نشرت صحيفة "لاكروا" الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن اهتمام أنقرة بربط علاقات وثيقة مع دول القارة الأفريقية، حيث استهل رجب طيب أردوغان جولة أفريقية يزور من خلالها كلا من جنوب أفريقيا وزامبيا، التي ستطأ قدماه ترابها لأول مرة.
وقالت في تقريرها، الذي ترجمته "عربي21"، إن عدد الدول الأفريقية التي لم يزرها الرئيس التركي قليل للغاية، حيث إنه على امتداد 15 سنة من حكمه، كثف جولاته بين مختلف دول القارة السمراء.
وخلال شهر شباط/ فبراير الماضي، أجرى أردوغان زيارة انطلقت من الجزائر، ثم السنغال وموريتانيا، قبل أن يختتم جولته في مالي. وقبل سنتين، حل بساحل العاج ونيجيريا، كما زار سابقا كلا من التشاد والسودان.
وأكدت الصحيفة أنه في هذه المرة استقر قرار أردوغان على زيارة دول جنوب القارة السمراء، كأول محطات جولته منذ إعادة انتخابه في 24 حزيران/ يونيو.
ويؤدي أردوغان زيارة إلى جنوب أفريقيا تمتد ليومين من 25 إلى 27 تموز/يوليو. ومن ثم، سيشد الرئيس الرحال إلى زامبيا في 28 تموز/ يوليو، التي سيزورها لأول مرة، مع العلم أن ثمة لقاء جمعه بالرئيس الزامبي، إدغار لونغو، مطلع هذا الشهر.
وتجدر الإشارة إلى أن رجب طيب أردوغان سيزور زامبيا، الدولة المحاذية لزيمبابوي، للاجتماع بنظيره إدغار لونغو؛ بهدف "تبادل الرؤى في عدة ملفات دولية وإقليمية".
وأشارت الصحيفة إلى أن زيارة الرئيس التركي إلى دولة جنوب أفريقيا تأتي في إطار مشاركة تركيا في انعقاد القمة العاشرة لمجموعة "بريكس"، التي تضم الدول صاحبة أسرع نمو اقتصادي في العالم، رغم أن تركيا لا تنتمي إلى هذه المجموعة التي تضم كلا من روسيا، والبرازيل، والهند، والصين، وجنوب أفريقيا. وقد تمت دعوة الرئيس التركي للمشاركة في فعاليات هذه القمة في جنوب أفريقيا، باعتباره الرئيس الممثل لمنظمة التعاون الإسلامي.
وأضافت أنه على امتداد 15 سنة، أولت الدبلوماسية التركية أهمية كبرى للقارة الأفريقية، التي شكلت بالنسبة لها سوقا لتعزيز قوتها الاقتصادية.
وفي هذا السياق، أكدت الأستاذة المختصة في العلاقات الدولية، إيليم إيريس، المختصة أيضا في العلاقات التركية الأفريقية، وتشغل منصب أستاذة في جامعة "يشار" في إزمير، أن "القارة الأوروبية كانت على رأس قائمة اهتمامات الدبلوماسية التركية. وخلال التسعينات، عملت أنقرة على تنويع شركائها، لأسباب أغلبها اقتصادية، وفي محاولة لفتح أسواق جديدة".
ونوهت الصحيفة بأن تركيا تبنت "خطة عمل" في أفريقيا منذ سنة 1998، تتمثل في تكثيف فتح السفارات التركية في دول القارة السمراء، حيث بلغ عددها حاليا قرابة 41 سفارة، بعد أن كان عددها لا يتجاوز تسع سفارات خلال سنة 2003.
وأفادت "لاكروا" بأن هذه الأولويات تمت الإشارة إليها في عدة مناسبات. فبعد إعلان سنة 2005 "سنة أفريقيا"، نظمت تركيا سنة 2008 أول "قمة تعاون تركية أفريقية".
وقد انعقدت نسختها الأخيرة سنة 2014 في غينيا الاستوائية، فيما ستنعقد القمة القادمة سنة 2019 على التراب التركي. وتختلف مجالات التعاون بين الطرفين، ولعل من أبرزها الصحة، والأمن، والتنمية.
وقد تُرجم هذا التعاون إلى أرقام مالية ضخمة، حيث بلغت قيمة التجارة بين تركيا وأفريقيا قرابة 20 مليار يورو سنة 2015، وهي قيمة تضاعفت ثلاث مرات خلال 15 سنة.
وقد تعزز هذا التعاون مع تعدد وجهات شركة طيران الخطوط الجوية التركية، التي أضحت تغطي 48 وجهة مختلفة في حوالي 30 دولة أفريقية.
وعلقت الصحيفة على لسان إيليم إيريس أن "الخطوط الجوية التركية تعد عنصرا هاما يعكس مدى مصداقية التعاون التركي في أفريقيا". وقد أثبتت تركيا مدى مصداقيتها أيضا، من خلال تكثيفها للاستثمارات المباشرة في مجال التنمية في بعض الدول الأفريقية، على غرار الصومال.
وأكدت "لاكروا" أن رجب طيب أردوغان يلعب دور المدافع عن الأمم المنبوذة من قبل العالم الغربي. وفي هذا الإطار، أشارت إيليم إيريس إلى أنه "وعلى غرار كل من نيجيريا وجنوب أفريقيا، تنادي تركيا، بدورها، بضرورة إصلاح منظمة الأمم المتحدة؛ لكي تتمتع دول أخرى بثقل أكبر. ويؤكد ذلك بأن هناك نظرة ومصالح مشتركة بين أنقرة وأفريقيا".
وصرحت بأنه خلافا للقارة العجوز والشرق الأوسط، تعدّ القارة الأفريقية بالنسبة للحكومة التركية أرضا دبلوماسية خالية من العثرات. فبحسب إيليم إيريس، "تعد هذه القارة بمثابة المنطقة الوحيدة في العالم التي تخلو تقريبا من الرهانات الدولية، خلافا لمنطقة الشرق الأوسط".
وفي الختام، قالت الصحيفة الفرنسية إن الرئيس التركي يمكن أن يستغل مشاركته في قمة "بريكس" لتبادل أطراف الحديث مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، حول الملف السوري، وربما حول مسألة الأكراد.
موقع روسي: هل توافق تركيا على فرض عقوبات ضد إيران؟
فورين بوليسي: هل يحتاج ترامب لصفقة كبرى بالقرن الأفريقي؟
MEE: هذه حسابات الربح والخسارة بحرب الخليج على الأجواء