شنت صحيفة "أوبزيرفر" في افتتاحيتها هجوما عنيفا على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فيما يخص تعامله مع ملفات المهاجرين غير الشرعيين.
وتشير الافتتاحية، التي ترجمتها "عربي21"، إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام الأمريكية والغربية، اشتعلت بالانتقادات الحادة لترامب وسياسته ومعاييره الإنسانية، مباشرة بعد إصداره ذلك القرار القاضي بفصل أطفال المهاجرين عن أسرهم.
وتقول الصحيفة إن "الصادم في هذا الموضوع ليس مضمون سياسة ترامب التي نصت على فصل الأطفال عن أسرهم، وما في ذلك من انتهاك لحقوق الإنسان، بحسب معايير الأمم المتحدة وما يرمز له ذلك من تصرف لا إنساني، كما أن الصادم ليس أيضا العار الذي جلبه القرار على ترامب والإدارة الأمريكية والولايات المتحدة بأسرها، لكن الصادم هو أن ترامب لم يفهم ماذا فعل ليثير الناس ويستفزهم إلى هذا الحد".
وتتساءل الافتتاحية: "هل كان هناك رئيس أمريكي يتسم بانعدام الإنسانية إلى هذا الحد؟ إن تعليق ترامب لقراراته بشكل مؤقت يمنح الناس فرصة لالتقاط الأنفاس، لكنه لا يحل مشكلة أكثر من ألفي طفل يقيمون في معسكرات وأقفاص حديدية بعيدا عن أسرهم".
وتطرح الصحيفة سؤالا آخر قائلة: "هل ستؤثر هذه الفضيحة على فترة ترامب الرئاسية؟"، مشيرة إلى أن منتقدي سياسات ترامب يجيبون على هذا السؤال "بتأثير كاترينا" على فترة رئاسة جورج بوش الابن الثانية، وهو التأثير الذي دمر سمعته وسمعة إدارته بعد التعامل السيئ مع إعصار كاترينا عام 2005.
وترى الافتتاحية أن "ترامب يمارس سياسات متهورة وحمقاء مدة عام ونصف، تركت تأثيرا كبيرا على صورة الولايات المتحدة وسمعتها في العالم، لن يكون من السهل محوه".
وتلفت الصحيفة إلى أن رئيس الكنيسة الأسقفية الأمريكية الأسقف مايكل كاري، كتب يقول إن لا مبرر للوحشية، خاصة في بلد يطمح لأن يكون مثالا للقيادة العالمية، ويضيف أن "العائلات التي تقوم برحلات خطيرة وغير آمنة للبحث عن ملجأ في أمريكا هي يائسة.. ولا يمكنك منع الناس الهاربين من أجل الحفاظ على حياتهم، ويجب أن نقابل هؤلاء الناس بالرحمة".
وتعلق الافتتاحية قائلة إن "ملايين الأمريكيين يوافقون الأسقف على كلامه، وقد قدم ردهم على ما يصفها الأسقف كاري (لحظة عار الأمة) موقفا مخالفا لتصرف الرئيس اللا أخلاقي، فالمواقف المتسامحة والسخية تضعف الصورة عن بلد قبيح وأناني، ولا يهتم إلا بنفسه، التي تطورت في ظل ترامب والحزب القبيح الذي يمثله".
وتقول الصحيفة إن "الأمريكيين، معظمهم، أفضل من ترامب، الذي تخلى عن مسؤوليته، ويقوم بحرف المسؤولية عن نفسه للآخرين، ويمثل أسوأ ما في الطبيعة الإنسانية".
وتتساءل الافتتاحية عما إذا تركت هذه الفضيحة التي لم تنته أثرا على رئاسته، وتجيب قائلة إن النقاد يصفون الفضيحة بأنها "لحظة كاترينا"، في إشارة إلى الدمار الذي حصل لسمعة جورج دبليو بوش، الذي لم يتحرك لمواجهة إعصار كاترينا في ولاية نيو أورليانز عام 2005.
وتفيد الصحيفة بأنه "بالنسبة للبعض، فإن لحظة ترامب الأخيرة هي ذروة 18 شهرا من الحكم الواهن الذي كان دون رؤية، أضعف فيه موقف الولايات المتحدة في العالم، فقد أضعف تحالفات الولايات المتحدة القديمة، وقوّى الديكتاتوريين، وقسم بين الأمريكيين بناء على الخطوط العرقية والثقافية، وهناك رابطة واحدة تربط ما بين شارلوتسفيل وفرجينيا وبراونزفيل وتكساس".
وتبين الافتتاحية أن "لا أحد يقلل من خطورة المشكلة، وقد تكون نقطة تحول بالنسبة لترامب الذي تعامل معها بطريقة مخجلة، وبطريقة ما فقد جلب الغضب منافع خفية، وأثر مأزق الأطفال اللاجئين على الأطفال الآخرين في أنحاء متفرقة من العالم، وقال مفوض الأمم المتحدة للاجئين الدكتور فيلبو غراندي، في يوم اللاجئين العالمي، إن حماية الأطفال هو (امتحان لإنسانيتنا المشتركة)، وهناك حوالي 174 ألف لاجئ وطالب لجوء سياسي انفصلوا عن عائلاتهم، أو أجبروا على الهروب وحدهم".
وتنوه الصحيفة إلى أن "أزمات لم تحل بعد، في سوريا وأفغانستان واليمن وأرتيريا وليبيا وجنوب السودان، تنتج أجيالا من الأطفال الذين لم يعرفوا سوى الحرب، أطفال يعانون الصدمة والانتهاكات التي لا يمكن تخيلها، وأضف إليهم الأعداد التي لا تحصى من ضحايا التحطم الاجتماعي في البلدان الفقيرة، مثل فنزويلا ودول أمريكا الوسطى كلها، وتتحمل الدول الغربية الغنية مسؤولية مباشرة، سواء بسبب السياسات الخارجية ذات النزعة العسكرية، أو الشهوة للمخدرات، أو العمالة الرخيصة، فهي ليست مشكلة ترامب فقط، لكن على هذه الدول المساهمة في التخلص منها".
وتقول الافتتاحية إنه "في الوقت الذي تنتقد فيه الدول الأوروبية قسوة الحكومة الأمريكية، إلا أنها ستلتقي اليوم لترتيب البيت الأوروبي، وتقديم رؤية واضحة حول الهجرة، وعلينا أن نتذكر موقف الرأي العام الدولي في أيلول/ سبتمبر 2015، وصورة الطفل الغريق في يدي شرطي تركي، وكان واحدا من 12 سوريا ماتوا غرقا وهم يحاولون الوصول إلى جزيرة كوس اليونانية، ومع أن عدد المهاجرين قد انخفض منذ ذلك الوقت، وكذلك الوفيات في محاولة الوصول للشواطئ الأوروبية، إلا أن الفشل الأوروبي المزمن, الذي يشبه فشل الولايات المتحدة في التعبير عن خطة إنسانية مجمع عليها، قد زاد".
وتختم "أوبزيرفر" افتتاحيتها بالقول: "لا توجد هناك أجوبة بسيطة على الوضع، لكن ما هو واضح، وما لا يجب على الحكومات تجنب فعله هو ألا تسجن الأطفال، ويجب ألا تعامل طالبي اللجوء على أنهم مجرمون، ويجب عدم إنكار الدور الذي تؤديه سياساتهم في الأزمة، ويجب أن يعلموا أنه من غير المقبول استغلال سياسي لموضوع الهجرة ليسوق لسياساته المعادية للأجانب والقومية".
فورين بوليسي: هل سيُخدع كيم مثل القذافي؟
واشنطن بوست: لا عجب إن تكررت جرائم بورما ضد الإنسانية
ناشونال إنترست: هذه الخطوات الثلاث لجر أمريكا إلى حرب