زادت بشكل مكثف مؤخرا الزيارات الخارجية لرئيس سلطة الانقلاب في مصر عبدالفتاح السيسي، لتصل برحلته المقررة الأحد لألمانيا نحو 46 زيارة خلال ولايتيه، والتي تعد أيضا الخامسة له في 30 يوما؛ وهو رقم كبير حسب محللين، وسط تساؤلات عن مكاسب مصر من تلك الزيارات وتكلفتها على موازنة الدولة المصرية؟
وقبل شهر، أنهى السيسي زيارته إلى نيويورك بعد مشاركته لمدة أسبوع بالدورة 73 للأمم المتحدة في 28 أيلول/سبتمبر الماضي.
وبدأ بعدها بـ12يوما زيارة إلى جزيرة كريت في 10 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، للقاء ثلاثي مع قادة اليونان وقبرص. وبعد مرور 5 أيام قام السيسي بزيارة لمدة 3 أيام إلى روسيا، منتصف من الشهر الجاري.
ومكث السيسي بالقاهرة نحو أسبوع، ثم سافر إلى السودان الخميس الماضي، 25 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، في زيارة لمدة يوم واحد.
وبعد عودته للقاهرة بيومين يستعد السيسي غدا الأحد 28 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، لزيارة ألمانيا في زيارة هي الخامسة له خلال شهر واحد، وهو الأمر الذي تكرر بشكل مماثل بالأشهر السابقة.
دعاية شخصية
وفي تعليقه على تكرار الزيارات الخارجية للسيسي ومردودها وتكلفتها، أكد السياسي المصري القيادي بحركة كفاية حسن حسين، أن "كل تلك الزيارات أشبه بالعلاقات العامة،التي يعمل النظام الحاكم على استثمارها بشكل دعائي له لا أكثر".
الكاتب الصحفي المعارض، قال لـ"عربي21": "على الرغم من كل تلك الزيارات والاتفاقيات الثنائية المزعومة خلال زياراته الخارجية لم نجد مردودا ملحوظا على الاقتصاد المصري".
حسين، أشار إلى أن "معدلات البطالة مازالت في تزايد، ومازال الاقتصاد يئن من الديون، ومازال المواطن بين سندان الوعود ومطرقة الواقع المتردي".
تثبيت أركان حكمه
وحول مبررات ذلك الكم من الزيارات المتتابعة للسيسي إلى الخارج، يعتقد مدير المعهد الدولي للعلوم السياسية والاستراتيجية باسطنبول، ممدوح المنير، أن زيارات السيسي الخارجية هي في الغالب لتثبيت أركان حكمه والقليل منها وربما النادر لمصالح وطنية".
الأكاديمي المصري، قال لـ"عربي21"، إن "السيسي حاليا مشغول أوروبيا بمحاولة تمرير صفقة استقبال المهاجرين غير الشرعيين الذين ستطردهم أوروبا ليستقروا في معسكرات في مصر مقابل مبالغ مالية"، متوقعا أنه "في الغالب لن يستفيد منها سوى النظام".
وأضاف المنير، "وفضلا عن ذلك فإن السيسي، يقود محاولات لإنقاذ الأمير محمد بن سلمان، من مأزقه الحالي -قتل الصحفي جمال خاشقجي- عبر الحديث مع عدة دول معنية بالموضوع، فضلا عن أن زيارته لروسيا هي الأخرى محاولة لإيجاد بديل للحليف الأمريكي الذي قد يغدر به في أي لحظة كما يفعلون الآن مع ابن سلمان".
وبشأن مردود تلك الزيارات على الشعب المصري، أكد الباحث السياسي، أن "السيسي في الواقع لا يهمه الشعب ولا يلتفت إليه ولا يضعه في حساباته على الإطلاق"، مشيرا إلى أن "الفقراء والمحتاجين والمهمشين ليسوا عالمه بل إنه يحتقرهم"، موضحا أنه "ولذلك فإن الزيارات الخارجية هي فقط لمصلحته ولا عائد للشعب منها".
وأردف: "يجب ألا ننسى أن السيسي، يروج لنفسه دائما أنه رجل الحرب على الإرهاب -والذي فشل في محاربته داخليا- وأنه يريد تصدير خبرته الفاشلة خارجيا كذلك"، موضحا أن "هذه بضاعته التي لا يعرف غيرها رغم أنه لا يحسنها كذلك".
الكلفة الاقتصادية
من جانبه طالب الاقتصادي والأكاديمي المقيم بالولايات المتحدة محمود وهبة، بمنع السيسي من السفر بجولات خارجية جديدة، معلالا ذلك بأنه قام بـ44 زيارة لدول العالم، حتى زيارة روسيا الأخيرة وكان لكل زيارة أثرها السيئ على الاقتصاد المصري.
وقال عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "امنعوه من السفر"، معلالا ذلك بقوله: "كل المشاكل والأزمات والكوارث التي خلقها السيسي خلقها بسفرياته عندما يجلس مع رئيس دولة أخرى"، مؤكدا أن زيادة الإنفاق والقروض، أهم نتاج زياراته.
وأشار إلى أن السيسي، زار روسيا 3 مرات وحصل على قروض 25 مليار دولار جميعها ديون، بفوائد 7 مليارات دولار، حسب نص القانون الذي نشرته الوقائع المصرية، كما اشترى من روسيا أسلحة بـ10 مليارات دولار.
وبين وهبة، أن السيسي، كلف مصر بزيارة واحدة لألمانيا 9 مليارات دولار بعدة مشتريات منها غواصات بحرية، وأنه اشترى أسلحة وطائرات بـ 6 مليارات دولار خلال 3 زيارات لفرنسا، مشيرا إلى أن مجموع القروض بلغ 47 مليار دولار، والمشتريات العسكرية 10 مليارات دولار.
وأوضح أن السيسي أنفق واقترض بأقل من 3 سنوات 57 مليار دولار، في دولة الاحتياطي النقدي لديها لا يكاد يكفي لشهر لاستيراد أكلها ( الاحتياطي 15.5 مليار دولار بعد دفع 8 مليارات دولار لديون مستحقه هذا العام يتبقي 7.5 مليارات دولار منها 2 مليار دولا ر ذهب فيتبقى 5.5 مليارات دولار لا يكفي لاستيراد غذاء لشهر واحد لمصر".
وأكد وهبة أن التفريط بأرض مصر ومياه النيل، كانت نتائج سيئة ثانية لزيارات السيسي الخارجية، وأوضح أنه بعدة زيارات لإثيوبيا والسودان تنازل عن حصة مصر التاريخية من مياه النيل ( 55 مليار متر مكعب) في آذار/مارس 2015، بالخرطوم.
وأضاف أنه في زيارات متبادلة لقبرص واليونان والقاهرة تنازل عن بعض حقوق مصر بالغاز والثروات البحرية باتفاقية ترسيم الحدود مع قبرص واليونان، وأنه في 7 زيارات للسعودية وزيارة واحدة للملك سلمان بن عبدالعزيز للقاهرة تنازل عن جزيرتي (تيران وصنافير) للسعودية.
وتساءل: "لماذا يسافر السيسي؟"، مؤكدا أن الأزمة تحتاج لإدارة وليست زيارة، مبينا أن "رؤساء الدول الأخرى يستغلون شعوره بالنقص وجنون العظمة الذي يصاحبها، وحاجته للاعتراف بنظامه ومحو توصيفها بأنها انقلاب عسكري من ذهن العالم، ويستغلونه لمصالح دولهم".
ما سر ضعف "الرد المصري" في أزمة دير السلطان بالقدس؟
سخرية واسعة من "لباس" السيسي.. "حقق حلمه" (شاهد)
سياسيون: هكذا تواصل مصر دفع ثمن "انتهازية" السيسي