علقت صحيفة "الغارديان" في افتتاحيتها على أزمة العملة التركية، محاولة الكشف عن العوامل التي أدت إلى هذه الأزمة.
وتقول الصحيفة إن تصريحات الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان الغريبة حول "العملية ضد
تركيا" و"لوبيات سعر الفائدة" و"بلاطجة النظام العالمي" لا تخفي الحقيقة بأن سياساته هي وراء التدهور الفظ لسعر الليرة.
وتشير الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، إلى أن "الخلاف حول سجن القس الأمريكي أندرو برونسون استخدمته الإدارة الأمريكية لفرض ضرائب شديدة على الفولاذ والألمنيوم التركي، وأسهم في تراجع العملة التركية، وبطريقة فوضوية، لكن الأزمة التركية صنعت في الداخل".
وترى الصحيفة أن "المشكلة في (الاقتصاد الأردوغاني) أنه يقوم على اعتقاد بقدرة الرئيس على الانتصار في النقاش، ولا يقوم على الحقائق، فمنذ عام 2016 فضل الرئيس سياسات دعمت سعر فائدة منخفضا مع نمو عال على أسعار مرتفعة، وحققت هذه السياسة على السطح نتائج؛ منها زيادة في الدخل القومي العام للفرد بنسبة الثلث عن السنوات الخمس الماضية، أي بعد الصين والهند".
وتستدرك الافتتاحية بأنه "رغم التضخم المرتفع، إلا أن القروض الائتمانية جعلت المستهلك غنيا، وهو ما أدى إلى فوز أردوغان في المنصب الرئاسي التنفيذي، مع أن الرجل القوي بادل سيادة بلده بالتسرع نحو النمو، ففي ظل حكمه راكمت البنوك والشركات الديون التي اقترضت بالدولار، وفعلت هذا لأن المصارف حول العالم كانت تضخ بالأموال لتحفيز اقتصادياتها بعد الأزمة المالية العالمية".
وتلفت الصحيفة إلى أن "الاقتراض، الذي أدى إلى زيادة في الإنفاق والاستهلاك، قاد إلى عجز كبير في الدين، وعانت ميزانية الحكومة من عجز أيضا، وعندما انخفضت قيمة الليرة وجد القطاع الخاص أن ثمن الاقتراض الذي حصل عليه بالعملة الأجنبية قد زاد، ولو فكر أردوغان بجدوى سياسته لكان وضع المال جانبا وتصدى للمشكلة القادمة، وكان هذا يعني جمع كميات كبيرة من العملة الصعبة احتياطيا لمواجهة الاستحقاقات المالية والفوائد على الدين الأجنبي المستحق العام المقبل، وتحتاج تركيا 180 مليار دولار، لكن أردوغان لا يملك إلا أقل من النصف، وأزمة لا يستطيع دفع ثمنها".
وتجد الافتتاحية أن "تدمير تركيا، التي تعد عضوا في حلف الناتو، سيترك تداعيات كبيرة على الشرق الأوسط وأوروبا، فلا يستخدم الناتو القواعد الجوية التركية لمواجهة تنظيم الدولة فقط، بل إنه يدفع لها مليارات الدولارات لمنع تدفق المهاجرين السوريين، وكتب أردوغان في صحيفة (نيويورك تايمز) بعد قرار ترامب، محذرا الغرب من أن شركاته مع تركيا في (خطر)، وأن تركيا لديها خيارات، مشيرا على ما يبدو إلى روسيا والصين، لكن أيا منهما لا تستطيع إخراجه من الأزمة".
وتذهب الصحيفة إلى أن "هذه أزمة طارئة لاقتصاد حقيقي؛ ذلك أن تركيا تعتمد على النفط المستورد، بشكل يجعل من المادة السوداء أغلى مرتين بسبب أزمة الليرة، والسؤال هو عن كيفية إعادة الثقة في اقتصادها الفاعل".
وتعتقد الافتتاحية أن "إجراءات أردوغان العاجلة لن تكون كافية، ولن يستطيع عمل أي شيء، بل زيادة المشكلات، خاصة من المقرضين الأجانب، ولن يركض طالبا قرضا من صندوق النقد الدولي".
وتختم "الغارديان" افتتاحيتها بالقول إنه "من المحتمل أن يكتشف أردوغان الواقع، وينسخ مظاهر القلق الديني من الربا، ويطلب من المصرف المركزي رفع سعر الفائدة، وسيؤدي هذا إلى توقف الاقثصاد وزيادة نسبة البطالة، وقضى أردوغان سنوات وهو يقدم شعبيته على استقرار الاقتصاد، وهو الآن يجد نفسه أمام مشكلة صنعها بنفسه".