تمثل الانتخابات النيابية المقررة في 6 أيار/ مايو المقبل تحديا كبيرا بالنسبة للأطراف السنيّة المشاركة في هذه المعركة وفي مقدمها تيار المستقبل، ولعل الأنظار شاخصة إلى مسرحين انتخابيين استراتيجيين هما: الشمال بمناطقه الثلاث: الضنية، وعكار، وطرابلس، والمسرح الثاني هو بيروت بدوائرها الثلاث خصوصا الثانية منها، التي يخوض فيها رئيس الحكومة سعد الحريري معركة "كسر عظم" مع بروز طامحين يتطلعون لمشاركته في "زعامته السنيّة".
غير أن الإحصائيات تشير إلى أن فوز المستقبل شبه مؤكد من ناحية النسب والمقاعد، لكنه في الوقت عينه لن يكون بعيدا عن خروقات كبيرة في بيروت والشمال بفعل القانون الانتخابي الذي يعتمد النسبية والصوت التفضيلي المرجح للفوز بالمقاعد المتنافس عليها.
وبينما تشهد مناطق في العاصمة مشاحنات واشتباكات وعراكات على خلفية التنافس الانتخابي بين المتنافسين السنة ومناصريهم، يبدو بارزا خروج أسماء وازنة من عباءة الحريري وترشحها للانتخابات خارج قواعده، ومن بينها رئيس نادي الأنصار نبيل بدر الذي أحدث تحديه للحريري من خلال ترشحه شرخا بين مؤيدي النادي الكبير ومناصريه، وأغلبهم معروفون بولائهم لآل الحريري وتيار المستقبل، كما يبرز اسم الصحفي صلاح سلام كمرشح عن أحد المقاعد السنية في دائرة بيروت الثانية بمواجهة لائحة الحريري، وقد رأى سلام في خوضه الانتخابات "توجها نحو تصويب الخيارات التي لم تكن على المنوال الذي يريده أهل بيروت"، وأضاف في تصريحات لـ"عربي21": "ترشيحي ليس ضد الرئيس الحريري وتيار المستقبل، فهناك تسع لوائح تخوض غمار المنافسة، مما يؤكد أن ثمة نخبا ومثقفين قرروا التعبير عن الإحباط الذي يسود الشارع البيروتي بالترشح أملا في إحداث تغيير في الواقع".
خارجون عن الحريري
وانتقد سلام؛ تيار المستقبل من دون أن يسميه واتهمه بأنه يحاول ترهيب الناخبين والمرشحين، فقال: "تقابل دعوات التهدئة وعدم التوتير باستفزازات في الشارع تحمل صورة ترهيبية لا يمكن القبول بها".
وعن أسباب الخروج عن الخط المستقبلي، قال: "اضطررنا أن نعبر عن الحالة الاعتراضية في بيروت عندما لم يصل صوتنا إلى غاياته رغم لقاءاتنا مع الرئيس سعد الحريري"، مشددا على "التمسك بثوابت قوى 14 آذار بالنسبة للحرية والسيادة والاستقلال والحرية والديمقراطية"، مردفا: "متمسكون بمبادئ الشهيد رفيق الحريري المتعلقة بالإنماء والمناصفة في إطار المعادلة الوطنية الوازنة".
وحول حظوظ اللوائح المتنافسة في إحداث خرق للائحة المستقبل، قال سلام: "هناك إجماع لدى مراكز الإحصاء بأن المنافسة ستنحصر بين لوائح أربع، هي المستقبل ولائحة المهندس فؤاد مخزومي، واللائحة المدعومة من حركة أمل حزب الله، ولائحة بيروت كرامتنا التي أشارك بها"، موضحا: "تُرجح المعطيات حدوث تنافس كبير بين اللوائح الأربع وسط صعوبة فوز لائحة معينة بكامل المقاعد، لأن ذلك يتطلب حصولها على 92 بالمئة من أصوات الناخبين، وهذا أمر يبدو متاحا في دوائر أخرى غير أنه يبدو مستحيلا بالنسبة لبيروت".
المستقبل: نرفض التسخين
ومن جهته، قال النائب والمرشح عن المقعد الشيعي على لائحة تيار المستقبل في بيروت الثانية الدكتور غازي يوسف: "هناك تسخين يحدث في الشارع بهدف حرف الأنظار عن المسار الانتخابي الصحيح، فما حدث الخميس من انتشار لمسلحين تابعين لفئة تشارك بالانتخابات (بالإشارة إلى الأحباش)، يراد منه تخفيف من ثقل زيارة الرئيس سعد الحريري إلى منطقة طريق الجديدة قبل أقل من يومين على موعد الانتخابات"، متابعا في تصريحات لـ"عربي21": "هذه الأمور متوقعة لكنها لا ترهبنا وكلنا ثقة بالجيش والقوى الأمنية بالحفاظ على أمن المواطنين وسير العملية الانتخابية، كما نطلب من الجميع ومن بينهم مناصرونا ضبط النفس والتعبير عن مواقفهم وتطلعاتهم في صناديق الاقتراع".
وأقرّ يوسف بأن "المعركة الانتخابية مصيرية ومهمة للغاية لأنها ستحدد معالم المرحلة المقبلة"، منتقدا القانون الانتخابي، قائلا: "يغلب الطابع المذهبي على هذا القانون وهو لا يعبر عن روح النسبية التي يتطلع إليها الجميع".
وتحدث يوسف عن أن تيار المستقبل يحمل "برنامجا إنمائيا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا واضحا يحاكي آمال وتطلعات اللبنانيين"، داعيا الناخبين إلى "الانتخاب من خلال استعراض البرامج الانتخابية".
اقرأ أيضا: انتخابات لبنان.. نشطاء يواجهون أمراء حرب وعائلات قوية
وحول توقعاته من خلال حصيلة الإحصاءات الانتخابية، قال يوسف: "تشير المعطيات إلى حتمية أن تشاركنا بعض اللوائح بمقعدين أو ثلاثة من أصل أحد عشر مقعدا في بيروت الثانية"، داعيا أهالي بيروت إلى "الإقبال على مراكز الاقتراع بكثافة لتعزيز حظوظ تيار المستقبل في حصد أكبر عدد من المقاعد".
وأبدى يوسف تفهمه لما يقول إنها "تحفظات محقة للعديد من أبناء بيروت على القانون الانتخابي"، لافتا إلى أن "عزوفهم عن التصويت سيعزز فرص الأطراف الأخرى، في ظل الأزمة الإقليمية التي تعصف بالمنطقة التي تحمل تأثيراتها إلى لبنان".
وشدد يوسف على أن "اللبنانيين يتعرضون لمحاولة فرض واقع جديد لا يريدونه عبر الزج بهم إلى المحور الإيراني السوري، الذي ترك بصماته السلبية على العديد من دول المنطقة كاليمن والعراق والبحرين".
انتخابات لبنان.. نشطاء يواجهون أمراء حرب وعائلات قوية
"عفو رئاسي خاص" يثير حفيظة أحزاب معارضة في تونس.. لماذا؟
قواعد جديدة لانتخابات لبنان ستبقي الحرس القديم في السلطة