها لكاتب المقال.
ويستدرك التقرير بأن هناك الكثير من مظاهر الشك حول دوافع المجلة، فتقارير المجلة لا تشير إلى كتّاب المقالات، وتعتمد بشكل كبير على الاقتباسات من مصادر إخبارية، مشيرا إلى أنها أجرت مقابلة مع شخص واحد، وهو كيسي غراين، الذي قدم على أنه مستشار للأمير الوليد بن طلال، وهو أحد الأمراء الذين اعتقلوا.
ويقول الموقع إن "أمريكان ميديا إنك" و"ناشونال إنكويرر" ليستا محايدتين، حيث وصف مدير الشركة ديفيد بيكر نفسه بأنه صديق لترامب، فيما دعمت "ناشونال إنكويرر" حملة الرئيس الانتخابية، لافتا إلى أن المجلة اتهمت بأساليب "امسك واقتل" لحماية الرئيس من الفضائح، حيث كانت تدفع لمن اتهموا الرئيس الحقوق الكاملة للقصة دون أن تنشرها.
ويعلق الكاتب قائلا إن "ابن سلمان في رحلاته لبريطانيا والولايات المتحدة، وهي الأولى منذ تعزيز سلطته، حاول أن يغير صورة بلده، وتقديم نفسه بأنه ليبرالي وقوة تدعم الحداثة، إلا أن هذا يعد تحديا صعبا أمامه، فبحسب استطلاع أجراه معهد (غالوب) في شباط/ فبراير، وجد أن 55% من الأمريكيين يحملون مواقف سلبية من السعودية".
ويجد التقرير أن "من يدعمون أجندة ولي العهد، مهما كانت الأسباب، يبدو أنهم يغيرون أساليبهم كلما اقتضى الأمر، وقد سخر الرأي العام من حملة العلاقات العامة البريطانية، ولم يتم تكرارها في أمريكا، وبدلا من ذلك قرر السعوديون وأنصارهم تبني خطة أخرى".
ويقول الموقع: "بعيدا عن المجلة، فإنهم حاولوا القيام بنشاطات أخرى، مثل مقابلة مع برنامج (60 دقيقة)، ومقابلة مع ترامب، الذي كال المديح للسعودية، رغم هجومه عليها أثناء الحملة الرئاسية، ومع المجلة، التي احتوت على دعاية ومقابلة الأمير التلفزيونية، فإنه تم تقديم صورة ودية عنه، رغم الانتقاد للمقابلة التي قدمتها مقدمة برنامج (60 دقيقة) نورا ماكدونال، التي بدت ودودة معه ولم تنتقده، وصورته بالمدمن على العمل ومحرر المرأة، والمصلح، دون أن تسأل أسئلة صعبة عن اليمن وحقوق الإنسان وعمليات التطهير داخل العائلة المالكة".
ويذكر وود أن ترامب تبنى محمد بن سلمان، وأثنى على العلاقة بين البلدين، وهي رسالة وصلت للأمريكيين، مشيرا إلى أن ترامب بدا فرحا في المقابلة التي كانت في المكتب البيضاوي، وبأنه لا توجد مشكلات مع السعودية.
ويذهب التقرير إلى القول إنه "ربما كان الزعيم السعودي الذي تحدث للأمريكيين مباشرة مؤثرا، إلا أن الأحمد والمعارضين السعوديين يعتقدون أن حملة الإعلانات والمجلة هي مضيعة وتبذير للمال السعودي".
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى قول الأحمد إن السعوديين محاطين بمهرجين، الذين يبيعونهم "أحلاما" بشأن تحسين صورتهم، وهم غير آمنين؛ لأنهم أنفقوا مالا كثيرا دون نتيجة.
واشنطن بوست: لماذا استقبل الكونغرس ابن سلمان ببرود؟
كوشنر يسرب أسماء معارضين لابن سلمان والأخير: أصبح بجيبي
واشنطن بوست: لماذا تجنب ترامب اليمن بلقاء ابن سلمان؟