أصبحت البرامج التلفزيونية الساخرة مصدر إزعاج لنظام قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي في مصر، حيث تم إيقاف جميع تلك البرامج تقريبا في الأسابيع الأخيرة، ضمن حملة قمع واسعة يعيشها الإعلام المصري منذ سنوات.
وخلال الأسابيع القليلة الماضية، تم إيقاف أشهر ثلاثة برامج ساخرة في البلاد؛ بدعاوى فضفاضة، مثل مخالفة الأخلاق العامة.
وأثار هذا التوجه استغراب الكثيرين، خاصة أن تلك البرامج لا تتناول الأوضاع السياسية في البلاد مطلقا، ولا تناقش أي قضايا قد تغضب النظام، وتكتفي فقط بالسخرية من الأوضاع الاجتماعية في البلاد.
وكانت البرامج الساخرة تحولت إلى ظاهرة في الإعلام المصري عقب ثورة كانون الثاني/ يناير 2011؛ بسبب حالة الحرية التي عاشتها البلاد، لكنها اختفت واحدا تلو الآخر بعد انقلاب يوليو/ تموز 2013؛ لعدم تحمل نظام عبد الفتاح السيسي أي انتقاد للأوضاع الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية، حتى ولو على سبيل الدعابة، بحسب مراقبين.
"مشاكل لا أعرفها"
وكان أحدث البرامج التي تم إيقافها برنامج "البلاتوه"، الذي يقدمه الإعلامي أحمد أمين منذ ثلاث سنوات، ونجح في تحقيق نجاح كبير وانتشار واسع.
لكن متابعيه فوجئوا الأسبوع الماضي بأمين يعلن وقف البرنامج، وعدم تقديم موسم رابع منه، موضحا، في بيان له على "فيسبوك"، أنه أضطر إلى إيقاف البرنامج بسبب تعرض قناة "النهار" التي تذيعه لأزمة مالية ومشاكل أخرى لا يعرفها.
وكشف عن أن فريق العمل بالبرنامج لم يحصلوا على مستحقاتهم المالية منذ مدة طويلة، مؤكدا أنه رغم استعداد فريق العمل لاستئناف تقديم البرنامج دون الحصول على مستحقاتهم المالية، إلا أن القناة رفضت إذاعته مرة أخرى".
300 قضية ضد أبلة فاهيتا!
وسبق إيقاف برنامج "البلاتوه" إيقاف برنامج ساخر آخر هو "أبلة فاهيتا"، الذي تعرّض لنوع آخر من التضييق، وتم إيقافه بذريعة مختلفة هذه المرة.
وأعلنت قناة "سي بي سي" التي تذيع البرنامج تلقيها خطابا من المجلس الأعلى للإعلام (حكومي) يهددها فيه بإجراءات عقابية إذا لم تتخذ إجراءات صارمة لحظر الإيحاءات الجنسية التي يبثها البرنامج، وكشف هوية الممثل الذي يؤدي شخصية "أبلة فاهيتا"؛ حتى يتمكن المجلس من محاسبته عند الخطأ، كما طلب المجلس من القناة حذف جميع الإساءات والإيحاءات الجنسية من كل الحلقات القديمة الموجودة على صفحة القناة بموقع "يوتيوب"!.
وإزاء هذا الضغط، قررت "سي بي سي" وقف إذاعة البرنامج، وحذف جميع حلقاته السابقة من حسابها على "يوتيوب"، ولم تصدر القناة أي بيان يوضح موعدا لعودته على الشاشة من جديد.
ونقلت صحيفة "التحرير" المصرية عن مصادر في القناة قولها إنها حذفت أرشيف برنامج "أبلة فاهيتا" بناء على توصية من المجلس الأعلى للإعلام؛ نظرا لوجود أكثر من 300 دعوى قضائية مرفوعة ضدها بسبب البرنامج.
الإيحاءات توقف إس إن إل بالعربي
وبشكل مفاجئ أيضا، أعلن المجلس الأعلى للإعلام إيقاف برنامج "إس إن إل بالعربي" الذي يذاع على قناة "أون إي" في شهر شباط/ فبراير الماضي.
وقال المجلس، في بيان له، إنه تلقى العديد من الشكاوى من المواطنين ضد البرنامج؛ بسبب الألفاظ الخارجة والإيحاءات الجنسية التي يحتويها، مشيرا إلى أنه تأكد من أن البرنامج دأب على استخدام ألفاظ وإيحاءات جنسية تخالف المعايير الأخلاقية والمهنية، ولا تليق بالعرض على الأسرة العربية.
لكن نشطاء ربطوا بين هذا القرار وبين عرض "اسكتشات" ساخرة في حلقتي 14 و30 كانون الثاني/ يناير الماضي، التي تضمنت تهكما ضمنيا على ممارسات رجال الشرطة المصرية.
البرنامج أول الضحايا
وكان من أوائل البرامج الساخرة التي تعرضت للإيقاف برنامج "البرنامج" الذي يقدمه الإعلامي "باسم يوسف"، حيث تم منع عرضه بعد حلقات معدودة من موسمه الجديد في حزيران/ يونيو عام 2014، بل اضطر يوسف إلى الهجرة من البلاد، والعيش في الولايات المتحدة.
وظهر باسم يوسف في مؤتمر صحفي، بعد تقديم آخر حلقة من البرنامج، ليعلن إلغاء "البرنامج" بشكل نهائي؛ بسبب تعرضه وفريقه لضغوط أكبر من المحتمل.
الحريات تموت في مصر
وكانت لجنة حماية الصحفيين الدولية وصفت النظام في مصر بأنه سلطوي، مشيرة إلى إنه يفرض مزيدا من القيود على الصحافة والصحفيين تزامنا مع الانتخابات الرئاسية، التي انتهت أمس الأربعاء.
وأضافت المنظمة، في بيان لها الأسبوع الماضي، أنه "حتى البرامج الساخرة لم تنج من الملاحقة بتهمة انتهاك المعايير الأخلاقية"، لافتة إلى أن السيسي وجه تحذيرات لوسائل الإعلام، واعتقل صحفيين معارضين لنظامه؛ بتهمة الترويج لأخبار كاذبة".
ونقلت اللجنة عن المحامي الحقوقي، نجاد البرعي، قوله إن حرية التعبير في مصر تموت، لافتا إلى أن السيسي أكد في مطلع الشهر الجاري أن أي إساءة إعلامية للجيش أو الشرطة سيتم اعتبارها بمثابة جريمة خيانة عظمى؛ لأنها تقوض أمن وسلامة الوطن".
انتخابات الرئاسة بمصر.. حضور لكبار السن وغياب للشباب (شاهد)
خصم راتب يوم شهريا لمدة عام لصالح تحيا مصر يثير الجدل (شاهد)
قضاة الإعدامات في مصر.. الأحكام بأوامر عسكرية