نشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا للكاتب روبرت فيسك، يقول فيه إن تعزيزات للجيش بدأت تتحرك إلى الخطوط الأمامية في ريف دمشق؛ تحضيرا لمعركة قد تكون نسخة عن حصار دوما.
ويقول فيسك: "فكما قبل بعض المقاتلين الوساطة الروسية لمغادرة الغوطة الشرقية قبل أسبوعين، في الوقت الذي أصر فيه آخرون على البقاء حتى النهاية -عندما نشرت صور المدنيين الذين تعرضوا للهجوم بالغاز، التي أدت إلى الهجوم الأمريكي البريطاني الفرنسي الأسبوع الماضي في سوريا- نجحت المفاوضات الحكومية والروسية في إنهاء معركة مخيم اليرموك إلى حد كبير".
ويستدرك الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، بأنه "على طرف المخيم الفلسطيني القديم هناك منطقة تسمى حي القدم، حيث لا يزال يعيش فيها مدنيون، ويرفض مقاتلو تنظيم الدولة مغادرتها، ولذلك يتم إرسال قوات سورية جديدة ومليشيات قوات القدس الفلسطينية للمنطقة؛ تمهيدا لمعركة نهائية إن طالت المفاوضات، فستبدو كلمات ترامب بأنه علّم بشار الأسد درسا أكثر مدعاة للسخرية إن انتشرت صور لمزيد من المدنيين يختنقون بالغاز".
ويشير فيسك إلى أن "إذاعة حكومية أعلنت يوم الأحد عن سقوط 7 قذائف هاون في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، متسببة بمقتل مدني وجرح تسعة آخرين، لكن ما يجعل هذه الساحة خطيرة هو أن الغضب الذي تسببت به المذبحة كان فظيعا، لدرجة أن السلطات السورية لم تكشف عنها، عندما قتل حوالي 120 جنديا سوريا خلال فترة اتفاق هدنة تم ترتيبها مع مقاتلين تابعين لتنظيم الدولة قبل ثلاثة أسابيع، ووقعت المذبحة في 27 آذار/ مارس، عندما دخل 500 جندي خط وقف إطلاق النار في القدم، حيث اعتقدوا أن ذلك كان آمنا، لكنهم حوصروا، وتمكن أكثرهم من الهرب، لكن تم القبض على 116 منهم".
ويلفت الكاتب إلى أنه "تم اقتياد الأسرى، وهم ضباط أمنيون وجنود عاديون، إلى شارع قريب، حيث تم قتلهم جميعا، بعضهم بالرصاص والبعض الآخر قطع رأسه، وقد عتمت وسائل الإعلام الرسمية على المذبحة؛ خشية تأثير تلك الأخبار على عائلات أولئك الأفراد، وظهرت بعض صور المذبحة، وإن كانت ذات نوعية رديئة، على موقع تنظيم الدولة، حيث أظهر التصوير صفا من الجنود بلباسهم العسكري، وبعضهم بخوذهم الحديدية، يقادون إلى شارع، حيث يبدأ القتلة، الذين يلبسون زيا أسود، بقتلهم ببنادق الكلاشنكوف، ويمكن سماع الجنود يصرخون مستغيثين، في الوقت الذي يطلق فيه الرصاص عليهم، ويمكن مشاهدة كومة من الجثث في تصوير آخر خلفهم".
ويفيد فيسك بأن الهلال الأحمر السوري قام بعد ذلك بإخلاء 96 جثة، فيما لم يعرف مصير 30 جنديا، مشيرا إلى أن هذه المذبحة، التي تشبه تلك التي قام بها تنظيم الدولة في تدمر في المسرح الروماني، أغضبت الجيش وعائلات الضحايا.
ويرجح الكاتب أن "تكون هذه المنطقة هي موقع المعركة القادمة في سوريا، ولا يحتوي تصوير تنظيم الدولة، الذي لا يمكن التأكد من تاريخه، على أي صور لمقتل مدنيين، ما يجعل هذه الصور أقل إيلاما من صور النساء والأطفال المختنقين بالغاز في دوما، التي تسببت بغضب دولي".
ويقول فيسك: "السؤال هو إن فشلت محادثات وقف إطلاق النار النهائية في القدم، فهل سيرى العالم ضحايا مدنيين للغاز يموتون نتيجة آلامهم؟ والأهم هو ماذا سيفعل ترامب ورئيسة الوزراء تيريزا ماي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حينها؟ وهل من الضرورة توجيه ضربة صاروخية أخرى؟".
ويجد الكاتب أنه "من الخطر دائما أن نظن أن طرفا أجنبيا سينهي تدخله في حرب؛ لأنه لا يرغب في القيام بعمليات عسكرية إضافية، وهو أمر أصعب عندما تكون تلك الحرب حربا أهلية، وقد يتحمل الجمهور الغربي مغامرة خطيرة واحدة، لكنه لن يتحمل مغامرة أخرى".
وينوه فيسك إلى أن "الحكومة السورية تصر على أن الركام في دمشق كان (مركزا للأبحاث العلمية)، لا علاقة له بالأسلحة النووية، كما أنه تم رفض طلب من صحيفة (إندبندنت) لزيارة الموقع الذي قصف في منطقة البرزة، التي تبعد ميلين عن وسط دمشق، مع أن صورا للبناية تم نشرها في الصحف السورية، وشاهد آلاف الدمشقيين الصواريخ تنير السماء المظلمة، وكذلك نيران المضادات الجوية السورية في الساعات المتأخرة من ليلة السبت، واستمرت الانفجارات لمدة 12 دقيقة، بحسب سبعة شهود مختلفين تحدثت معهم، وقال أحدهم إنه عد 116 صاروخا".
ويبين الكاتب أن "الجيش السوري ركز على إمكانيات طواقم الصواريخ المضادة للطائرات، التي قالت الحكومتان السورية والروسية بأنها أسقطت 71 صاروخا قبل أن تتمكن من وصول هدفها، لكن أمريكا تنكر هذه الادعاءات، وقام الجيش السوري بتجميع أجزاء من الصواريخ الأمريكية المتفجرة، ولم يحاول إخفاء حقيقة أنه سيشارك هذه التفاصيل مع حلفائه روسيا وإيران، بالإضافة إلى أنهم يدعون بشكل غير رسمي أن مضادات الطائرات منعت أمريكا من إصابة 6 أهداف لم تدمر، وهذا ما يمكن أن يشار إليه على أنه قصة من الواضح أنها من نسج الخيال".
ويستدرك فيسك بأن "المعركة القادمة هي التي تشغل السلطات في دمشق، حيث كانت كل من منطقة اليرموك وحي القدم والحجر الأسود إلى ما قبل أسبوعين مسرحا للقتال، وهناك ما يقدر بألفي مقاتل تحت تهديد السلاح، ينتمي حوالي نصفهم لتنظيم الدولة، وهناك مجموعتان إسلاميتان أصغر اتفقتا مع الجيش الروسي لنقل مقاتليهما إلى إدلب، التي أصبح يرسل إليها مقاتلو المعارضة وعائلاتهم كلهم".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "طالت المفاوضات -وفقد السوريون والروس صبرهم- فإن احتمال وقوع دوما أخرى في القدم يصبح أكبر، وعندها ستكون كلمات ترامب (انتهت المهمة) مدعاة للسخرية، كما كان ادعاء بوش الابن عام 2003 بأن مهمة القتال في العراق قد انتهت".
ديلي بيست: يجب ذهاب الأسد لهذه الأسباب يا سيد ترامب
إندبندنت: لماذا لم تستهدف الغارات بشار الأسد؟
فايننشال تايمز: لماذا ينحسر دور أمريكا في الشرق الأوسط؟