ما أن أعلنت
تركيا عن قرب استكمال نقاط المراقبة الـ12 المتفق عليها في
إدلب في إطار اتفاق مناطق "خفض التصعيد"، حتى بدأت التكهنات حول احتمال أن تنتقل إدلب من منطقة "خفض تصعيد" إلى منطقة وقف إطلاق نار شامل، على غرار منطقة "درع الفرات" شمال حلب.
وفيما بدت الطريق ممهدة إلى تحول هذه التكهنات إلى واقع، لا سيما مع اعتبار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن "الانتهاء من إنشاء آخر نقطتي مراقبة ستكون تركيا قد أنهت المشاكل الموجودة في إدلب إلى حد كبير"، أشار محللون إلى وجود بعض العراقيل التي تحول دون ذلك، وفي مقدمتها وجود "هيئة تحرير الشام" المصنفة عالميا على قائمة الإرهاب، إلى جانب عدم حسم مستقبل مدينة جسر الشغور التي لا زالت محط أنظار روسيا والنظام.
وعقب اختتام محادثات "أستانا 9"، قال ألكسندر لافرنتييف، مبعوث الرئيس الروسي إلى سورية، الثلاثاء، إن "تحويل منطقتي خفض تصعيد (إدلب ودرعا) لمناطق آمنة أمر واعد ومطلوب في سورية، سواء بالشمال أو المناطق الأخرى بالجنوب".
وأضاف: "نأمل أن يساعد نشر المراقبين الأتراك في نقاط المراقبة بإدلب في استقرار الوضع، وعدم حدوث أعمال عدائية".
فهل سيغلق مجال إدلب الجوي أمام المقاتلات الحربية التي تشن هجمات من حين لآخر على مناطق في المدينة وريفها، أم أن الوقت لم يحن بعد؟
من جهته، رأى الخبير في العلاقات الروسية التركية، الدكتور باسل الحاج جاسم، أن إعلان إدلب منطقة وقف إطلاق نار شامل، مرتبط بإعلانها مدينة خالية من أي تواجد لقوى مصنفة بأنها إرهابية، سواء على القوائم الروسية أو الأمريكية أو الدولية.
وأوضح في حديثه لـ"
عربي21"، أن "كل طرف دولي سيجعل من المنظمات المصنفة بالإرهابية في إدلب هدفا له ولو كانت هذه المنظمات عبارة عن مجموعات عسكرية صغيرة، وتركيا تدرك هذه الحقيقة جيدا".
وعن كواليس ما تم بحثه في محادثات أستانا الأخيرة بخصوص إدلب، قال الحاج جاسم المتواجد هناك: "التصريحات الروسية المعلنة من الجانب الروسي عن تعويل موسكو على دور أنقرة في جعل إدلب منطقة مستقرة، يشير بوضوح إلى أن تفاهمات غير معلنة تم التوافق عليها بخصوص إدلب".
وأضاف: "لكن المشهد على أرض إدلب يؤكد أن الوقت ما زال باكرا على إعلانها منطقة آمنة، لا سيما وأن تركيا لم تظهر أي توجهات سياسية أو عسكرية جديدة للتعامل مع الوضع داخل إدلب الذي يرزح تحت فوضى السلاح".
ووافق الكاتب والمحلل السياسي أحمد كامل، الحاج جاسم فيما ذهب إليه من عرقلة وجود الجماعات المصنفة بـ"الإرهابية" لإعلان إدلب منطقة آمنة، منوها إلى سبب آخر، وهو عدم حسم مصير مدينة جسر الشغور.
وأوضح لـ"
عربي21" أن "النظام يتطلع إلى السيطرة على خان شيخون الخاضعة لسيطرة المعارضة ذات الموقع الاستراتيجي التي تعتبر بوابة إدلب إلى المناطق الساحلية السورية الموالية له".
وفي الشأن ذاته، أشار كامل إلى تطلع الشعب السوري الذي يقطن الشمال السوري إلى إعلان إدلب منطقة آمنة، ودمجها بمنطقة عفرين ودرع الفرات، مبينا أن هذا المطلب كان من أولى المطالب الشعبية التي نادى بها الثوار.
وفي تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي أعلن
الجيش التركي أنه بدأ بإقامة نقاط مراقبة بإدلب في إطار اتفاق أبرم في أيلول/سبتمبر من نفس العام مع روسيا وإيران في أستانا عاصمة كازاخستان.