قال محللان سوريون تحدثت إليهم "عربي21" إن نظام
الأسد يسير نحو التصعيد في إدلب، معتبرين أن الحشود العسكرية للنظام على مشارف المحافظة
استعدادا لعمل عسكري مرتقب، حيث وصفوا الخيارات
التي تمتلكها تركيا غاية في الصعوبة.
وكانت مصادر مطلعة قد أكدت في وقت سابق لـ"عربي21"؛ مواصلة قوات النظام السوري إرسال تعزيزات إلى محيط محافظة إدلب، شمالي غرب سوريا، استعدادا
كما يبدو لعملية عسكرية ضدّ المحافظة التي تعتبر المعقل الأخير للمعارضة المسلحة، بينما
تواصل أيضا استهداف مناطق في المحافظة بالقصف المدفعي، إضافة لمناطق ريف حماة الشمالي
وريف اللاذقية وغرب حلب.
نحو التصعيد
ورأى الكاتب والمحلل السياسي السوري حسن النيفي، أن الأوضاع في محافظة
إدلب تسير باتجاه التصعيد، حيث لا يوجد هناك
رادع حقيقي يحول دون مهاجمة قوات نظام الأسد لإدلب في الوقت الراهن.
وأكد في حديثه لـ"عربي21"، أن الوضع القائم في إدلب ما زال
مفتوحا على الاحتمالات كافة، خاصة أن نظام الأسد لا يخفي رغبته الشديدة في اقتحام المدينة
وريفها والسيطرة عليهما.
ولفت المحلل السياسي النيفي إلى أن روسيا تشاطر النظام الرغبة لمهاجمة
إدلب، ولكن الكابح لهذه الرغبة هو الطرف التركي الذي يرى في شن حرب على إدلب تهديدا
مباشرا لمصالحه الأمنية والاقتصادية والاجتماعية معا.
من جهته يرى رئيس مجلس السوريين الأحرار أسامة بشير، أن النظام يسيل
لعابه على إدلب، من أجل استعادة كل المناطق المحررة وإثبات نصره العسكري، خاصة أن الروس لا يستطيعون تأهيله وإعادته دوليا دون إعادة
سيطرته على كل المناطق والمدن.
ويعتقد بشير في حديثه لـ"عربي21"، أن الحل الدبلوماسي مع
تركيا بشأن إدلب تعثر، حيث إن ذريعة روسيا هي جبهة النصرة، التي يبدو أنه يصعب حلها
مما يجعل الروس يصعدون عسكريا وهذا مراد النظام.
لكن في المقابل، يرى بشير أن جبهة النصرة هي مجرد ذريعة للهجوم على
إدلب، فالنظام والروس عملوا على تجميع كل الفصائل والمقاتلين في إدلب استعدادا لهذا
اليوم، لذلك حتى إذا حلت جبهة النصرة نفسها
سيجدون ذريعة أخرى للهجوم على إدلب.
وقال بشير: "تركيا في موضع حرج، فالهجوم على إدلب كارثة بشرية
ستؤثر على تركيا، والهجوم وشيك"، مضيفا: "تركيا تريد متسعا من الوقت لوضع
حد لجبهة النصرة، لكن الروس والنظام في سرعة من أمرهم لشن الهجوم قبل أن يصل الأتراك
لحل دبلوماسي".
خيارات تركيا
وأشار المحلل السياسي النيفي إلى محاولة تركيا نزع الذرائع التي يتمسك
بها الروس من خلال توحيد معظم الفصائل بما يسمى الجبهة الوطنية للتحرير، حيث كان المراد
من هذه الخطوة، عزل جبهة النصرة، ولكن بوتين يريد إحراج تركيا ويطالب بإخراج جبهة النصرة
بشكل فوري من إدلب.
وأردف أن هذا الأمر يجعل تركيا أمام خيارين في غاية الصعوبة، فإما شن
حرب على النصرة وهذا سيؤدي إلى اقتتال داخلي ضمن إدلب، وسيؤدي إلى فوضى أمنية عارمة
ليس من السهل السيطرة عليها، وإما إتاحة المجال للنظام وحليفه الروسي بمهاجمة المدينة، وهذا سيؤدي إلى كارثة بشرية هائلة.
وقال النيفي إن "الأتراك يريدون من روسيا أن تمنحهم المزيد من
الوقت للتخلص من النصرة بطرق بعيدة عن الحرب، ولكن الاستعجال الروسي لا يتيح لهم ذلك"،
مضيفا: "جبهة النصرة من جهتها تميل نحو التصعيد كعادتها ولكن النتيجة معروفة،
ربما يقاتلون في البداية لكن لن يصمدوا أمام الطيران الروسي الذي يحرق الأخضر واليابس،
ثم ينسحبون ليأتي النظام ومليشياته وينكل بالسكان المدنيين".
مغامرة كبيرة للنظام
واعتبر بشير أن المعركة ستكون مغامرة كبيرة للنظام، فإدلب ليست الغوطة
والمصالحات معدومة، وهناك حزم مع الذين يفكرون بها، وهذا الحشد الهائل من المقاتلين
وخصوصا أنه لا مكانا آخر للجوء إليه، فلذلك القتال سيكون هو معركة بقاء، معركة وجود أو
عدم وجود".
كما شدد على أن هزيمة النظام في إدلب هي ضياع وفقدان كل ما حققه سابقا واعتبره
انتصارا، معتبرا أن الأهم هل سيتحمل النظام ومؤيدوه الخسارة البشرية له في هجومه على
إدلب؟
وأوضح بشير أن معركة إدلب ستكون كارثة للجانبين، حيث إن تركيا ستتحمل مسؤولية كبيرة بهذا الهجوم إذا ما تم،
منوها إلى التصريحات الأمريكية بالتحذير من استخدام الكيمياوي في إدلب، ما يعني بأن
المعركة قادمة.
النظام يواصل تعزيزاته
ذكر
نشطاء أن قوات النظام تواصل استقدام التعزيزات العسكرية إلى مناطق عدة قريبة من خطوط
التماس مع المعارضة في الشمال السوري، في حين قالت وسائل إعلام روسية إن "هيئة
تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقا) تستغل وجود نقاط المراقبة التركية لشن هجمات
على مواقع يسيطر عليها النظام.
وتداول
نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورا وشرائط مصورة تؤكد استقدام الفرقة الرابعة
التابعة للنظام لقاذفات صواريخ من طراز "جولان" إلى منطقة سهل الغاب بريف
حماة الغربي.
وأوضحوا
أن قوات النظام تستقدم التعزيزات عبر طرق حمص- السلمية، وحمص- حماة، وطريق مصياف.
في غضون
ذلك، انتقدت وكالة أنباء "سبوتنيك" الروسية عمل نقطة المراقبة التركية في
منطقة الصرمان بريف إدلب.
وزعمت
الوكالة أن مقاتلي "هيئة تحرير الشام" قاموا مؤخرا بمهاجمة نقاط تابعة لجيش
النظام شرق معرة النعمان في ريف إدلب، مستغلين وجود نقطة المراقبة التركية في المنطقة.
من جانبه
رأى الإعلامي أمين بنّا، أن كل المؤشرات تؤكد تخطيط النظام وروسيا لشن عمل عسكري
على محوري الساحل السوري وريف حماة الشمالي، لأنها مناطق لم يتم حسم مصيرها في محادثات
أستانة.
وبعد
أن أشار بنّا إلى مواصلة النظام استقدام التعزيزات العسكرية إلى مناطق التماس، اعتبر
أن قوات النظام تضع نصب عينيها السيطرة على سهل الغاب بريف حماة، نظرا لأهميته الاستراتيجة
إلى جانب قربه من مناطق تعتبر من أكثر المناطق موالاة للنظام.
وحول
الموقف الروسي من التصعيد في هذه المناطق المشمولة باتفاق خفض التصعيد، قال لـ"عربي21"
إن من مصلحة روسيا تأمين نطاق الحماية لقاعدتها العسكرية الرئيسية في حميميم من الهجمات
بالطائرات المسيرة.
وأوضح
بنّا، أن تقدم النظام إلى مناطق المعارضة بالساحل السوري وبريف حماة يعني مزيدا من
إجراءات الحماية للقاعدة العسكرية الروسية في حميميم.
معركة
محدودة
الخبير
العسكري العقيد أديب عليوي، توقع بدوره أن تقوم قوات النظام بفتح معركة محدودة النطاق
الجغرافي في الشمال السوري، من سنجار إلى أبو الضهور وصولا إلى خان سيخون.
وأوضح
لـ"عربي21" أنه "بموجب اتفاق أستانة هناك خرائط مرسومة، تنص على فتح
الطرق الدولية، ومن بينها طريق حلب- اللاذقية، وهذا الطريق لن يكون محميا إلا في حال
تقدم النظام على مناطق عدة من بينها جسر الشغور وسهل الغاب".
وأضاف
عليوي، أن حماية الطريق الدولي وحماية سهل الغاب المنطقة الموالية للنظام تعتبر هدفا
للنظام ولروسيا في آن واحد.
وفي
وقت سابق، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن مطار حماة العسكري يشهد حالة من الاستنفار
من قبل قوات النظام منذ صباح الثلاثاء، مشيرا إلى دخول عشرات الشاحنات إلى المطار،
وخروجها بعد تفريغ حمولتها، التي يرجح أنها ذخيرة.
وبحسب
المرصد، فإن هذه التحركات تتزامن مع وصول عدد
كبير من العناصر والضباط إلى المطار، ضمن ما وصفها بـ"التحضيرات لعملية عسكرية
في محافظتي إدلب وحماة وشمال اللاذقية".
ما أسباب تراجع "قسد" عن مساندتها للنظام في معركة إدلب؟
فصائل معارضة تحذر النظام من معركة إدلب: "لن نكتفي بالرد"
المناطق الآمنة.. أمل السوريين في تركيا نحو العودة