نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" مقالا للمعلق ديفيد غاردنر، يقول فيه إن غياب الاستراتيجية لدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يصب في صالح إيران.
ويشير غاردنر في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى قرار الرئيس ترامب إدارة جلسة مجلس الأمن الدولي يوم الأربعاء، ووضعه إيران على مذبح الدولة المارقة، ما يعد بأنه لحظة مهمة أكثر من خطابه الذي ألقاه في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
ويرى الكاتب أن "عداء ترامب المستمر للجمهورية الإسلامية، وقراره من جانب واحد الخروج من الاتفاقية التي وقعها سلفه باراك أوباما عام 2015، أصبحا جزءا من المجازات المتماسكة في إدارة دونالد ترامب المتقلبة، وفي الوقت الذي استطاع فيه أن يحدث أضرارا في الشرق الأوسط، إلا أن صوته العالي يفشل حقيقة في تغطية نجاح إيران بالتعاون مع حلفائها في المنطقة للتفوق على الاستراتيجية الأمريكية".
ويقول غاردنر إن "النهج العرضي الذي تبناه ترامب في كل ما يتعلق بالشرق الأوسط لم يؤد إلا إلى نجاحات موضوعية قليلة، فهو يتفاخر بأنه سيقوم بالإعلان عن (الصفقة الكبرى)، وحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، لكنه من خلال ترجيحه قائمة الأماني لليمين الإسرائيلي، وتجاه إسرائيل الكبرى، التي سيتم فيها تحديد حقوق الفلسطينيين، فإنه يزيد من مظلومية الطرفين والفوضى الدائمة".
ويضيف الكاتب: "ربما قام بإغراق الاتفاقية النووية لعام 2015، التي وقعتها الولايات المتحدة إلى جانب روسيا والصين وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، التي أدت إلى تقليص واحتواء البرنامج النووي الإيراني، لكنه لم يقدم أي بديل مكانها، فهو وفريق مستشاريه للسياسة الخارجية يعتقدون أن إعادة فرض عقوبات اقتصادية تعسفية ستؤدي إلى تقويض النظام الإيراني بل ربما تغييره".
ويجد غاردنر أن "هذه العقوبات لم تؤد إلا لتقوية المؤسسة الدينية والجماعة التي تقوم بفرض رؤيتها، وهي الحرس الثوري، وهو المعسكر المتشدد الذي طالما خاف من أن تؤدي الاتفاقية النووية إلى إضعاف سلطته ومصالحه الثابتة، من خلال فتح إيران وشبابها القلق على العالم".
ويلفت الكاتب إلى أن "ترامب قام في أول رحلة دولية له إلى العاصمة السعودية الرياض، بحث السعوديين على قيادة تحالف سني ضد إيران الشيعية الفارسية، وبدلا من ذلك فإنه رحب بتغريدة تلو أخرى، وحرض السعودية على حصار قطر، وهي المهزلة التي دفعت الدولة الثرية بالغاز والمغردة خارج السرب إلى أحضان الجمهورية الإسلامية وتركيا، فيما يواصل الرئيس دعم الحملة السعودية في اليمن، الحملة ضد وكلاء إيران، والحرب المدمرة من الدولة الغنية ضد الأفقر".
ويبين غاردنر أنه "بالنسبة لإيران، فإن حرب اليمن، على أي حال، حرب قليلة الثمن لحرف انتباه السعوديين واستنزافهم ماليا، وفي الوقت ذاته قام الإيرانيون وبنجاح ببناء استراتيجية لبناء قوس شيعي يمتد إلى المشرق، ويطلق عليه أكثر من اسم (الجسر البري) و(الممر) و(الهلال)، فإن هذا الممر يوسع التأثير الإيراني، من جبال زاغروس إلى البحر المتوسط، ومن طهران عبر بغداد إلى دمشق إلى بيروت، الذي تزايد بعد وصول ترامب إلى البيت الأبيض بوقت قصير".
وينوه الكاتب إلى أن "هذه الاستراتيجية موجودة منذ الثورة الإسلامية عام 1979 التي أطاحت بالشاه، وحصلت على أول نتائجها في لبنان بعد غزوه عام 1982، وإنشاء حزب الله، الجماعة الشيعية التي أصبحت رأس الرمح لإيران في المشرق، وحصلت على نتائج أخرى بعد غزو الرئيس جورج دبليو بوش للعراق والإطاحة بصدام حسين، وفتح الباب أمام الشيعة لتولي السلطة في العراق، وكذلك عندما رفض باراك أوباما تسليح المعارضة السنية التي حاولت الإطاحة بنظام بشار الأسد، الذي اصطفت إلى جانبه إيران".
ويقول غاردنر: "لا يلام ترامب على هذا الكاتالوج الطويل من الفشل، فرونالد ترامب قرر عدم المضي والهروب بعدما فجر حزب الله ثكنة للمارينز والدبلوماسيين الجواسيس في بيروت عام 1983، وقبل وصول هذا الرئيس إلى السلطة استنسخت إيران نموذج حزب الله في العراق وسوريا، وإن لم يكن ذلك على قاعدة كبيرة، ومع كل تفوق أمريكا العسكري فلم تكن قادرة على تقديم حل لنشر إيران مليشياتها العسكرية وصواريخها".
ويفيد الكاتب بأنه "كان هناك اعتقاد أن ترامب سينجح حيث فشل سابقوه، إلا أن هذه الإدارة لا تعلم أن إيران وحلفاءها يواصلون الحصول على الشرعية، ففي الأشهر الأخيرة حقق حلفاء إيران انتصارات مهمة في انتخابات لبنان والعراق، وحصلوا على المصادقة الشعبية في مواقع عادة ما حصلوا عليها من خلال قوة السلاح والرعاية الإيرانية".
ويشير غاردنر إلى أنه "في سوريا استطاع الديكتاتور بشار الأسد تعزيز موقعه بدعم من إيران ومليشياتها وحزب الله وروسيا، وزعموا أنهم هزموا جهادية تنظيم الدولة، التي تعلم فشل القيادة السنية".
ويذهب الكاتب إلى أن مغازلة السعودية لإسرائيل تمنح إيران الفرصة للزعم بأنها القوة الوحيدة التي لا تزال تدافع عن الفلسطينيين، مشيرا إلى أن إيران استطاعت حتى هذا الوقت التأكيد بأن مصالحها إما تداخلت أو تلاقت مع مصالح روسيا وتركيا، اللتين لهما وجود في سوريا، فيما لم تقرر أمريكا بعد عما إذا كانت ستبقي قواتها في شرق سوريا وشمال العراق.
ويختم غاردنر مقاله بالقول: "قد تتغير الأمور في أي وقت، فالنزاع قائم بين إيران وإسرائيل في سوريا، حيث تقوم المقاتلات الإسرائيلية بضرب الأهداف الإيرانية وحزب الله، فضربت 200 غارة، وقد تصعد في أي وقت، والجميع يركب على ظهر هذا النمر المتفجر، لكن من الأفضل أن تكون هناك استراتيجية".
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا
نيويورك تايمز: لماذا نسي ترامب اليمن بخطابه بالأمم المتحدة؟
هيل: على أمريكا لجم الأمير الصغير المتهور ابن سلمان
التايمز: هل بدأ حلفاء أمريكا بتصعيد حرب الوكالة ضد إيران؟