لم يتوقف الاحتلال على مدار سنوات مضت عن شن حملات الاعتقال ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، خاصة نشطاء حركة حماس ونوابها؛ لكن الأيام القليلة الماضية شهدت عمليات اعتقال ومداهمة غير مسبوقة طالت العشرات من قيادات الحركة التي يقبع عدد كبير من نوابها في السجون، فضلا عن مصادرة أموال، وإغلاق مؤسسات خيرية يزعم الاحتلال أنها غطاء لأعمال "عدائية" ضده. فلماذا يخشى الاحتلال حماس في الضفة؟
ويرى النائب في المجلس التشريعي عن حركة حماس يحيى موسى أن المواجهة التي تؤذي الاحتلال تتركز في الضفة الغربية التي تمثل مواجهة مباشرة معه، بخلاف غزة التي يحيطها بالحصار دون احتكاك مباشر، وهذا ما يدفعه لاتباع سياسية "قص العشب" في الضفة، والتي تقوم على استمرارية ملاحقة المقاومة وتجفيف منابعها، وذلك حتى لا تصل المقاومة لدرجة تهدد وجوده.
وأضاف في حديث لـ"عربي21" أن الاحتلال يعاني من مخاوف دائمة وحساسية كبيرة من تصاعد العمل المقاوم في الضفة، لذلك هو في حالة نشاط مستمر لتغييب النشطاء والكوادر الفاعلة للفصل بينها وبين الجماهير.
وربط العبادسة بين ما يقوم به الاحتلال وما وصفه بـ"التحالف" القائم بين السلطة الفلسطينية والاحتلال عبر التنسيق الأمني وراى في هذا الاتجاة أن الأمن أصبح أمنا واحدا وغير متناقض، مدفوعا بالشعور بوجود تهديد وجودي لكليهما مصدره المقاومة والقيادات الفاعلة.
من جهته أكد النائب المستقل في المجلس التشريعي حسن خريشة أن الاعتقالات في الضفة ليست جديدة، وهي استمرار لنهج سابق لدى الاحتلال يمارسه من سنوات عديدة، مشيرا إلى أن تكثيف حملة الاعتقالات بحق نواب ونشطاء بعينهم تعتبر حالة استنساخ لتجارب سابقة منذ انتخاب المجلس التشريعي عام 2006.
اقرأ أيضا: آلاف الفلسطينيين يتظاهرون في نابلس ضد "صفقة القرن"
واعتبر خرشية في حديث لـ"عربي21" أن الحملة محاولة لكسر إرادة الناس الذين انتخبوا هؤلاء النواب، ورسالة لهم بأنه لا حصانة لأحد في الضفة عبر اعتقال ممثليهم في المجلس التشريعي، ومن جانب آخر محاولة لمنع تأثير هؤلاء النواب على المواطنين في المناطق التي يمثلونها.
واتفقت النائب في المجلس التشريعي عن حركة حماس منى منصور مع خريشة في أن الاعتقالات التي يمارسها الاحتلال نهج مستمر منذ قيام دولة الكيان حتى إلى الآن.
وقالت منصور لـ"عربي21": "الاعتقالات نهج إسرائيلي لتغييب القيادات الفاعلة والشابة على الأرض والتي من الممكن أن تؤثر على الحراك في الشارع". وأضافت: "الاحتلال أوصلنا لمرحلة لا تكاد ترى فيها قيادات في الشارع فمعظمهم في السجون مغيبون، وكل ما يحدث محاولة من الاحتلال للاستفراد بالضفة لتمرير صفقاته من تهويد واستيطان وتشريد دون أن يواجه بأي تحركات ضده قد يتزعمها قيادات من حماس وباقي الفصائل الفاعلة".
أما النائب عن حماس فتحي القرعاوي أكد أن الاحتلال لا يريد أصواتا تنادي بمقاومة الاحتلال، وتتبنى ثوابت الشعب الفلسطيني في الضفة، لافتا إلى أن الاحتلال تريد لخط خط سياسي معين أن يسود في الضفة الغربية، تجد أنها متفقة معه ضمنيا. في إشارة إلى السلطة الفلسطينية.
وذكر القرعاوي بالاعتقالات الشاملة التي طالت جميع نواب ووزراء حماس في المجلس التشريعي بين عامي 2006 و2009، والتي أراد فيها الاحتلال كسرد إرادة الشعب الذي انتخب هؤلاء النواب في انتخابات حرة نزيهة.
ولفت القرعاوي في حديث لـ"عربي21" أن إسرائيل تعمل بصمت على تطبيق ما تريده من خلال إجراءاتها المختلفة على الأرض المتمثلة في التهويد ومصادرة الأراضي وتوسيع المستوطنات، مشيرا إلى وجود تطبيق فعلي لما يسمى صفقة القرن، غير مستبعد أن تكون الحملات "المسعورة" في الضفة ضد القيادات البارزة خطوة استباقية تستهدف إسكات أي تحرك أو صوت يمكن أن يقف في وجه ما ينوي الاحتلال تطبيقه.
اقرأ أيضا: حملة اعتقالات وهدم منزلين بالضفة الغربية المحتلة
وتعليقا على مزاعم الاحتلال حول مصادرة أموال مخصصة لأعمال "عدائية" قال القرعاوي إن جميع الأموال المصادرة مخصصة للأعمال الخيرية ولها علاقة بلجان ترعى أمور الفقراء والأيتام ومساعدة والطلبة المحتاجين، ولا صحة لما يروجه الاحتلال حول نوايا استخدام أي أموال في أعمال يصفها الاحتلال بالعدائية.
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي شنت خلال اليومين الماضيين حملة اعتقالات ومداهمات بعد اقتحامها لمناطق متفرقة في الضفة الغربية المحتلة، طالت العشرات بينهم قيادات ونواب في حركة حماس وأسرى محررين.
استطلاع إسرائيلي: حماس تفوقت في الجولة الأخيرة
هكذا قرأ محللون دور الوساطة المصرية بين المقاومة والاحتلال
تصريحات العمادي تشعل مواقع التواصل.. هكذا جاءت الردود