نشرت صحيفة
"
الغارديان" البريطانية تقريرا تحدثت فيه عن تعرض الشركة العاملة في
مجال المحاسبات "براين ووتر هاوس كوبرز" للانتقادات الشديدة بسبب سعيها
للعمل مع بلد متهم بارتكاب جرائم حرب في اليمن.
وقالت الصحيفة، في هذا
التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إنها تمكنت من كشف مفاوضات تقوم بها إحدى
أكبر الشركات الاستشارية والعاملة في مجال المحاسبة في
بريطانيا، لإبرام صفقة هامة
مع
الجيش السعودي من أجل تحديثه ومساعدته عبر تقديم الإرشاد والنصح.
وذكرت الصحيفة أن شركة "برايس ووتر هاوس كوبرز" أكدت تقديمها
لعرض للمشاركة في هذا المشروع، الذي سيكون جزءا من تحول شامل في وزارة الدفاع
السعودية يهدف إلى تجهيز ودعم قوات خط المواجهة بشكل أفضل. وقد رفضت شركة "بي
دابليو سي" تقديم معلومات أكثر عن هذه المحادثات.
وبينت الصحيفة أن
المفاوضات، التي من المرجح أن تؤدي إلى عقد صفقة قد تبلغ عائداتها ملايين
الجنيهات، قد خلفت موجة من الانتقادات من قبل جماعات الضغط في المملكة، الذين
أدانوا من جانبهم مشاركة بلادهم في الحرب الدائرة في اليمن، مدعين أن غاراتها
الجوية قتلت المدنيين ويمكن أن تصل في فظاعتها إلى درجة جرائم الحرب.
وأفادت الصحيفة بأن بيتر فرانكنتال، مدير برنامج الشؤون الاقتصادية في
منظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة، قد طلب من شركة "برايس ووتر هاوس
كوبرز" تقديم توضيحات حول العناية الواجبة التي طبقتها قبل العمل على هذا
المشروع. وقال فرانكنتال إنه "كأي شركة في العالم، يجب على شركات المحاسبة
الدولية أن تتأكد من عدم مساهمتها في ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان من خلال
عملياتها، أو يكون لها ارتباط مباشر بها من خلال علاقاتها التجارية".
ونقلت الصحيفة عن بيتر
فرانكنتال قوله: "نود أن نعرف ما هي العناية الواجبة التي قامت بها الشركة،
خاصة أن مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية المتعلقة بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان
قد أوضحت أنه يمكن اعتبار شركة ما متواطئة في انتهاك حقوق الإنسان إذا ما رأت أنها
تستفيد من التجاوزات التي ارتكبها طرف آخر".
وذكرت الصحيفة أنها طلبت من الشركة توضيح العناية الواجبة التي اتخذتها،
ولكن هذه الأخيرة رفضت الرد. وفي سياق متصل، سُئلت السفارة السعودية في لندن عن
حجم ونطاق هذا المشروع ولكنها رفضت التعليق أيضا.
وأشارت الصحيفة إلى أن
وزارة الدفاع السعودية يديرها الأمير محمد بن سلمان، ويقال إن ولي العهد البالغ من
العمر 32 عاما هو أصغر وزير دفاع في العالم، وهو أيضا نائب رئيس وزراء
المملكة. وقد وصفه النقاد بأنه من
الموهوبين الذين يفتقرون إلى الخبرة، وهو العقل المدبر لتدخل المملكة في اليمن،
حيث دعم الحكومة المنفية في مواجهة المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.
وحسب تقديرات الأمم
المتحدة، أدى الصراع في اليمن هذا العام إلى وقوع أكثر من 22 مليون يمني، أي ما
يعادل 80 بالمائة من السكان، تحت طائلة المحتاجين إلى مساعدات إنسانية. كما وصف
منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، جيمي ماكغولدريك، هذه الحرب بأنها "حرب
عبثية عقيمة"، وأدان ارتفاع حصيلة القتلى من المدنيين بسبب الهجمات المتصاعدة
والعشوائية التي تشن في جميع أنحاء اليمن.
وقالت الصحيفة إن شركة
"بي دابليو سي" تحظى بوجود حقيقي في المملكة العربية السعودية، إلا أن
الفرع التابع لها الموجود في المملكة المتحدة هو المسؤول عن مشروع الدفاع المزمع
تنفيذه. وتجدر الإشارة إلى أن شركة "برايس ووتر هاوس كوبرز" قد أطلقت
نداء لتوفير الموارد، من خلال حث المتخصصين والاستشاريين المقيمين في لندن على
التنقل إلى الرياض لبدء العمل، لأنها كما قالت بصدد إنهاء الصفقة.
وذكرت الصحيفة أن الشركة قد أخبرت موظفيها بأن وزارة الدفاع السعودية تمر
بتحول طموح لتحديث قواتها المسلحة بحجم ونطاق لم يسبق له مثيل، وأن هذه المرحلة هي
الأكثر أهمية، لذلك هي بحاجة إلى الدعم لإحداث هذا المستوى من التغيير.
وإذا ظفرت الشركة
البريطانية بهذا العقد، فمن المرجح أن تُكلف الشركة بتغيير العديد من مجالات الدعم
داخل وزارة الدفاع. وقد ترتكز المرحلة الأولى من العمل على عدة نقاط لعل أهمها
كيفية إعادة تشكيل استقدام الموظفين، وتوفير الموارد، وإدارة الأداء، والتخطيط
الاستراتيجي للقوى العاملة، وكيفية إدارة التغيير.
وفي الختام، حث
فرانكنتال شركة "برايس ووتر هاوس كوبرز" للتفكير مرة أخرى فيما هي بصدد
فعله، حيث قال إن "كل شركة محاسبات تعمل في وزارة الدفاع السعودية عليها أن
تعلم أن القوات الجوية الملكية السعودية لديها سجل مروع في اليمن. فقد قصف التحالف
العسكري الذي تقوده السعودية بلا تمييز منازل يمنية ومستشفيات وقاعات جنائزية
ومدارس ومصانع، ما أسفر عن مقتل وإصابة الآلاف من المدنيين اليمنيين".