نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمحررها للشؤون الدبلوماسية باتريك وينتور، يكشف فيه عن أن
بريطانيا تبحث عن طرق لتقوية التحالف ضد
روسيا.
ويكشف التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن أن بريطانيا ستقوم باستخدام سلسلة من المؤتمرات الدولية هذا العام، والدعوة إلى استراتيجية لمواجهة حملة التضليل الروسية، وحث الحلفاء لإعادة التفكير في الطرق الدبلوماسية التقليدية التي تقوم للتحاور مع روسيا، خاصة بعد حملة النفي التي قام بها الكرملين بشأن استخدام السلاح الكيماوي في
سوريا والمملكة المتحدة.
ويقول وينتور إن الدبلوماسيين البريطانيين يخططون لاستخدام قمة الدول السبع الكبار وقمة الدول العشرين وقمة الناتو والاتحاد الأوروبي؛ في محاولة لتعميق التحالف ضد روسيا، الذي قامت به وزارة الخارجية بعد تسميم الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال في مدينة
سالزبري في شهر آذار/ مارس.
وتنقل الصحيفة عن مصدر في الحكومة البريطانية، قوله: "تعد وزارة الخارجية رد روسيا على
دوما وسالزبري نقطة تحول، وتعتقد أن هناك دعما دوليا لعمل المزيد"، ويضيف أن "المجالات التي ستتابعها بريطانيا على أكبر احتمال هي حملة التضليل، والبحث عن آلية للمحاسبة ضد استخدام الأسلحة الكيماوية".
ويورد التقرير نقلا عن مسؤول سابق في الخارجية، قوله إن هناك ترددا عميقا لمواجهة روسيا داخل تفكير الدبلوماسية البريطانية، مستدركا بأن هذا كله تبخر بعد تسميم سكريبال وابنته يوليا.
ويفيد الكاتب بأن تحالفا داخل البرلمان تطور، ولم يعد يتعامل مع روسيا من خلال منظور الفساد المالي، بل ينظر إليها على أنها تشكل تهديدا أمنيا وخارجيا، ما يقتضي عقوبات جديدة، حتى لو أدى هذا إلى إلحاق إضرار قصيرة المدى بالاقتصاد البريطاني.
وتشير الصحيفة إلى أن الوزراء يريدون متابعة استراتيجية احتواء لروسيا في اجتماعات قادمة، لبحث الأمن الإلكتروني ووضع الناتو والعقوبات ضد جماعات المصالح المرتبطة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، واتخاذ نهج أكثر شمولية ضد حملات التضليل الروسية.
ويجد التقرير أن تصويت النواب هذا الأسبوع لتسجيل الشركات في الأراضي التابعة لبريطانيا في الخارج، وفرض عقوبات، يعطي بريطانيا مصداقية أخلاقية، ويدفع الدول المترددة للمشاركة في التحالف الدولي.
وينقل وينتور عن مدير برنامج روسيا وأوراسيا في معهد "تشاتام هاوس" في لندن جيمس نيكسي، قوله: "من الصعب إقناع الحلفاء المقربين باتخاذ إجراءات ملموسة تترك آثارا عليهم، دون أن نكون مستعدين لتقديم تضحيات بالاستثمارات الروسية في بلدنا، والالتزام بالمبدأ".
وتبين الصحيفة أنه في محاولة لشرح الأمر إلى وزراء الخارجية، فإن بريطانيا تأمل في إقناعهم بأن إنكار روسيا لما حدث في سالزبري ودوما يكشف عن دولة غير مهتمة بالتعاون والوصول إلى فهم عام للحقيقة، لكن بدلا من ذلك فإنها تستخدم الحادثين لتقسيم الناخبين الأوروبيين، وزرع الشكوك في نفوسهم.
ويورد التقرير نقلا عن أليشا كيرنز، التي أدارت مكتب مكافحة الإرهاب والاتصالات في العراق وسوريا، قولها إن روسيا تظهر بصفتها حالة نادرة لاستعدادها إخفاء الحقيقة، وتضيف: "عندما نتعامل مع دول خبيثة، وحتى جماعات إرهابية، فإننا نتوقع زيادة عنصر الحقيقة أو الفعالية في عمليات التضليل التي تقوم بها، لكن مع روسيا فلا يوجد التزام أو اتباع للحقيقة"، وتتابع قائلة: "مثلا، أكدت روسيا في أول عشرة أيام من وجودها في سوريا، ومن خلال حملة دعائية واسعة، أن طائراتها تقوم بضرب مواقع تنظيم الدولة، وهذا لم يكن صحيحا بتاتا".
وينقل الكاتب عن نقاد روسيا، قولهم إنه في حالة تلو أخرى، من ضرب الطائرة الماليزية "أم أتش17" عام 2014، ودور القوات الروسية داخل أوكرانيا، واغتيال العميل الروسي ألكسندر ليتفينكو على الأرض البريطانية، واستخدام الحكومة السورية السلاح الكيماوي، وعرقلة الجهود الغربية في البلقان، والحملات الإلكترونية المتزايدة، فإن الغرب وجد نفسه وهو يتناقش مع روسيا، ليس فقط حول الأيديولوجية أو المصالح، لكن أيضا حول إنكار موسكو أو مساءلة ما تراه الدول الغربية حقائق لا أحد يجادل في صحتها.
وتورد الصحيفة نقلا عن رئيس اللجنة المختارة للشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني توم تونيغيت، قوله: "يخوض بوتين حربا معلوماتية مصممة لأن تجعل أكبر رصيد نملكه، وهو حرية التعبير، ضدنا، وتريد روسيا التعامل معنا من خلال الخداع"، مشيرا إلى أن بوتين لن يستجيب إلا عندما تقف الدول ضده.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن البعض يرى أن هذا تعبير عن حالة "رهاب من الروس"، فهناك خلاف حول ما تعنيه الحقيقة على المسرح الدولي، فالدبلوماسيون ما هم إلا "رجال طيبون أرسلوا إلى الخارج للكذب نيابة عن بلدانهم".