فجر قرار رئيس الحكومة، إقالة وزير الطاقة وكبار المسؤولين في صلب الوزارة وحلها، على خلفية شبهات فساد بقطاع المحروقات، موجة جدل بين من اعتبرها خطوة شجاعة للكشف عن ناهبي ثروات الشعب، وبين من صنفها ضمن خانة تصفية الحسابات السياسية مع السبسي وعائلته.
وقال الناطق باسم رئاسة الحكومة إياد الدهماني خلال ندوة صحفية الجمعة، إن إقالة وزير الطاقة خالد قدور، وكاتب الدولة للمناجم هاشمي الحميدي وثلاثة من كبار المسؤولين، جاءت على خلفية تفطن الحكومة لاستغلال حقل نفط بشكل غير قانوني.
ولفت إلى أن قرار رئيس الحكومة، "يأتي في إطار حماية ثروات الشعب التونسي، وإضفاء الشفافية والحوكمة على التصّرف السليم في قطاع الطاقة والمناجم".
وأكد على أن المستثمر التونسي، الذي استغل حقل "حلق المنزل" بمحافظة المنستير الساحلية، طلب من رئيس الحكومة تدشين عملية استغلاله، وبعد التثبت من مصالح وزارة الطاقة تبين أن الرخصة منتهية الصلاحية منذ سنة 2009.
وفي تصريح لوسائل إعلام محلية، أكد رئيس الحكومة يوسف الشاهد أنه "لا توجد خطوط حمر في الحرب على الفساد بما في ذلك أعضاء الحكومة"، معلنا إحالة ملف الطاقة على القضاء للبت فيه.
السبسي وشقيقه في دائرة الاتهام
من جانبه، اعتبر الخبير بمجال النفط، رضا مأمون في تصريح لـ"
عربي21" أن الكشف عن ملفات
الفساد بقطاع المحروقات، واستغلال آبار النفط بشكل غير قانوني كان مطلبا رفعته جمعيات تونسية ضد الفساد وخبراء في مجال النفط منذ سنوات.
وشدد على أن "الحقل الذي تم الكشف عن استغلاله بشكل غير قانوني، يعد من أهم الحقول البترولية بتونس، حيث يقدر مخزونه بنحو 10 ملايين برميل مدخرات، وليس من حق الدولة امتلاكه بحسب شروط سابقة مجحفة ما يعد سرقة موصوفة ونهبا لثروات البلاد".
وأوضح أنه من بين مجموعة من الخبراء ورجال القانون، من تقدموا منذ سنوات بشكاوى ضد صهر الرئيس المخلوع ابن علي، سليم شيبوب، وشقيق السبسي، صلاح الدين السبسي، باعتبارهم ممثلين قانونيين عن الشركات الأجنبية المستغلة لحقول النفط في تونس.
وأثنى على الخطوة التي أقدم عليها رئيس الحكومة، واصفا إياها بالشجاعة، مضيفا أنه "رغم المؤاخذات على الشاهد، فإنه يعد أول مسؤول تونسي تجرأ منذ الاستقلال، على رفع الغطاء عن ملفات الفساد التي تنخر في قطاع المحروقات".
وتابع: "هؤلاء مافيا حقيقية متخصصة في نهب البترول، مقابل تسهيل دخول شركات أجنبية متخصصة في التنقيب عن النفط عبر المحسوبية والرشوة".
مقابل ذلك، وصف النائب بمجلس الشعب عن "حراك تونس الإرادة" عماد الدايمي، قرار الشاهد بإقالة كبار المسؤولين في وزارة الطاقة بأنه "خطوة تصعيدية تكتيكية بمثابة إعلان حرب حقيقية ضد الباجي قايد السبسي شخصيا".
وتابع في تدوينة له: "ظاهر القرار غزوة خاطفة من رئيس الحكومة في إطار حربه المعلنة ضد الفساد وباطنه ضربة تحت الحزام للباجي قايد السبسي لفرض شروط الإذعان عليه".
وشدد الدايمي على تورط السبسي ذاته في قضايا نهب حقول النفط بحسب تقرير استقصائي نشرته صحيفة "نواة" تحت عنوان "السبسي شيبوب: علاقات من الذهب الأسود".
وأوضح أن إحدى شركات استغلال النفط في تونس، والتي تمت مصادرتها بعد الثورة من صهر الرئيس المخلوع ابن علي، سليم شيبوب، تم التفريط فيها بشكل غير قانوني لشقيق الرئيس الحالي صلاح الدين قايد السبسي بتواطؤ من الرئيس.