بعد يوم من انتقاد (منظمة العفو الدولية) الملف الحقوقي لمصر، أعربت الخارجية الأمريكية عن قلقها بشأن حقوق الإنسان في البلاد؛ وذلك قبل ساعات من زيارة رئيس سلطة الانقلاب عبدالفتاح السيسي إلى نيويورك لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة وإلقاء خطاب مصر السنوي.
وفي الوقت الذي يحشد فيه أنصار السيسي، بدعوات من بابا الكنيسة القبطية، والهيئة القبطية الأمريكية والمركز الثقافى المصري بنيويورك، لاستقبال السيسي، الذي وصل إلى نيويورك، اليوم الجمعة، في زيارة هي الخامسة للمنظمة؛ تأتي تلك الانتقادات كاشفة عن الوضع المزري للحقوق الإنسان في عهد السيسي.
والأربعاء، أصدرت منظمة العفو الدولية، بيانا عنيفا عن أوضاع حقوق الإنسان بمصر، متهمة الحكومة بشن حملة على حرية التعبير فاقت فترة حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، وحولت مصر لـ"سجن مفتوح" لكل من ينتقد السيسي، قائلة إن "المصريين تحت حكم السيسي يُعاملون كمجرمين لمجرد تعبيرهم عن آرائهم بشكل سلمي".
والخميس، أعربت الخارجية الأمريكية، عن قلقها بسبب تدهور أوضاع حقوق الإنسان بمصر، وانتقد التقرير السنوي للوزارة عن 2017، استمرار انتهاكات حقوق الإنسان، والقيود المفروضة على حرية التعبير والصحافة والإنترنت، فيما قالت المتحدثة باسم الخارجية هيذر نويرت: "قلقون بشأن حقوق الإنسان في مصر".
اقرأ أيضا: السيسي يشارك باجتماعات الأمم المتحدة.. ويلتقي هؤلاء
للضغط والتنازلات
ويرى الكاتب الصحفي، صبحي بحيري، أن الانتقادات الأخيرة التي أطلقتها الخارجية الأمريكية لملف مصر الحقوقي هي "تقليد روتيني يتكرر مع زيارة كل طاغية لأمريكا"، مؤكدا أنه "في الأصل تلك الانتقادات وسيلة من وسائل الضغط لتقديم مزيد من التنازلات".
بحيري، أضاف لـ"عربي21": "أما ما تصدره منظمة العفو الدولية من تقارير حقوقية؛ فقد باتت بمثابة القشة التي يتعلق بها المقهورون في عالمنا الثالث"، موضحا أنه "وفي المحصلة يكون لهذه الإدانات مفعول يتغير تأثيره بتغير الظروف الدولية".
أدوار يتم لعبها
من جانبه أكد نائب رئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان ورئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي محمد زارع، أن "بيان العفو الدولية ليس جديدا، وطوال الوقت تنتقد المنظمة وغيرها من المنظمات الانتهاكات المتكررة والتي أصبحت روتينية"، مضيفا: "وللأسف الحكومة تستقبل تلك التقارير بمزيد من التشكيك بها وفي غاية المنظمة الدولية وتتهمها بأن لها دور سياسي منحاز وبعدم القراءة الصحيحة، وغيرها من حجج الخارجية المصرية".
وبالنسبة لانتقادات الخارجية الأمريكية لملف مصر قال زارع، لـ"عربي21"، إنها "دأبت على ذلك في تقارير سنوية تعلق على أوضاع حقوق الإنسان بالعالم؛ وفي الوقت نفسه دأبت الإدارة الأمريكية على أن ملف حقوق الإنسان ليس هو المحرك الرئيسي بعلاقاتها مع الدول التي تنتقدها ومنها مصر".
الحقوقي المصري، أشار إلى ملاحظة أن "هذه الانتقادات الأمريكية توجه لمصر بعد الإفراج عن المنح العسكرية الأمريكية المجمدة، مع استمرار الدعم العسكري والاقتصادي للإدارة المصرية"، مبينا أن "المسألة ليس بها جديد؛ وهي أدوار يتم لعبها بين الأطراف المختلفة؛ والمصالح هي الغالبة بين الدول وخاصة أمريكا والحكومة المصرية".
اقرأ أيضا: "رايتس ووتش" تنتقد التناقض الغربي في التعامل مع مصر
وأكد أنه "بالوقت الذي يتم فيه الحديث عن حقوق الإنسان وأحكام المؤبد والإعدام وضرورة تحسين الأوضاع الحقوقية؛ فإن ذلك قد يأتي لإرضاء الداخل الأمريكي، وتسهيل التفاوض مع الإدارة المصرية وكورقة للضغط والتأثير على إحدى الملفات العالقة"، مضيفا: "ولكن القافلة تسير والمصالح تستمر، بغض النظر عن حقوق الإنسان ومدى التقدم أو التراجع فيها فهي نقاط غير جوهرية والأهم هو الاستفادة من دور مصر بالمنطقة، وتلك الانتقادات سحابة صيف وانتقاد من الأصدقاء".
وحول مدى إحكام الأمريكان سيطرتهم على السيسي بمثل هذه التقارير الحقوقية، أكد زارع، أن "السيسي، من البداية يتعامل باعتباره جزءا من الاستراتيجية الأمريكية بالمنطقة، وصديق للأمريكان، ويرى أنهم بدرجة كبيرة قادرون على إدارة المنطقة ولذا فهو حريص أن يكون صديقا وتابعا لإدارتهم"، مشيرا إلى أن "الموضوع لا يحتاج جهدا أمريكيا لإخضاعه، لأنهم متأكدون من إخلاصه لسياستهم والدور الهام الذي يلعبه لتنفيذ (صفقة القرن)".
دور المعارضة
وأكد الناشط المصري المعارض بالولايات المتحدة، مصطفى الحسيني، أن "المعارضة المصرية بالخارج (سواء في أمريكا أو غيرها) تسبق السيسي عدة خطوات في التواصل الدائم مع المؤسسات الحقوقية الدولية، وتزودها بتقارير دورية موثقة عن الانتهاكات اليومية التي يمارسها نظام السيسي بحق المصريين؛ هذا طبعا عدا عن مراسلي وصحفيي تلك المؤسسات، وهو الأمر الذي يجعل لتلك المؤسسات خبرة ومعرفة عميقة بما يجري على أرض مصر من انتهاك صارخ وممنهج لحقوق الإنسان".
وبخصوص توقيت تقارير الإدانة لملف مصر بحقوق الإنسان قال الإعلامي المصري، لـ"عربي21": "معلوم لتلك المؤسسات شغف السيسي الدائم لحضور المناسبات الدولية لإضفاء صفة الرئيس المهم الذي يشارك بكل المحافل الهامة، لذا اختيار التوقيت من مؤسسة العفو الدولية هو اختيار موفق ويعكس إصرارهم على فضح نظامه وتذكير العالم بجرائمه قبل وصوله لنيويورك".
وبشأن تعليق الخارجية الأمريكية على ملف مصر الحقوقي أوضح الحسيني، أنه "إجراء دوري يراد به مخاطبة الرأي العام الأمريكي بأن واشنطن حتى وإن كانت تدعم نظام السيسي علنا، فإنها يهمها أيضا تطوير تعامله بهذا الملف"، مشيرا إلى أنه رغم وجود جناح داخل إدارة الخارجية الأمريكية يرى دعم ترامب للسيسي خطأ استراتيجيا يساعده في بسط ديكتاتوريته وتقليل مساحة الديمقراطية بمصر؛ إلا أن دعم البيت الأبيض غير المحدود لنظام السيسي يضرب بآراء ذلك الجناح عرض الحائط".
5 منظمات حقوقية تدين قرار بومبيو بشأن "مساعدات مصر"
هكذا هاجم المرزوقي "إعدامات مصر" ونظام "الاستبداد" (شاهد)
أحكام رابعة.. هكذا قضاء العسكر (انفوغراف)