نقلت صحيفة "ديلي تلغراف" جزءا من رسالة كتبها مقاتل في الجيش السوري الحر ورد فيها ما يأتي: "انتهى كل شيء. لقد انتهينا، لقد تخلوا عن سوريا".
معاوية صياصنة كان واحدا من الأطفال الذين أشعلوا الثورة السورية عام 2011 بكتاباتهم على الجدران.
معاوية تعهد بالقتال حتى النصر أو الشهادة، لكنه يحضّر الآن للهزيمة.
وجاء في تقرير الصحيفة الذي ترجمته "عربي21"، أن المعارضة في جنوب غرب سوريا وافقت نهاية الأسبوع على اتفاق استسلام مع حكومة دمشق وحلفائها الروس. وبدأ جيش النظام بمحاصرة مدينة درعا، ومن المتوقع أن يسيطر عليها بشكل كامل.
إقرأ أيضا: اجتماع لنظام الأسد ومجلس منبج العسكري بحلب.. ما أهدافه؟
وتقول الصحيفة إن نهاية مهد الثورة السورية ضد الرئيس الأسد، وآخر معاقل الجيش السوري الحر تمثل ضرب قوية للمعارضة.
وقال الشاب (معاوية) البالغ من العمر 23 عاما متهما المعارضة ببيع الثورة: "نحن قلقون، فقد تم تسليم كل البلد، وليس بيدنا حيلة رغم توفر السلاح، فقد حصل قادة المعارضة على الشيكات".
وبدأت الثورة باعتقال صياصنة وزملائه في المدرسة وتعذيبهم بسبب عمل يعتبر من شقاوات الصبية في درعا، وأدى اعتقالهم إلى تظاهرات فتحت الباب أمام سلسلة من الأحداث التي هزت العالم حتى اليوم.
وتعتبر الهزيمة في مهبط رأس صياصنة نهاية سبعة أعوام ونصف من المعركة التي كلفته كل شيء، إذ ترك المدرسة وكان عمره 15 عاما وأصبح ناشطا مع تطور الانتفاضة، لكنه لم يحمل السلاح إلا بعد مقتل والده؛ المهندس الزراعي المتقاعد، حيث أصابته قذيفة هاون عندما كان في طريقه إلى المسجد صيف عام 2013.
في ذلك اليوم قرر الانضمام إلى الجيش السوري الحر الذي أسسه ضباط وجنود انشقوا عن النظام. وقتل عدد من أصدقائه في القتال أو عذبوا حتى الموت في سجون الأسد، فيما هرب الآخرون إلى الخارج.
وكان بإمكان صياصنة الهروب مثلهم، لكنه شعر أن ذلك خيانة للبلاد وللكفاح من أجل الحرية. وقال: "لم أعرف شيئا غير الحرب. كنت فخورا في البداية بالقتال من أجل القضية. أما الآن فمن الصعب الشعور بذلك".
إقرأ أيضا: هل يتكرر سيناريو الجنوب السوري في البادية الشرقية؟
وحتى هذا الأسبوع كان يعتقد أنه سيقاتل حتى النهاية: "أفضّل الموت على المصالحة" مع النظام، إلا أن قادته الذين اندفعوا بالبراغماتية التي دفعت الآخرين وجدوا أنفسهم أمام قوة للنظام لا يمكن الوقوف أمامها، لكنهم وافقوا على نهاية مختلفة، حيث وافقوا على تسليم السلاح والعيش في ظل النظام.
ومن لا يريد العيش فسيتم ترحيله إلى مناطق المعارضة في شمال البلاد. ويخشى صياصنة المطلوب من الحكومة أن لا يُسمح له بالخروج في حال قرر الذهاب إلى الشمال.
وقال: "أنا حالة خاصة لأنني كنت طفل الثورة، وأنا متأكد من أن الروس سيسلمونني للنظام"، مضيفا أن "مصيري غير معروف، ولا أعرف ماذا أفعل، وأريد مغادرة سوريا لأنهم لا يريدونني حيا".
ويعرف ماذا ينتظر درعا التي كانت يوما ما سلة غذاء البلد، لكنها اليوم مدمرة. فستدير الشرطة العسكرية الروسية المحافظة، والتي ستسلمها لاحقا للقوات الجديدة المشكلة من عناصر الجيش السوري الحر. ويقول المتحدث باسم المعارضة في درعا، أبو شيمة: "هناك الكثير من الخوف حول ما ينتظرنا ولا نثق بالروس أو النظام".
وعادة ما تكون شروط المصالحة عامة، إلا أن المطلب الرئيسي هو تجنيد الشباب الذين هم في سن الخدمة العسكرية، كما حدث في حماة وحمص وحلب.
ويجب على اللاجئين الذين فروا باتجاه الحدود مع الأردن أو مرتفعات الجولان المحتل من قبل إسرائيل حسم أمرهم؛ إما بالعودة أو العيش في المنفى. وتبدو الهزيمة في درعا بمثابة المسمار الأخير في نعش الثورة، إذا لم يبق إلا منطقة إدلب التي تسيطر عليها جماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة، لكنها أصبحت المكان الذي يرسل إليه النظام المقاتلين الرافضين البقاء في مناطقه.
وبالنسبة لمقاتلي درعا من الجماعات المعتدلة ففكرة الانضمام إليهم غير مستساغة. ولا يشعر المقاتلون أن قادتهم خذلوهم بل القوى الداعمة لهم من الخارج، خاصة الولايات المتحدة التي أكدت لهم أنها لن تسارع إلى نجدتهم. ويقول صياصنة: "لا صديق لنا"، و"هكذا انتهت".
تحذيرات متتالية.. هل تنجح تركيا في إبعاد شبح الحرب عن إدلب؟
ما أسباب انهيار اتفاق خفض التصعيد في الجنوب السوري؟
غياب النخب عن قيادة الثورات العربية.. هل أفضى إلى فشلها؟