فتح إعلان ما يسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم من دولة الإمارات، عن تصعيد جديد لإسقاط الحكومة اليمنية الشرعية في مدينة عدن (جنوبا) والسيطرة على المقار والمباني الرسمية، الباب واسعا، لتساؤلات عدة حول قدرته على تنفيذ تهديداته هذه، والتي حذرت منها الحكومة في بيان لها في اليومين الماضيين.
وكان المجلس الجنوبي الذي تقيم قياداته في "أبوظبي"، قد دعا الأربعاء، أتباعه للسيطرة على مؤسسات الدولة الإيرادية في محافظات جنوب البلاد، وطرد الحكومة منها.
أداة بيد أبوظبي
وتعليقا على هذا الموضوع، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي إن تهديد المجلس الانتقالي بالتصعيد ليس جديدا، فباسم هذا الكيان الذي أنشأته الإمارات وتقوم بتوظيفه، واجهت السلطة الشرعية في كانون الثاني/ يناير مطلع العام الجاري انقلابا عسكريا عبر قوات ما تسمى "الحزام الأمني" وبقية التشكيلات المحسوبة على هذا المجلس والمدعومة كليا وبأحدث الأسلحة من جانب "أبوظبي".
وأضاف في حديث لـ"عربي21" أن الانتقالي يحاول استغلال الوضع المعيشي الذي يعاني منه اليمنيون في محافظات الجنوب، وهو يعد أداة بيد نظام أبوظبي والتحالف لتكريس هذه المعاناة.
ووفقا للتميمي فإن هذا الكيان يتحرك وفق خطة الصدمة التي يعتمدها ابن زايد وابن سلمان بهدف حمل اليمنيين على القبول بمخطط تفكيك الدولة اليمنية ثمنا لسلام قد يأتي.
وأكد الكاتب اليمني أنه لا معنى لانتفاضة شعبية بعد تحركات عسكرية، فالمجلس الانتقالي بات معزولا أكثر من أي وقت مضى، ولم يعد له تأثير في الساحة الجنوبية، التي تتجه نحو التصعيد ضد التحالف.
وقلل من أهمية هذه الدعوة من قبل الانتقالي الجنوبي، وقال إنه لا يتوجب التركيز على تحركاته، بل مراقبة الإمارات والسعودية، فهما اللتان توفران الغطاء لهذا المجلس الذي يدعي أنه يمثل الجنوب.
وكانت مدينة عدن قد شهدت في شهر يناير مطلع العام الجاري، مواجهات دامية استمرت لثلاثة أيام، بين القوات الحكومية وقوات انفصالية تابعة للمجلس الانتقالي، إثر "محاولة انقلابية"، سعى لها الأخير بدعم وغطاء جوي من القوات الإماراتية، انتهت بوساطة سعودية.
أمر واقع
من جهته، رأى ناشط سياسي يمني، رفض الكشف عن اسمه، أن إعلان المجلس الانتقالي بمثابة "ورقة ضغط جديدة للضغط على الرئيس اليمني، وحكومته لتمرير صفقات تمس السيادة الوطنية وبدون مقابل.
وقال في حديث خاص لـ"عربي21" إن أقصى ما يمكن أن يحدث هو فرض أمر واقع يزيد من أعباء وتكاليف الإمارات، الداعمة للمجلس، دون أن يحقق لها ما تريد.
وأكد الناشط السياسي اليمني أن سياسة الأمر الواقع والحكم الذاتي، التي يسعى إليها هذا الكيان، لا تخول سلطاتها التنازل أو تأجير أو بيع الأراضي الوطنية إلا بموافقة السلطة المركزية ومجلس النواب. وأوضح أن هذا المجلس وقياداته ليسوا سوى ورقة ضغط ستتبخر قريبا، وفق تعبيره.
وبحسب المصدر ذاته فإن السلطات الإماراتية، تمارس سياسة "الابتزاز" عبر هذا المجلس، الذي صنعته، في مسعى لتمكينه من المشاركة في الحكومة والحصول على وزارات سيادية، والتغول في القرار السياسي، ولذلك فهي تدفعه للتصعيد ضد الشرعية في عدن.
اقرأ أيضا: حزب الإصلاح اليمني يحذر من فوضى أمنية "ممولة" بعدن
وأشار إلى أن المسعى الإماراتي من هذا التوظيف للمجلس، ليس "فصل الجنوب عن الشمال"، وإنما زرعه داخل الحكومة، إذ إن وجوده داخلها، يمكنها من التأثير على القرار السياسي اليمني، لتمرير أجندتها، والحصول على ما تريد.
وأوضح الناشط اليمني أن هذه اللعبة، سبق أن تم إفشالها من قبل الرئيس هادي، من خلال الإطاحة بـ خالد بحاح، من منصبي نائب الرئيس ورئيس الحكومة في العام 2016، بعدما اكتشف مسلسل الخيانة من قبل الرجل ومحافظي محافظات مهمة، محل أطماع التحالف جنوب وشرق البلاد.
شغب واستهلاك
في السياق ذاته، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي، عبد الرقيب الهدياني أن مفردات بيان المجلس تحمل تصعيدا كبيرا جدا، بما يشبه "انقلابا مكتمل الأركان".
لكنه، استدرك قائلا لـ"عربي21" إنه كمراقب لما يجري على الأرض، لم ير أي تحركات سواء كانت جماهيرية أم عسكرية، بالمقارنة مع تصعيدهم السابق في شهر يناير مطلع العام الجاري، حيث كان هناك انتشار من قوات المجلس الانتقالي والحزام الأمني، وكذلك من الطرف الآخر، ألوية الحماية الرئاسية التابعة للرئيس هادي.
ورأى الهدياني أن بيان التصعيد الذي أصدره المجلس لا يعدو كونه "شغبا واستهلاكا وإثارة" أكثر منه واقعا للفت الأنظار وإحداث جلبة، لجلب الاهتمام نحوه.
وأشار إلى أن لقاء رئيس هذا المجلس، عيدروس الزبيدي وقياداته، بالمبعوث الأممي مارتن غريفيث، في أبوظبي، ربما سيثمر في نزع فتيل التصعيد الذي ينوي القيام به.
وبحسب الكاتب اليمني فإن مشهد يناير الماضي، لن يتكرر هذه المرة، أو إن الوضع سيكون أسوأ من ذلك، بل إن الأوضاع ستكون طبيعية.
وذكر أن المجلس الجنوبي يعلم ويعي معنى "فرض أمر واقع في عدن والجنوب عامة"، نظرا لوجود أكثر من لاعب في المشهد الجنوبي، بالإضافة إلى البعدين الإقليمي والدولي.
ووفقا للسياسي اليمني فإن "الانتقالي" ورقة تحركها دولة الإمارات في إطار تصعيدها ضد الحكومة الشرعية، وكما أنها تحرك قياداته عبر خدمة "واتساب" بوساطة القائد الإماراتي، فإن ذلك سيتوقف بطريقة أخرى، وسيذهب هذا التصعيد بموجب إرادة تلك الدولة الخليجية لا بإرادة المجلس.
الحكومة تحمل التحالف
بموازاة ذلك، حملت وزارة الداخلية في الحكومة الشرعية، في بيان رسمي لها أمس الأول، التحالف العربي الذي تقوده الرياض، المسؤولية القانونية عن تأمين وسلامة عدن والمحافظات المحررة باعتباره شريكا أساسيا مع الحكومة.
اقرأ أيضا: "الانتقالي الجنوبي" يدعو للسيطرة على مؤسسات جنوب اليمن
وأكدت الداخلية أنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي أعمال فوضى وتخريب تستهدف مؤسسات الدولة ومرافقها، وتقلق السكينة العامة.. واصفة إعلان المجلس الانتقالي بأنه غير مسؤول ودعوة إلى الفتنة، محذرة من الاستماع أو الانجرار له.
وحثت الوزارة أجهزتها الأمنية وقوات الجيش والسلطات للقيام بواجبها في حماية وتأمين المرافق الحكومية والممتلكات وحفظ الأمن والاستقرار.
وتشكل "المجلس الانتقالي الجنوبي"، في أيار/ مايو 2017، عقب إقالة الزبيدي من منصبه محافظا لعدن، وهو المنصب الذي تولاه في كانون الأول/ ديسمبر 2015.
ويرفع المجلس شعار "الانفصال واستعادة دولة الجنوب التي توحدت مع الشمال في 22 أيار/ مايو 1990"، ويقدم نفسه على أنه الممثل الوحيد للجنوبيين.
حزب الإصلاح اليمني يحذر من فوضى أمنية "ممولة" بعدن
انهيار العملة اليمنية يفجر سخطا كبيرا.. تهديد بالمجاعة
توتر عسكري باليمن مرشح للانفجار جنوب مدينة تعز (وثائق)