نشرت مجلة "فوربس" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن التهديدات التي يواجهها المعارضون السعوديون، واستهدافهم من قبل السلطات السعودية عن طريق أحدث تقنيات التجسس التي تدعى "بيغاسوس"، والتي تبلغ قيمتها مليار دولار.
وتم تصميم هذه التقنية من قبل شركة "آن آس أو" الإسرائيلية المتخصصة في صناعة أجهزة المراقبة فائقة السرية.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الحملة التي يقودها النظام السعودي ضد المعارضين المغتربين أصبحت أكثر توسعا وانتشارا، وقد تضمنت سلسلة من الهجمات الرقمية في الأشهر التي سبقت مقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي. ومن بين المستهدفين الكوميدي غانم المصارير، الذي تعرض هاتفه الآي فون آكس للاختراق من خلال برنامج التجسس "بيغاسوس" الذي يمكنه جمع المعلومات من خلال دردشات الواتساب ورسائل البريد الإلكتروني، والتجسس على الأشخاص عبر كاميرا الهاتف الذكي والميكروفون.
وأوردت المجلة أن الناشط السياسي يحيى عسيري صرح كذلك بتعرضه لهذا النوع من الهجمات الإلكترونية. كما جرى رصد هجمات أخرى استهدفت الناشط عمر عبد العزيز المقيم في مدينة كيبك الكندية.
وعلى خلفية ذلك، دقّ المدافعون عن حقوق الإنسان ناقوس الخطر حول انتشار أجهزة التجسس، ومن بينهم نائبة مدير البرامج في قسم التكنولوجيا في منظمة العفو الدولية، دانا إنغلتون.
وأشارت المجلة إلى أن شركة "آن آس أو" تعرضت لنقد لاذع بعد الكشف عن محاولات استهدافها للمحامين الذين يمثلون عائلات الطلاب، الذين افتقدوا سنة 2014 كجزء من عمليات الخطف الجماعية والقتل المزعومة، التي ارتكبتها شرطة المكسيك وعصابة محلية هناك. كما اكتشف الباحثون وجود آثار لاستخدام هذه البرمجيات الخبيثة ضمن 45 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة.
وأضافت المجلة أن الباحثين المستقلين الذي قاموا بمراجعة الرسالة التي تلقاها المصارير، استخلصوا أن برنامج التجسس "بيغاسوس" يخترق الهاتف من خلال رسالة إلكترونية يتلقاها المستهدف تتضمن رابطا خبيثا.
ويلوم المصارير النظام السعودي قائلا: "إنهم يريدون تعذيبك عاطفيا ونفسيا، فهم خبراء في هذا المجال". وقد أثارت الرسالة النصية التي تلقاها المصارير الشكوك لأنها تشبه الرسالة التي تلقاها الناشط عمر عبد العزيز في شهر آب/ أغسطس، حيث علم حينها أن محادثاته مع خاشقجي كانت تحت المراقبة في الفترة التي سبقت وفاته.
وذكرت المجلة أن المصارير تحدّث عن تعرضه للاعتداء المستمر على الإنترنت، إذ يدعي تلقيه طلبات متكررة لإزالة حسابه على يوتيوب وتعرض حسابه على الإنستغرام للإختراق والحذف. إلى جانب ذلك، تلقى هذا المعارض السعودي تنبيهات على هاتفه تحذره من أن شخصا ما يحاول الولوج إلى حساباته على غوغل وتويتر، واصفا هذه التهديدات بأنها جهود من وكلاء سعوديين لإخافته.
وكشفت المجلة أن المصارير كان يعتقد أن هاتفه محمي لأنه من الإصدار الأخير لشركة أبل، لكن تبين لاحقا أنه ليس مؤمنا كما يجب. وعندما حاول المصارير التحقق من إمكانية تحديث برمجية هاتفه، تلقى رسالة لتأكيد "التحميل" وهو ما وصفه مارك زاك، الذي كان يتتبع البرمجيات الخبيثة التي تستعملها "آن آس أو" خلال السنوات الأخيرة كجزء من عمل منظمة "سيتزن لاب" غير الربحية، بأنه مؤشر يدل على أن "بيغاسوس" موجود في الجهاز لكنه على الأغلب لم ينجح في اختراقه.
وأفادت المجلة بأن محاولات المملكة لاستهداف جهاز الآي فون الخاص بالممثل الكوميدي غانم المصارير تضيف مزيدا من المصداقية للفكرة التي تفيد بأن السعودية قامت بإنشاء جهاز مراقبة عالمي لملاحقة منتقدي النظام. مع ذلك، لا يوجد دليل واضح على أن القراصنة السعوديين يقفون وراء موجة هجمات "بيغاسوس" لذلك يحاول الباحثون ربط الأحداث ببعضها. وفي هذا السياق، يقول بيل مارك زاك: "بما أن كلا من يحيى وعمر وصالح يعتبرون من المعارضين السعوديين البارزين، فمن المرجح جدا أنه وقع استهدافهم لصالح المملكة".
ويشير مارك زاك إلى أنه من بين 12 بلدا وقع استهدافه من قبل ما يعرف باسم "فرقة قراصنة المملكة"، يبدو أن هنالك تركيزا واضحا على بلدان الشرق الأوسط. وتشمل البلدان التي قامت السعودية باستهدافها المملكة نفسها والبحرين ومصر والأردن والعراق فضلا عن قطر ولبنان وتركيا والمغرب وكندا والمملكة المتحدة وفرنسا.
وتحدثت المجلة عن المعارض يحيى العسيري، مؤسس منظمة حقوق الإنسان السعودية "القسط"، الذي وقع استهدافه خلال شهر أيار/ مايو الماضي. وعلى عكس المصارير، كان العسيري على اتصال دائم بخاشقجي وكانت المملكة تولي اهتماما بذلك. وخلال شهر كانون الأول/ ديسمبر 2017، نظم العسيري أول مؤتمر خاص بمنظمة "القسط" في لندن. وقد شارك خاشقجي في هذا الحدث عبر اتصال على تطبيق سكايب.
وبعد أيام من عقد هذا المؤتمر، نشرت صحيفة "الحياة" اليومية بيانا لمالكها، الأمير السعودي خالد بن سلطان، أنهى فيه رسميا علاقة الصحيفة بخاشقجي. ومن بين الأسباب التي دفعت الأمير إلى اتخاذ مثل هذا القرار "مشاركة خاشقجي في الاجتماعات المشبوهة الساعية إلى تقويض النظام في المملكة". ومن جهته، يعتقد العسيري أن المؤتمر الذي قام بعقده في لندن هو الحدث "المشبوه" الذي يتكلم عنه بن سلطان.
وقالت المجلة إنه بعد حوالي نصف سنة، حاول برنامج "بيغاسوس" اختراق هاتف العسيري، حيث تلقى رسالة غريبة من رقم ألماني مفادها أنه من المقرر أن يمثل أمام القضاء. وعندما حاول العسيري فتح هذا الرابط باستخدام جهاز الماكنتوش الخاص به، أخذه الرابط إلى موقع وزير العدل السعودي، مما دفعه إلى الاعتقاد بأن هذه الرسالة قانونية.
وفي وقت لاحق، قام العسيري بفتح الرابط على هاتفه، ليلاحظ بعد فترة حدوث أشياء غريبة لأجهزة الآبل الخاصة به. فقد بدأت درجة حرارة هاتفه ترتفع مما أدى إلى احتراق البطارية. وفي هذا الصدد، يقول العسيري: "لا أعتقد أنهم اخترقوا هاتفي، لكنهم حاولوا ذلك وقد دمروا أشياء داخله أثناء قيامهم بهذه العملية". وقد اختار العسيري أن يقوم بمسح جميع البيانات من هاتفه وحاسوبه على الرغم من أنه لم يتأكد من أن هاتفه قد وقع اختراقه.
وفي الختام، ذكرت المجلة أن العسيري قد أكد أنه على الرغم من محاولات السعودية تعقب المعارضين السعوديين باستخدام طرق غير شرعية، إلا أنه لا يزال هناك مجال لبعض التفاؤل حول تغير الأوضاع خاصة بعد مقتل خاشقجي الذي وضع السعودية محل تدقيق ومراقبة عالمية.
الجبير: ابن سلمان يعد خطا أحمر لكل رجل وامرأة سعودية
كوركر: المؤشرات تفيد بأن ابن سلمان أمر بقتل خاشقجي
سفير السعودية بواشنطن يتبرأ من استدراجه خاشقجي لاسطنبول