صدمة وانتقادات للقرارات "المتشددة" بحق اللاجئين بألمانيا

انتقدت منظمات غير حكومية وناشطون ألمان بشدة السياسات الصارمة الجديدة التي تم اتخاذها بحق اللاجئين، حيث صدرت مؤخرا قرارات في بروكسل وبرلين اعتبرت بأنها أكثر تشددا وأقل انفتاحا.

واعتبرت منظمات وناشطون الإجراءات الأخيرة بأنها غير إنسانية وتخالف القوانين الدولية التي تنص على حقوق الإنسان، داعين لإنقاذ فوري لحياة اللاجئين من الموت في البحر المتوسط، وتوفير طرق آمنة لوصولهم.

وقالت ليزا بافلويم الناطقة الإعلامية باسم منظمة "جسور بحرية" إن "التطورات الحالية في ألمانيا وكذلك في أوروبا كلها تظهر أن العزلة تتزايد، فقد أصبح يتم قبول وفاة الآلاف من الناس، ويتم التضحية بالمزيد من الأرواح وتتآكل أبسط حقوق الإنسان والاتفاقيات من اتفاقيات اللاجئين".

وأضافت في حديث لـ"عربي21" أن هناك مجموعة كبيرة من المشاريع المشكوك فيها من الناحية الأخلاقية والقيود المشكوك فيها قانونا في عبارات مثل: "جهود التكامل"، إنه تعبير عن السياسات التي يتبعها وزير الداخلية الألماني هورست سيهوفر، ومن الواضح أن هذه المقترحات المقدمة تخلق مشاكل جديدة".

وانتقدت بافلوم فكرة "مراكز العبور" التي أعلن عنها ضمن اتفاق للتحالف الحاكم بألمانيا، معتبرة بأنها ليست لتسريع الإجراءات بقدر ما ستكون "مراكز احتجاز" لمدة معينة، وبأنها عمليا مستحيل أن تكون قانونية وهي مخالفة للاتفاقات المتعلقة باللاجئين والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

ولفتت إلى أن اللاجئين اضطروا لمغادرة بلدهم الأصلي، ويجب أن تكون هناك طرق قانونية للسلامة، وهؤلاء هم بشر ولا تقل حياتهم أهمية عن غيرهم، وهذا الأمر من حقوق الإنسان عليه جزء من حقوق الإنسان الأساسية، فيجب أن تكون حياتهم مهمة، وأن يكون هناك دعم اجتماعي لهم.

وطالبت بافلوم بإنقاذ حياة الناس من الضيق، وعدم تركهم للموت، وتوفير طرق آمنة للاجئين إلى أوروبا، بالإضافة لتحسين ظروف المعيشة في دول المنشأ، فأسباب الرحلة متعددة، فإلى جانب الحرب والاضطهاد، هناك أيضًا الفقر الذي لا يُعترف به كسبب للهروب وفقا لاتفاقيات اللاجئين، ولكن طالما أن الناس يفرون من الجوع، فإنه سيبقى أيضا سببا للهروب ومن الضروري محاربته.

من جهته، قال الناشط الألماني كاج بوتر: "أنا مصدوم تماما من هذه القرارات المجحفة بحق اللاجئين، وأجد أنه من غير المحتمل أن نتعمد ترك الناس يموتون في البحر الأبيض المتوسط، في الوقت ذاته يتم إعاقة السفن التي يمكن أن تساعد في مهمتها لإنقاذهم".

وأضاف لـ"عربي21" أنه "رغم أن أزمة اللاجئين في ألمانيا بدأت بشكل كبير عام 2015، وتوقعت المفوضية حينها أنه لا يوجد المزيد من المال لدعم مخيمات اللاجئين، ولم تكن أوروبا مستعدة له وبدت مفاجئة تماما، في الوقت نفسه، لم تبد دول شمالية تضامنًا مع إيطاليا عندما وصل أول اللاجئين".

وأوضح بوتر أن أوروبا وألمانيا تحديدا هي واحدة من أغنى المناطق في العالم، فلذلك تتحمل مسؤولية كبيرة تجاه هذا الأمر، وإنه لمن العار إنشاء مراكز عبور على الحدود، مشيرا إلى أن ثروة أوروبا مبنية على دم الدول الأفريقية، حيث استغلتها لعقود من الزمن وحرمت الناس من مصادر رزقهم.

ودعا للقيام بالواجب الإنساني من قبل الأغنياء تجاه اللاجئين وعدم انتظار الحكومات إن تخلت عن دورها في هذا الأمر الإنساني، معبرا عن "رغبته بالقيام بواجبه على أكمل وجه كبحار لإنقاذ اللاجئين في المتوسط".

واعتبر بوتر بأن الحل الأوربي لمشكلة اللاجئين يجب أن يكون إنسانيا من خلال الأشخاص المتعاطفين لمساعدة المحتاجين، ومن ثم مسيحيا بالتزام الجمعيات الخيرية بالقيام بدورها، ومن ثم بحري للمساهمة بإنقاذ أرواح الناس في المتوسط.

وقال الناشط الألماني جورج إن اللوم على ما يسمى بـ"أزمة اللاجئين" ليس على اللاجئين، بل الخطأ هو في النظام الرأسمالي، والأهم من ذلك، المستفيدون في المراكز الصناعية.

وأضاف لـ"عربي21" أن "النقاش الحالي في ألمانيا لا يظهر فقط تراجع القيم الأخلاقية، بل أنها محاولة غش غير عادية ضد جميع العاملين الذين يعيشون هنا، فكل هجوم اجتماعي ولاسيما مع اللاجئين له ما يبرر لديهم".

وأشار جورج إلى أن "تكلفة جميع طلبات اللجوء في أوروبا واحد مليار، في حين أن ميزانية الدولة ستخسر ما يقدر بنحو ألف مليار دولار سنويا من خلال التهرب الضريبي من الشركات الكبيرة".

وأكد أنهم يقاتلون من أجل الحدود المفتوحة، ويسعون لتأمين قدوم المهاجرين لأوروبا الذين يغرقون في البحر، معتبرا بأن اللاجئين مكسب للقارة العجوز ولديهم خبرات في مجالات مختلفة يمكن الاستفادة منها في إثراء البلاد الأوروبية المختلفة.