قالت صحيفة "فايننشال تايمز" إن الاضطراب في العملة التركية امتد إلى أسواق اقتصادات صاعدة، بشكل أثر على أسواق الأسهم والسندات والعملات، في وقت حذر فيه محللون من أن اشتداد الأزمة بدأ في نشر العدوى إلى دول أخرى.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن البنك المركزي الأرجنتيني رفع انخفاض العملة الأرجنتينية (البيزو) لليوم السادس أمام الدولار.
وتنقل الصحيفة عن رئيسة قطاع الاستثمار في إدارة شركة "نورذن تراست" للخدمات المالية كاتي نيكسون، قولها إن "الخشية من أن ما حدث في تركيا لن يبقى محصورا فيها".
ويستدرك التقرير بأنه بالرغم من الدعوات الملحة لأنقرة لاتخاذ فعل قوي يوقف تدهور الليرة، إلا أن البنك المركزي التركي لم يتخذ سوى خطوات محدودة لدعم السيولة المصرفية، مع إصرار الرئيس أردوغان على استمرار موقفه المتحدي، مشيرا إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هاجم من أسماهم "الخونة" الاقتصاديين، واتهم الولايات المتحدة بطعن بلاده في الظهر.
وتلفت الصحيفة إلى أن قيمة الليرة تراجعت بنسبة 10%، حيث أصبح سعر الليرة 7.2362 أمام الدولار، وانخفض مستوى التبادل في السوق المالية التركية بنسبة 2.6%، مشيرة إلى أنه بمصطلحات الدولار فإن سوق إسطنبول المالية أصبحت في مستوى منخفض أثناء الأزمة المالية العالمية.
وينوه التقرير إلى أن العملة التركية ضربت بسبب الخلاف المر بين أنقرة وواشنطن، حيث أدى الخلاف إلى زيادة مخاوف التضخم في الاقتصاد التركي، والعجز الكبير في الدين، والدين بالعملة الصعبة على الشركات، بالإضافة إلى التخوفات من المسار العام للاقتصاد التركي وسياسات أردوغان، لافتا إلى أن العملة فقدت نسبة 28% من قيمتها أمام الدولار منذ بداية آب/أغسطس، و45% منذ بداية العام الحالي.
وتذكر الصحيفة أنه وسط تزايد المخاوف من انتشار الاضطرابات التركية وضربها أسواق السندات في الاقتصاديات الناشئة والأسواق المالية والعملات، فإن المصرف المركزي الإندونيسي تدخل من أجل دعم الروبية، فيما انخفض مؤشر "جي بي مورغان" للتبادل الأجنبي إلى أدنى مستوياته في أسوأ مستويات أداء منذ ستة أعوام.
وبحسب التقرير، فإن الأسواق المالية الأوروبية تعرضت لضغوط يوم الاثنين، خاصة البنوك، مثل "بي بي في إي" و"يوني كريدت"، التي تملك حصصا للمقترضين الأتراك، وضربت السوق المالية بالأزمة.
وتفيد الصحيفة بأن الرئيس التركي هاجم إدارة ترامب التي فرضت عقوبات على وزيرين في حكومته، بسبب حبس القس أندرو برونسون، قائلا: "كلانا في الناتو ثم تحاول طعن الشريك الاستراتيجي في الظهر"، وأضاف أن "المستوى الحالي من سعر الفائدة لا أساس اقتصاديا له"، وهدد بمعاقبة "الخونة" الذين يقومون بنشر الشائعات عن التحكم برأس المال، وتابع قائلا إن تركيا لديها مبادئ اقتصادية قوية، وستظل صلبة.
ويبين التقرير أنه في الوقت الذي هاجمت فيه تركيا أمريكا، إلا أن الأخيرة تمسكت بالإفراج عن القس برونسون، الذي اعتقل بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة في تموز/ يوليو 2016، مشيرا إلى أن المسؤولين الأمريكيين أكدوا أن وقت التفاوض حوله قد انتهى، وهددوا بالعقوبات.
وتقول الصحيفة إن تبني ترامب موضوع برونسون يأتي من متابعته لوعوده الانتخابية، حيث قام المسيحيون الإنجيليون بحملة لإطلاق سراحه.
ويورد التقرير نقلا عن الباحثة في الشأن التركي في مركز بروكينغز أماندا سولات، قولها: "لقد أصبح موضوع برونسون شخصيا، ولن يتم التراجع حتى الإفراج عنه"، فيما فتحت الحكومة تحقيقا في تصرفات أشخاص تهدد السلم الاجتماعي، وحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الشائعات وتشكيل المفاهيم.
وتنقل الصحيفة عن أردوغان، الذي نسب انخفاض قيمة الليرة لعملية خارجية، ووصفها بأنها حرب اقتصادية، قوله إن وزارة المالية تقوم باتخاذ الإجراءات المناسبة لمواجهة "الهجمات".
ويورد التقرير نقلا عن محللين، قولهم إن تركيا بحاجة إلى زيادة في سعر الفائدة، وإعادة ثقة المستثمرين، منوها إلى أنه بدلا من ذلك فإن الحكومة أعلنت عن سلسلة من الإجراءات التي أرجعت سعر الليرة قبل عودته إلى مستواه، وأعلن المصرف المركزي عن تخفيض ما يطلق عليها نسب الاحتياط المطلوبة، وهي رأسمال حام للبنوك، وستقوم بالإفراج عن عشرة مليارات ليرة تركية، وما يعادل 3 مليارات دولار من الذهب في النظام المالي.
وتنقل الصحيفة عن شخص مطلع، قوله إن المصرف المركزي عبر عن استعداده للإقراض بمعدل مبالغ فيه أكثر من معدل 17.5%، وهو تحرك يعني تقييد النظام النقدي.
وترى "فايننشال تايمز" في افتتاحيتها أن المسار المرجح أن تنتقل عبره الأزمة التركية يتمثل في التحول في موقف المستثمرين نحو الأسواق الأخرى المعرضة للخطر.
وتجد الافتتاحية أن الاقتصادات الناهضة وبعض الدول النامية قد تأثرت بالأزمة، لكنه تأثر محدود، إذ لا تحتل صلاتها التجارية مع تركيا إلا نسبة صغيرة من إجمالي ناتجها القومي، بالإضافة إلى أن البنك المركزي الأوروبي يراقب عن كثب موقف المقرضين الأوروبيين لتركيا، و"أي تأثير في هذا المجال يُمكن احتواؤه".
وتقول الصحيفة إن المسار الرئيسي الممكن لانتقال الأزمة يبقى هو المناخ الاستثماري، مشيرة إلى أن خلفية ذلك ترجع إلى عقد من السياسة المالية والنقدية الرخوة والفضفاضة منذ الأزمة المالية العالمية، التي قادت إلى تصاعد مديونية الدول ذات الاقتصادات الناهضة.
وتختم "فايننشال تايمز" افتتاحيتها بالإشارة إلى قول المعهد المالي الدولي إن "المديونية المشتركة لثلاثين من الأسواق الناهضة ارتفعت من 163 في المئة من إجمالي ناتجها القومي في عام 2011 إلى 211 في المئة في الربع الأول من هذا العام".
فورين بوليسي: لماذا لم تعد تركيا حليفا للولايات المتحدة؟
وول ستريت جورنال: هذا هو الحل لأزمة الليرة التركية
هكذا قرأت "الغارديان" أزمة العملة التركية وتداعياتها