نشر موقع "بلومبيرغ" مقالا للكاتب زيف شافيتس، عن خطة الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب للسلام في الشرق الأوسط، التي أوكل أمرها لمستشاره وصهره جارد
كوشنر، الذي أنهى الأسبوع الماضي زيارة للمنطقة.
ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن كوشنر تجنب تقديم تفاصيل عن الخطة، قائلا إنه لا حاجة لذلك، حيث وضح كوشنر موقفه في مقابلة مع صحيفة "القدس"
الفلسطينية، وقال للقارئ الفلسطيني إن "العالم تقدم للأمام وبقينا في الخلف.. لا تسمحوا لنزاع أجدادكم أن يحدد مستقبل أبنائكم".
ويلفت شافيتس إلى أنه بعبارات أخرى، فإنه قال إن الحرب ضد الدولة اليهودية قد انتهت، وقد خسرتم وعليكم التعايش مع الوضع، مشيرا إلى أن كوشنر تجاهل القضايا الفلسطينية التقليدية، حق العودة والسيادة الكاملة، بما في ذلك السيادة على القدس الشرقية، ووقف الاستيطان في الضفة الغربية، واعتبرها مجرد "نقاط للحوار" في نزاع لا نهائي.
ويفيد الكاتب بأن كوشنر وصف فلسطين في ظل محمود عباس بأنها معارضة، وقال: "سنعلن عن خطة السلام وستعجب الفلسطينيين؛ لأنها ستقود إلى فرص جديدة لهم، وستوفر لهم حياة أفضل".
ويجد شافيتس أن كوشنر يفترض أن الأجيال الفلسطينية الجديدة ستغلب مصالحها المادية الخاصة على الدوغما أو الأيديولوجية المعادية للصهيونية، وتقبل بخطة السلام مع
إسرائيل، التي تمنحها السيطرة على الأماكن الإسلامية في القدس، وسيادة محدودة في الضفة الغربية، وتطورا اقتصاديا في القطاعين العام والخاص.
وينوه الكاتب إلى أن "كوشنر يصف الخطة بأنها فرصة للفلسطينيين الذين تم تجاهلهم ولعقود؛ من أجل (القفز للعصر الصناعي، ودمجهم في النظام البيئي لوادي السيلكون في الشرق الأوسط، إسرائيل)، ويعتقد كوشنر أن الجيل الفلسطيني الجديد المتحرك، الذي ينظر للأمام، قد ينتهز الفرصة ويقفز، وهذا ليس سهلا، فالأمر مثل مواجهة ديكتاتور بعيد، مثل المصريين أثناء الربيع العربي، لكنه سيكون أكثر شخصية ورفضا للكبار والأقارب والشتات والسرد المتفق عليه وطنيا".
ويستدرك شافيتس بأن هناك ملامح للتفاؤل، منها عدم انفجار الضفة الغربية، كما توقع البعض بعد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، لافتا إلى أن السبب الثاني هو رغبة الفلسطينيين للعمل بسلام داخل إسرائيل.
ويذكر الموقع الحكومة الإسرائيلية أعلنت في أثناء زيارة كوشنر أنها ستمنح 7500 إذن عمل للمقيمين في الضفة الغربية، التي تصل فيها نسبة البطالة إلى 20%، حيث جاء هذا القرار بناء على اعتقاد أنهم لن يشكلوا خطرا أمنيا، مشيرا إلى أن هذا التقييم ينبع من حقيقة وجود 100 ألف أو أكثر يعملون في داخل إسرائيل.
ويعلق الكاتب قائلا إن "الازدهار الذي يتحدث عنه كوشنر لا علاقة له بتوفير العمالة في تل أبيب، لكنه يعتمد على قدرة إدارة ترامب على تقديم منافع اقتصادية وسريعة، وكلام كهذا يدعو للشك".
ويبين شافيتس أنه "بعد اتفاق أوسلو عام 1993، جرى الحديث عن الاستثمارات الدولية في الاقتصاد الفلسطيني، إلا أن الانتفاضة الثانية عام 2000 خففت من حدة هذا الكلام، وكذلك الفساد المستشري داخل النخبة الحاكمة والبيروقراطية، بالإضافة إلى أنه لم يتم الترحيب برجال الأعمال الإسرائيليين؛ خشية الاتهام بالعمالة، وربما تغير هذا كله، ويجب أن تقدم خطة ترامب (السلام خلال الازدهار) نتائج".
ويستدرك الكاتب بأن "الخطة التي تعمل عليها إدارة ترامب يقال عنها الكثير، بدءا من موقف ترامب، الذي أكد تحيزه مع إسرائيل التي ينظر للأمور من خلالها، فلو رفضت القيادة الفلسطينية الخطة ولم يتقدم أحد لتبنيها فهذه مشكلتهم، وفي حال اختفى الشريك الفلسطيني فسيترك ترامب لإسرائيل فرض الصفقة التي تريدها على الضفة الغربية".
ويرى شافيتس أن "هذه ورقة ضغط خطيرة، فلم يعد الفلسطينيون يعتمدون على دعم الحكومات العربية، وأصبح دعم السعودية ودول الخليج ومصر والأردن مجرد كلام، وتعتمد هذه الدول على الولايات المتحدة لحمايتها من تنظيم الدولة وإيران، وتفهم طبيعة ترامب التعاقدية، الذي لا يؤمن بحكمة وزارة الخارجية حول ضرورة مراضاة العرب، وبالنسبة له فإن على العرب مراضاته، وهذا يعني مساعدته للحصول على
صفقة القرن في الشرق الأوسط".
ويذهب الكاتب إلى أن "ترامب لن يقبل منهم أي مبررات مرتبطة بكراهية الشارع لإسرائيل، وإن لم تستطع هذه الدول المساعدة، فما الفائدة منها؟".
ويختم شافيتس مقاله بالقول إن "هذه السياسة مختلفة عن أي شيء اقترحته أمريكا من قبل، وتقوم على فكرة أن الفلسطينيين يريدون حياة أفضل وليس الانتقام ووجود جيل عاجز جديد، وربما كان ترامب ساذجا للتفكير بهذه الطريقة، وقد تكون خطته مجرد مناشدة غليظة لإسعاد الذات، وقد يكون محقا، لكن ما يهم هو الخطوة المقبلة".