جامع
شامليجا أو كما يسميه الأتراك جامع أردوغان؛ لأنه صاحب فكرة بنائه ويشرف عليه، ولا يوضع
فيه حجر على آخر إلا بمشورته وموافقته، ويزوره لمتابعة أعمال البناء بين وقت وآخر، وهو
أكبر جامع عرفته تركيا عبر تاريخها.
ويحتوي
البناء الذي يصفه الأتراك بالتحفة المعمارية على أسرار ومعان كثيرة، ومن أجل التعرف إليها زارت "عربي21" المسجد، والتقت نقيب البنائين السيد أرجين كولونك، وهو
المسؤول عن أعمال البناء منذ البداية حتى تسليم المسجد يوم افتتاحه، الذي بات قريبا
خلال أشهر كما يقول.
يقول
كولونك في لقائه مع "عربي21"، إن الرئيس أردوغان اقترح بناء هذا المسجد عندما
كان في زيارة لمنطقة فرآه عام 2012، والتي تقع فيها تلة تشامليجا، وكان وقتها رئيسا
للوزراء. وتكونت نقابة لهذا الغرض، وبدأت أعمال الحفر في العام 2013، وكنا قد أعلنا
عن مسابقة لتصميم المسجد، ووصل لجنة المسابقة 62 تصميما رجح منهم 8 ووقع الاختيار أخيرا
على هذا التصميم، وكان من نصيب مهندستين تركيتين هما باهار ميزراك وخيرية غول توتو،
وفازتا بالمسابقة، وهما الآن ضمن فريق المعماريين الذي يتكون من 12 معماريا.
وأوضح
كولونك أن المسجد يحمل في تصميمه معاني لكل رقم وشكل هندسي، يعني قطر القبة الرئيسية
34 وهو رمز إسطنبول، وطول المآذن هو 107,1، وعند رفع الفاصلة العشرية يصبح الرقم
1071 وهو تاريخ معركة ملاذ كرد الفاصلة في التاريخ بين الغرب والشرق، حيث انتصر فيها
المسلمون الأتراك السلاجقة بقيادة السلطان ألب أرسلان على البيزنطيين، وارتفاع المسجد
من الأرض حتى السقف 72 مترا، وهو عدد الشعوب والأعراق الذين عاشوا على أرض تركيا.
وأضاف
أن الزخارف منها 16 اسما من أسماء الله الحسنى، وهو رمز لعدد الدول التي أسسها الأتراك
منذ امبراطورية طومان 220 قبل الميلاد، انتهاء بالدولة العثمانية، وتحمل القبة الرئيسية
هلالا من المعدن المعالج بتقنية النانو تكنولوجي، بحيث يبقى على لمعانه ولا يتأثر بالعوامل
الطبيعية، ويبلغ طوله 7.62 ووزنه أربعة أطنان و500 كيلو جرام.
وبين
كولونك أن المسجد يرتفع عن سطح البحر 226 مترا، وبني على تلة شامليجا الخضراء، بالجانب
الآسيوي من مدينة إسطنبول، ويرى من أقصى جانبي المدينة الأوروبي منها والآسيوي، مضيفا
أن المسجد يمتد على مساحة 15 ألف متر مربع، ويتسع لـ62 ألف شخص، منهم 25 ألفا بصحنه
الداخلي، ويحتوي على موقف سيارات يسع 3500 سيارة، ومحطة حافلات، ومحطة قطار مترو، وفيه
مكتبة ضخمة، وقاعات محاضرات، ومتحف للفنون الإسلامية التركية، ومشاغل فنية.
وبني المسجد
على الطراز المعماري العثماني، ويشبه المسجد في مئذنه الست المسجد الأزرق، أو مسجد
السلطان أحمد، وهو من تصميم أحد أبرز مهندسي العمارة في الدولة العثمانية المعمار سنان
في القرن الثالث عشر، واقتبست العمارة العثمانية في طابعها للمساجد بعضا من المقومات
الشكلية من الكنيسة البيزنطية - مسجد آية صوفيا.
وقدمت
الحضارة الإسلامية نموذجا في فلسفة العمران، بحيث جعلت من المسجد مركزا للمدينة يمتد
ويتسع من حوله العمران، وذلك ناشئ عن طبيعة دور المسجد في عقيدة المسلمين وثقافتهم، حيث يعد المسجد اللبنة الأولى لبناء الدولة والمدنية والحضارة، ومن حوله تنشأ كافة الأنشطة
البشرية كالتجارة والأسواق والأغراض الاجتماعية والتعليم والصحة. وفق كولنوك.
وتطورت
كثيرا تقنيات عمارة المساجد على مر تاريخ المسلمين، بداية من استخدام جذوع وسعف النخيل
في بنائها، انتهاء باستخدام تقنيات النانو تكنولوجي كما في مسجد شامليجا.
الجزائر تكشف عن موعد تدشين ثالث أكبر مسجد بالعالم