أثارت الاتهامات التي أطلقها رئيس حزب تحالف القوى الوطنية الليبي، محمود جبريل حول وجود تزوير في الأرقام الوطنية في البلاد، تساؤلات عدة عن دقة وأهداف وتوقيت هذه التصريحات قبيل الانتخابات المرتقبة.
وقال جبريل إن "هناك تزويرا واسع النطاق يتعلق بالرقم الوطني في البلاد، وأن "هذا الأمر يعرض نزاهة الانتخابات للخطر، وسيمنح أي حزب خاسر ذريعة للتشكيك في النتائج، داعيا إلى تحقيق شامل في هذه المخالفات"، وفق تصريحات لـ"رويترز".
"مسلحون أجانب"
وأكد جبريل، وهو وزير سابق في عهد القذافي، أن "معلوماته مطابقة لمصادر داخل مصلحة الأحوال المدنية وأنه بدأ تلاعبا كبيرا وتزويرا في سجلات الأرقام الوطنية خلال عامي 2016 و2017، مضيفا: هذا يشكل تهديدا للأمن القومي لأن تلك الأرقام المزورة وجوازات السفر يمكن بيعها لمسلحين أجانب"، وفق كلامه.
اقرأ أيضا: برلمان أوروبا يبحث في ليبيا ملفات النفط والانتخابات والهجرة
وتابع: "نحن لا نعارض إجراء الانتخابات، لكن نريد تلك الانتخابات أن تكون شفافة ومبنية على أسس تقنية صلبة جدا"، حسب تعبيره.
أين الأدلة؟
في المقابل، نفت مصلحة الأحوال المدنية وجود تزوير في الأرقام الوطنية، مطالبة من لديه مزاعم عن عمليات تزوير أن يتقدم إلى الجهات المختصة، داعية "الجميع إلى تحمل مسؤولياتهم كاملة وأن لا يتم إطلاق التهم جزافا، في إشارة إلى جبريل"، وفق بيان رسمي للمصلحة.
وأكدت المصلحة أن "الهوية والجنسية الليبية وقاعدة بيانات السجل المدني والرقم الوطني الورقي والإلكتروني في أيد وطنية أمينة"، حسب وصفها.
وهنا السؤال: ما أهداف محمود جبريل من هذه الاتهامات في هذا التوقيت؟ وكيف يصرح بذلك دون أدلة حقيقية معه وهو رئيس حزب سيشارك في الانتخابات المرتقبة؟
"فرقعة وتصريحات غريبة"
من جهته، وصف رئيس حزب الجبهة الوطنية الليبي، عبدالله الرفادي "تصريحات جبريل بأنها مجرد فرقعات و"إكلاشيهات" إعلامية لا تقدم ولا تؤخر، في محاولة فقط لجذب الأنظار"، وفق تصريحه لـ"عربي21".
وقال الكاتب الصحفي الليبي، عبد الله الكبير "تعودنا على التصريحات الغريبة من "جبريل"، ونتذكر في أيام الثورة الليبية لما قال أن "القذافي موجود بجنوب ليبيا مع قوات عسكرية ويستعد للعودة إلى طرابلس، وهو ما ثبت كذبه فيما بعد".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "أما بخصوص تصريحاته حول تزوير الأرقام الوطنية لا يمكن قبولها من دون دليل، وهي تأتي في إطار رغبته في العودة للمشهد السياسي والاستعداد للانتخابات، غير أن البداية بهذا التشكيك ليست موفقة ولن تمنحه الشعبية الكبيرة التي كان يتمتع بها سابقا"، حسب تقديره.
"تزوير حقيقي"
لكن عضو الهيئة العليا لحزب "تحالف القوى الوطنية" الليبي، عاطف شقلوف أكد من جانبه أن "هناك تزويرا حقيقيا في منظومة الرقم الوطني، وأن الرئيس (جبريل) عنده أدلة حقيقية ودامغة حول ذلك، كون المنظومة الحقيقية لم تسلم لحكومة "السراج"، والتزوير حدث منذ بداية 2016".
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أنه "مع وجود هذا التزوير يوجد خطر كبير فعلا على العملية الانتخابية، والتي تعتبر قضية أمن قومي"، حسب وصفه.
وفي رده على سؤال حول انسحابهم من الانتخابات حال تأكدوا من هذا "التزوير"، قال: "هناك اتفاق دولي على إلغاء فكرة الانتخابات الآن والاكتفاء بتعديل الاتفاق السياسي، وبكل صراحة لن تجرى انتخابات الآن"، وفق كلامه.
"تحقيق فني"
وأشار رئيس اللجنة المركزية للانتخابات البلدية في ليبيا، عثمان قاجيجيقاجيجي إلى أنه "على مصلحة الأحوال المدنية التحقق من هذه الإدعاءات، وتقوم بضبط الإجراءات وتشكيل لجان للمراجعة والتعديلات الإضافية موضوع النقد".
وحول أهداف "جبريل" من هذه التصريحات قبيل الانتخابات المرتقبة، قال قاجيجي:" لا أعلم الأهداف، لكن المهم أن هذا الموضوع يجب معالجته بطرق علمية وفنية، حيث أنه يتداخل مع نزاهة ومصداقية العملية الانتخابية وقد يؤثر على النتائج"، حسب رأيه.
اقرأ أيضا: ما صحة اعتقال قوات حفتر لنساء في درنة وكيف سترد القبائل؟
إثارة "رأي عام"
وأوضح الإعلامي الليبي، محمد علي أن "تصريح رئيس التحالف يفهم ببعدين، الأول: إثارة ملف مثل هذا قد يسلط الضوء على التحالف الذي بات دوره لا يذكر أمام التطورات الحاصلة والمتسارعة، والثاني: أنه فعلا التزوير حقيقي، وأن تسارع "جبريل" في إعلانه لإثارة "رأي عام".
وتابع: "وقد يهدف ذلك أيضا إلى التشكيك حتى في بيانات المواطنين لدى المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، لكن فقدان الدليل الدامغ والظهور بمجرد معلومات هكذا دون الاستناد لأي وثائق يجعل من قول "جبريل" مجرد كلام يفتقد للإثباتات"، وفق قوله.
لكن المحلل السياسي الليبي، خالد الغول قال: "كان يجب على "جبريل" أن يطالب الأجهزة المختصة بالتحقيق والتثبت، ولا يخرج هكذا ليجزم بوجود تزوير"، مضيفا:" لكن طريقة الممارسة السياسية في ليبيا تعتمد على الإشاعات، و"جبريل" يستخدم هذا الأسلوب دائما لإرباك المشهد الليبي وتعقيده"، وفق تصريحه لـ"عربي21".
الكشف عن شحنة أسلحة روسية لـ"حفتر".. هل سيرد مجلس الأمن؟
غياب النخب عن قيادة الثورات العربية.. هل أفضى إلى فشلها؟
تحذيرات أممية من تدخل عسكري خارجي في ليبيا