تناول خبراء ومحللون إسرائيليون أسباب ما يسمونها الأزمة مع الأردن على خلفية قرار الأخير إلغاء أحد ملاحق اتفاق السلام القاضي بوقف تأجير بعض أراضيه لإسرائيل كما نص اتفاق وادي عربة عام 1994.
وقال الخبير الإسرائيلي في الشؤون العربية آساف غيبور إن "الأزمة الناشبة بين إسرائيل والأردن، تعود أسبابها في الاستجابة لضغوط أردنية داخلية، والوضع الاقتصادي الصعب، وأزمة المياه، وتطرح السؤال حول مدى الخطر المحدق باتفاق السلام برمته".
وأضاف غيبور في تحقيق مطول بصحيفة مكور ريشون، ترجمته "عربي21" أن "المملكة الأردنية تعيش حالة من ازدحام اللاجئين الفلسطينيين والسوريين والعراقيين، والعلاقات بينهم ليست سهلة أمام العائلة المالكة، وفي ظل الضغوط الداخلية المتلاحقة فإن طلب إلغاء اتفاق السلام مع إسرائيل يعتبر هدية من السماء للملك عبد الله الثاني".
"ديون خارجية"
وأوضح أن "الأردن يعيش ظروفا اقتصادية صعبة، فهو يعاني من ديون خارجية بقيمة 37 مليار دولار، وقبل عامين حصل على قرض بقيمة 723 مليون دولار من صندوق النقد الدولي مقابل إجراء إصلاحات اعتبرها الأردنيون تدخلات في شؤون المملكة".
وأشار الخبير الإسرائيلي إلى أن "معدلات البطالة في الأردن ارتفعت بصورة كبيرة بعد وصول أكثر من مليون سوري إلى المملكة بسبب الحرب في بلادهم، ما دفع الأردن لإنفاق عشرة مليارات دولار للتعامل معهم، بعد أن باتوا عبئا على أكتاف الدولة".
ويضيف: "لذلك أدى رفع أسعار المحروقات والكهرباء في المملكة إلى اندلاع احتجاجات شعبية واسعة دفعت الملك لإقالة رئيس الحكومة على خلفية الأزمة الاقتصادية".
"التحرر من الضغوط"
من جهته يرى السفير الإسرائيلي السابق في عمان عوديد عيران أن "القرار الأردني يعود لرغبة القصر الملكي بتحقيق إنجازات سياسية بشأن العلاقة مع إسرائيل، لاسيما من خلال مشروع قناة البحرين التي دعمتها عدة جهات في إسرائيل، ورغم أن الحكومة الأردنية رغبت بالمشروع، فإن أوساطا دولية وضعت العديد من الشكوك حولها، وحتى اليوم لم نجد ممولين دوليين للمشروع".
وأضاف عيران، الباحث بمعهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب أن "الأردن طلب من إسرائيل المساعدة بتوفير التمويل المالي للمشروع، لكنه لم يحصل على إجابات إيجابية حتى الآن منها، صحيح أن رئيس الحكومة الإسرائيلية مؤيد للمشروع، لكن وزارة المالية كالعادة ترى أنه فوق احتياجات إسرائيل".
وأشار الدبلوماسي الإسرائيلي أن "الأسباب التي جعلت الأردنيين يتخذون قرارهم، تتركز أولا في رغبتهم بممارسة ضغوط على إسرائيل، وثانيا مراعاة للتواجد الفلسطيني في الأردن المنادي منذ 1994 بإلغاء اتفاق السلام، ومعارضة أي تطبيع للعلاقات بين عمان وتل أبيب".
ويتابع: "لذلك أراد الملك التحرر من أي ضغط بشأن الأراضي المستأجرة، وثالثا ما يتعلق بالربيع العربي، ووجود مؤشرات حول نزاع داخلي بالمملكة، وزيادة المطالبات بتقليص صلاحيات الملك، وإقامة ملكية دستورية، وانضمام عشرات من كبار ضباط الجيش الأردني، وهي ظاهرة لم نعهدها من قبل".
وختم بالقول: "لا أرى أهمية إستراتيجية واقتصادية للأراضي التي طالب الأردن باستعادتها، لكني حريص على دخول البلدين في حوار استراتيجي يراعي مصالحهما، واستمرار علاقاتهما، وفي حال أصر الأردن على عدم تأجير أراضيه، فسيكون أمرا صعبا على إسرائيل، لكن لن تحصل كارثة كبيرة".
مدير المعهد الدبلوماسي الشعبية ألين بيكر، قال إن "الرد على قرار الأردن الأخير قد يتمثل في التفاوض مع الأردن حول قضايا الطيران، حيث يسمح الاتفاق بأن تحلق الطائرات الأردنية فوق الأجواء الإسرائيلية للوصول إلى أوروبا، واتفاق التجارة الذي يسمح للأردنيين بنقل بضائعهم عبر مينائي أسدود وحيفا".
وأضاف بيكر، الباحث في المعهد المقدسي للشؤون العامة والدولة، وأحد المشاركين بصياغة اتفاق السلام مع الأردن أن "قرار الأردن الأخير يعقد الوضع أكثر بين الدولتين، لأنه يفتح أمامنا جبهة جدية لم نفكر بها من قبل".
"عكس والده"
أما المستشرق وأستاذ الدراسات الشرق الأوسطية في الجامعات الإسرائيلية مردخاي كيدار قيقول إن "هناك العديد من الأسباب التي تجعل إسرائيل غير مقيدة في خطواتها للرد على القرار الأردني، لأن الملك عبد الله لديه نوايا كما يبدو لإهانة إسرائيل".
وأضاف أن "السياسة المعادية التي ينتهجها عبد الله ضد إسرائيل تجلت في أزمة البوابات الإلكترونية في الحرم القدسي، ومن خلال ابن عمه الأمير زيد بن رعد الرئيس السابق لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الذي وضع اتهام إسرائيل نصب عينيه ليل نهار، وهو بعكس والده الذي عارض قيام دولة فلسطينية، فإن عبد الله يسعى لإقامتها، هذا هو هدفه الاستراتيجي".
وأكد أن "إسرائيل مطالبة بانتهاج سياسة جديدة تجاه الأردن، ليس بالضرورة خرق الاتفاق معه، ولكن التوقف عن الجمود أمام طرف بقاؤه منوط بنا من ناحية أمنية، وكل الأحاديث حول أن اتفاق السلام مع الأردن هو كنز استراتيجي إنما يرفع من قيمة الثمن الذي يسعى الأردن لتحصيله، وهنا المسؤولية ملقاة على كاهل الإعلام الإسرائيلي، لأن إسرائيل تعيش حالة من الهستيريا المبالغ بها من القرار الأردني".
وختم بالقول إنه "في الشرق الأوسط محظور أن يظهر طرف ما أنه يعيش تحت الضغط، لكن للأسف فإن إسرائيل تعيش أمام القرار الأردني بذات الطريقة الساذجة التي تتكرر في كل مرة".
هكذا نظر الإسرائيليون لإلغاء الأردن أحد ملاحق اتفاق السلام
كاتب: هذا شرط موسكو للاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان
سفير الإمارات بواشنطن يشارك بفعالية داعمة لإسرائيل (صورة)