قالت مصادر متابعة للتطورات السياسية في الجنوب السوري لـ"عربي21" إن التصعيد العسكري المحدود، الذي قامت به قوات النظام، خلال اليومين الماضيين، على نقاط عدة من خطوط التماس، "لم تكن بموافقة روسيا، التي لم تنجح في التوصل بعد إلى تسوية سياسية مع الأطراف الفاعلة الأخرى".
ونفت ذات المصادر وجود اتفاق دولي على تسليم الجنوب للنظام السوري المدعوم من روسيا، مشيرة إلى تمسك الأردن والولايات المتحدة باتفاق "خفض التصعيد"، ورغبتهما في تطويره عبر تمكين الاستقرار بإدارة محلية لا يشرف عليها النظام السوري.
وسجل ريف المحافظة عمليات نزوح لمئات العائلات من الحارّة وعقربا والمال والطيحة وكفر شمس غرب درعا جراء عمليات القصف الجوي والمدفعي التي قام بها النظام الذي لا زال يواصل استقدام التعزيزات العسكرية، ما ينذر بتصعيد عسكري قادم، وأمام ذلك، هل ستساند روسيا وتحديدا مقاتلاتها قوات النظام، أم أن التداعيات السلبية للمعركة ستمنعها من المشاركة؟.
وخلافا لما يعكسه المشهد التصعيدي، يميل الكاتب الصحفي المختص بالشأن الروسي، طه عبد الواحد، إلى الاعتقاد بأنه لن تكون هناك معركة في منطقة خفض التصعيد جنوب سوريا، ستشارك فيها القوات الروسية.
اقرأ أيضا: قيادي بالمعارضة يهدد قوات الأسد والحلفاء إذا هاجمت الجنوب
لكنه استدرك بالقول في حديث لـ"عربي21": "لكن في حال تم الاتفاق على الأمر بين موسكو وتل أبيب بصورة رئيسية، وكذلك بين موسكو عمان، والأهم بين موسكو وواشنطن، فإن المعركة قادمة".
هل ستشارك روسيا؟
وعن ذلك، يوضح عبد الواحد، أنه في حال قرر النظام المغامرة وشن العملية العسكرية هناك دون دعم عسكري روسي، فهو مهدد بالخسارة أمام المعارضة، وفي وضع كهذا ستضطر موسكو للتورط في المعركة لأن خسارة النظام تعني خسارتها عسكريا وسياسيا لهذه "الجولة" السورية.
وأضاف، أن "عدم المشاركة الروسية سيكون في البداية ضمن التصريح السياسي لا أكثر، لكن إن بدأت المواجهات على شكل واسع فإن موسكو لن تقف جانبا، وهي ستتدخل بداية إما للضغط على النظام كي يوقف العملية، وبحال رفض النظام فستتدخل عسكريا لمحاولة تحقيق تقدم ولو بسيط يُحسب للنظام بغية إقناعه بوقف العملية لاحقا دون الاستمرار حتى النهاية".
وقال عبد الواحد إن: "الموقف الروسي معقد بالنسبة للوضع في الجنوب، فهناك التزامات أمام تل أبيب، وهناك أمر سيواجهه الروس وهو احتمال دخول إسرائيل على خط المعارك في الجنوب، للحيلولة دون اقتراب إيران والميليشيات الطائفية".
وبناء على كل ما سبق، رأى أن موسكو "لن تمضي في معركة عسكرية تدرك أنها ستجرها بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى مواجهة عسكرية أو صدام سياسي حاد مع تل أبيب، وكذلك لا ننسى أن ترتيبات الوضع في المنطقة خاضع لاتفاق أميركي-روسي".
اقرأ أيضا: وصول قوات روسية لدرعا مع تعزيزات "ضخمة" للنظام
ولفت إلى أن "أي عمل عسكري تشارك فيه روسيا سيمثل انتهاكا للتفاهمات مع الأميركيين وستكون له تداعيات سلبية، ولا أعتقد أن موسكو تحتاجها اليوم".
المشاركة رهن التوافقات
الباحث في الشؤون التركية الروسية، الدكتور باسل الحاج جاسم، اعتبر بدوره أن "المشاركة الروسية مرهونة بالتوافقات المعلنة مع واشنطن وعمان، والتوافقات غير المعلنة مع تل أبيب".
وفي حديثه لـ"عربي21" ذكر أنه "من الصعب الاعتقاد أن تبدأ معركة هناك بدون موافقة روسية"، مضيفا "سبق وأعلنت إسرائيل موافقتها على عودة سيطرة النظام على الحدود الجنوبية شرط إبعاد إيران و ميليشياتها".
وفي السياق ذاته، رأى الحاج جاسم أنه "قد يكون الهدف من أي عمل عسكري في الجنوب، استدراج إسرائيل للتوغل في الأراضي السورية و على عمق معين"، مضيفا "بذلك يحصل توازن ما بين الشمال والجنوب".
وأنهى بالقول: إن "المعركة في الجنوب أساسا لن تبدأ إلا بعد حدوث توافقات إقليمية- دولية و ربما غير معلنة، لأن ما يميز جبهة الجنوب عن باقي المناطق، هو العامل الإسرائيلي، و معروف أن أمن إسرائيل أولوية روسية- أميركية، وبدء أي معركة هناك يعني أن صفقة ما حصلت"، كما قال.
اقرأ أيضا: اتصالات أردنية بروسيا وأمريكا لضمان عدم تفجر جنوب سوريا
يذكر أن الولايات المتحدة، حذرت الأسبوع الماضي من أنها ستتخذ إجراءات "حازمة وملائمة" ردا على انتهاكات الحكومة لمنطقة "خفض التصعيد" في جنوب غرب سوريا، فيما تطالب إسرائيل بإبعاد القوات الإيرانية والقوات التي تدعمها إيران مثل حزب الله اللبناني عن حدود الجولان وإخراجها من سوريا.
هكذا قرأ محللون دلالات زيارة نتنياهو المفاجئة للأردن
هل تمنع تحضيرات واستعدادات فصائل الجنوب السوري الحرب؟
ما العوامل التي هيأت لتنظيم الدولة التقدم في البوكمال؟