أثار إعلان رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، القطيعة الرسمية مع حليفه في الحكم حركة النهضة بطلب منها، وانتهاء مرحلة التوافق التي استمرت لنحو أربع سنوات، موجة تساؤلات حول نجاح الحركة في هزيمة السبسي وإنهاء دوره على الساحة السياسية.
ويرى مراقبون أن الرئيس ظهر خلال حوار تلفزيوني الاثنين ضعيفا ومهزوزا نفسيا، ملقيا اللوم على النهضة، حين قال إنها "نفضت يدها منه واختارت طريقا آخر رغم أن التحالف معها كلفه الكثير".
وتعليقا على ما جاء في الحوار، اعتبر القيادي السابق في حزب نداء تونس لزهر العكرمي أن خطاب الرئيس "كان بمثابة خطاب الوداع من الساحة السياسية".
"انتهى سياسيا"
وتابع في حديث لـ"عربي21" أن "السبسي انتهى سياسيا كرجل دولة، وفوت على نفسه فرصة الخروج من الباب الكبير، من خلال تمسكه بابنه وعائلته على حساب مصلحة الوطن، في تكرار لسيناريو خروج بن علي من الحكم حين تمسك لآخر لحظة بمصلحة زوجته وأصهاره على حساب الوطن".
واعتبر العكرمي أن حركة النهضة "سايرت السبسي، في كثير من المواقف، وفي رغباته العائلية، لكنها في النهاية أوقفت هذا التوافق، لما شعرت أن ذلك سيكون على حساب استقرار الحكومة ومصلحة الشعب".
وكان التوافق بين الباجي قائد السبسي ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي عنوان المرحلة التي طبعت المشهد السياسي الذي عاشته البلاد، لنحو أربع سنوات، على إثر ما بات يعرف بـ"لقاء باريس" الشهير الذي جمع الرجلين في 15 أغسطس 2013.
"رئيس ضعيف"
بدوره، يرى الناشط السياسي سامي بن سلامة أن السبسي "خطط بعد لقاء باريس الشهير وإثر نجاحه في الانتخابات الرئاسية، لاحتواء النهضة وجرها لخانة المدنية بهدف تفتيتها وإفقداها جوهرها بين قواعدها كحركة إسلامية إخوانية، لكنها راوغته بإعلان مدنيتها خلال مؤتمرها العاشر".
وأكد ابن سلامة في حديثه لـ"عربي21" أن حركة النهضة "استطاعت أن تسحب البساط من تحت أقدام الرئيس من خلال استغلال معركته مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد وإضعاف نداء تونس".
وتابع: "السبسي خسر اليوم البرلمان من خلال تآكل كتلة حزبه، وخسر سيطرته على الحكومة ووزرائها الذين اصطفوا مع الشاهد، لنكون أمام رئيس ضعيف وعاجز دستوريا وبرلمانيا".
إلا أن سلامة لفت في ذات الوقت إلى أنه بقيت للسبسي "فرصة أخيرة لقلب المعادلة على الجميع، من خلال ترشيح شخصية لخلافته في رئاسة الجمهورية قد تعيد لم شمل القيادات الندائية من حوله".
وكانت الناطقة باسم رئاسة الجمهورية سعيدة قراش، علقت على حديث مراقبين وسياسيين تحدثوا فيه عن "نهاية دور الرئيس سياسيا"، وقالت إن الرئيس السبسي "لم ولن ينتهي لأنه حامل لمشروع مجتمعي ومشروع دولة".
فيما كتب النائب عن كتلة نداء تونس المنجي الحرباوي، عبر صفحته على فيسبوك قائلا: "صفحة جديدة فتحها الباجي في تاريخ تونس بدون الإخوان ودون الانتهازيين شكرا سيدي الرئيس نعود إلى العمل والبناء من جديد".
"سحابة صيف"
وحول الاتهامات التي طالت حركة النهضة من قبل رئيس الجمهورية، رد عضو مجلس شورى الحركة زبير الشهودي بالقول: "نتفهم ما جاء في كلام رئيس الجمهورية والطابع النفسي الذي ظهر عليه، لكن الحركة لم تناقش أصلا بين مؤسساتها فكرة إنهاء التوافق معه".
وذهب الشهودي في حديث مع "عربي21" لاعتبار أن ما جاء في كلام السبسي "خلاف في تقدير الأمور بينه وبين الحركة"، مشددا على "الاحترام الذي تكنه النهضة للرئيس ودوره في استقرار البلاد من خلال سياسة التوافق".
وأضاف: "كل الأطراف بما فيها النهضة والشاهد ورئيس الجمهورية، استفادت من مناخ التوافق الذي طبع المشهد السياسي، ولمن لم يعرف قيمة التهدئة فلينظر لدول الثورات العربية الأخرى كسوريا ومصر وليبيا".
وأعرب الشهودي في ختام حديثه، عن أمله في تجاوز النقطة التي تحدث عنها السبسي حول إنهاء التوافق مع الحركة، واصفا قوله بـ"سحابة صيف عابرة".
تصريحات مثيرة "للسبسي" عن النهضة وحزبه وترشحه (شاهد)
وسط اتهامات له بالانقلاب.. هل يؤسس الشاهد حزبه السياسي؟
هكذا استقبلت أوساط السياسة التونسية تجميد عضوية الشاهد