نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا مشتركا لكل من كارين دي يونغ وميسي ريان، يشيران فيه إلى الخلافات في المواقف بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقادته العسكريين، الذين يرون أهمية البقاء، وإن لفترة أطول في سوريا، فيما عبر الرئيس عن الرغبة بالخروج السريع من شمال شرق سوريا.
ويورد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، نقلا عن قائد القيادة المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط الجنرال جوزيف فوتيل، قوله: "لقد تم تحقيق الكثير من التقدم العسكري خلال السنوات الماضية، إلا أن العمل الأصعب ينتظرنا، بحسب اعتقادي"، متحدثا عن جهود "إعادة الاستقرار إلى سوريا، وتمتين الإنجازات، ومعالجة القضايا طويلة الأمد المتعلقة بالإعمار"، بعد هزيمة تنظيم الدولة.
ويلاحظ الكاتبان أن "الرئيس وقائد القيادة المركزية تحدثا في الوقت ذاته، حيث تحدث فوتيل إلى جانب المبعوث الأمريكي الخاص لدول التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة، إلى جانب رئيس الوكالة الأمريكية للتنمية (يو أس إيد)، حيث ناقشا أهمية دعم العمل العسكري والدبلوماسي والمساعدات على الأرض".
وتنقل الصحيفة عن الرئيس الأمريكي، قوله للصحافيين: "أريد الخروج وأريد عودة القوات إلى الوطن"، وأضاف ترامب أن الولايات المتحدة "لم تحصل على مردود من 7 تريليونات دولار أنفقتها في الشرق الأوسط خلال السبعة عشر عاما الماضية"، وشمل في حساباته الحرب في أفغانستان ضد حركة طالبان، حيث قرر الرئيس زيادة عدد القوات هناك العام الماضي، لافتة إلى أن الرئيس برر جلب القوات الأمريكية بالنجاح الذي تم تحقيقه ضد تنظيم الدولة، مشيرا إلى أن إدارته تفكر في هذا الأمر بطريقة جدية.
ويشير التقرير إلى أن "ترامب استخدم رقم 7 تريليون دولار أكثر من مرة، بما في ذلك أثناء حملته الانتخابية، مع ان الخبراء يرون أن الرقم هو أقل من الرقم الذي يتحدث عنه الرئيس بمقدار النصف، حيث بدأت العمليات الأمريكية في أفغانستان عام 2001، واستمرت في العراق وباكستان وسوريا، ويبدو أن الرئيس ضم للرقم نفقات العناية بالجنود الذين أصيبوا في المعارك، والمشكلات الأمنية والمحلية المتعلقة بالحرب".
ويعلق الكاتبان قائلين إن "العسكريين الأمريكيين أصيبوا بالدهشة من تعليقات الرئيس التي أطلقها أولا الأسبوع الماضي، في خطاب له أثناء تجمع جماهيري في ولاية أوهايو، بأن القوات الأمريكية (ستخرج من سوريا، قريبا جدا)، وهي تصريحات تتناقض مع ما قدمه وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون في خطاب مفصل في كانون الثاني/ يناير، وقال فيه: (من المهم لدفاعنا الوطني الاحتفاظ بوجود عسكري ودبلوماسي في سوريا، والمساعدة على إنهاء النزاع، ودعم الشعب السوري وهو يخط طريقه لمستقبل جديد)".
وتلفت الصحيفة إلى أن خطاب تيلرسون حذف من موقع وزارة الخارجية مع خطاباته الأخرى، والتقارير عن رحلاته، إلا أن فوتيل ووزير الدفاع جيمس ماتيس قالا في الأشهر الماضية إن القوات الأمريكية باقية في سوريا في المستقبل المنظور؛ لضمان الاستقرار والبحث عن حل سياسي للحرب الأهلية، التي كانت وراء ظهور تنظيم الدولة وتقدمه في البلاد.
وبحسب التقرير، فإن هناك ما يقرب من ألفي جندي أمريكي يقدمون الدعم والاستشارة للجماعات المحلية الوكيلة في العمليات ضد تنظيم الدولة، مشيرا إلى أن ترامب وصف العملية بأنها حققت "نسبة 100% من أهدافها، فيما قال فوتيل إنه تم تحرير 90% من الأراضي التي كانت تحت سيطرة تنظيم الدولة في سوريا، وأشار إلى أن التحديات بدأت تتضح مع تعقد الوضع شيئا فشيئا.
وينوه الكاتبان إلى أن من بين التحديات الحاجة لبناء استقرار في المناطق التي طرد منها الجهاديون، ومنع عودتهم مرة ثانية، بالإضافة إلى البحث عن حل سياسي ينهي الحرب الأهلية السورية، دون التنازل عن القوة لكل من روسيا وإيران، بالإضافة إلى حل الخلافات مع تركيا.
وتورد الصحيفة نقلا عن المبعوث الخاص لدول التحالف بريت ماكغيرك، قوله إن القتال ضد تنظيم الدولة في سوريا يتركز في منطقتين قريبتين من الحدود العراقية، واحدة شرق بلدة الشدادي، والأخرى جنوب مدينة البوكمال، مشيرة إلى أن فوتيل اعترف بأن القتال ضد بقايا تنظيم الدولة تباطأ بعد ترك عدد من المقاتلين الأكراد في قوات سوريا الديمقراطية مواقعهم، للمشاركة في مواجهة القوات التركية والجيش السوري الحر في منطقة عفرين.
ويتساءل فوتيل: "ماذا يعني هذا لنا؟ فهل هذا يعني الحاجة للبحث عن طرق لمواصلة الضغط على تنظيم الدولة، والاستمرار في بناء آلية على الأرض لخفض التوتر على الأرض في عفرين، حيث يتم حلها من خلال الحوار والدبلوماسية بدلا من القتال".
ويستدرك التقرير بأن الدبلوماسية مع تركيا، عضو الناتو، تواجه عقبات في بلدة منبج، التي تتمركز فيها قوات أمريكية لحماية مقاتلي "قوات سوريا الديمقراطية"، حيث تقول أنقرة إن الولايات المتحدة حنثت بوعدها سحب المقاتلين الأكراد من البلدة، الذين تعدهم إرهابيين وجزءا من حزب العمال الكردستاني "بي كا كا".
ويفيد الكاتبان بأن العسكريين الأمريكيين يرون أن عودة الجنود ستشجع تركيا وروسيا والنظام المدعوم من إيران والمليشيات الشيعية للتحرك نحو المناطق التي تم طرد تنظيم الدولة منها، بشكل يوسع من نطاق الحرب الأهلية والتأثير الإيراني في سوريا.
وتذكر الصحيفة أنه بموجب هذا فإن فوتيل وماكغيرك ومسؤول وكالة التنمية الأمريكية مارك غرين يرون أن العمل العسكري والدبلوماسي والمساعدات عوامل مهمة لتحقيق الاستقرار في المناطق المحررة، حيث قال غرين إن جهودا مشتركة كهذه "ليست تعبيرا عن كرمنا، بل هي مكون ضروري من الاستراتيجية القومية".
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن ترامب جمّد 200 مليون دولار وعد بها تيلرسون لدعم جهود الاستقرار، وطلب من الدول الحليفة، مثل السعودية، تقديم المال لهذه الجهود، لافتة إلى أنه بالحديث عن السعودية، التي طالب ولي عهدها في مقابلة مع مجلة "تايم" الإدارة بعدم سحب القوات من سوريا، فإن ترامب قال: "حسنا، تعلمون، تريدوننا البقاء، فربما وجب عليكم الدفع".
واشنطن بوست: كيف عقّد سقوط عفرين المشهد السوري؟
"وول ستريت" تكشف كواليس مركز عمليات حرب الرياض باليمن
التايمز: هل اقتربت المواجهة بين أمريكا وتركيا بعد عفرين؟