تشهد مناطق المعارضة في سوريا، اغتيالات متكررة بين صفوف المقاتلين والنشطاء المعارضين، إذ وصلت وفق آخر إحصائية إلى 159 حالة بين اغتيال ومحاولة اغتيال، ما يثير تساؤلات حول من يقف وراءها، وسط حديث عن عناصر من النظام السوري تعمل خفية في مناطق المعارضة المسلحة.
وبحسب تقرير نشرته وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، وصل "عربي21" نسخة منه، فإن ثلاث مناطق تحت سيطرة المعارضة السورية، تركزت فيها الاغتيالات، من تموز/ يوليو 2018 وحتى أيلول/ سبتمبر 2018، هي:
- مناطق غصن الزيتون (20) بين محاولة واغتيال
- مناطق درع الفرات (46)
- في إدلب وحولها (93)
وتوصل التقرير إلى أنه لا أحد مستثنى من التشكيلات العسكرية المختلفة، والجهات المدنية في مناطق المعارضة، من الاغتيالات، التي غالبا ما ينتهي التحقيق حول فاعليها بنتيجة "مجهول".
من خلفها؟
من جهته، حمل الناطق باسم الجبهة الوطنية للتحرير، ناجي مصطفى أبو حذيفة، مسؤولية ما يحدث من اغتيالات ومحاولات اغتيال إلى جهتين، قائلا: "نظام الأسد المجرم، والمليشيات الموالية له، ومنها ما هو إيراني.. هؤلاء من يقفون وراء ما يحصل من حرب اغتيالات".
وقال لـ"عربي21"، إن النظام السوري يهدف إلى نشر الخوف والفوضى بين صفوف المدنيين في مناطق المعارضة، وإلى زرع الفتنة بين الفصائل المقاتلة.
وعن كيفية تعامل الجبهة الوطنية للتحرير، فأوضح أبو حذيفة، أن الجبهة لديها مكتب أمني مكلف بمثل هذه الأمور، ولديه أفرع ومكاتب عدة في مناطق المعارضة.
وأضاف أن المكتب الأمني التابع للجبهة سبق أن تمكن من إحباط العديد من محاولات الاغتيال، وقام بالكشف عن مخططات عدة لتفجير عبوات ناسفة.
عناصر متخفية
وعن كيفية حدوث هذه الاغتيالات، وإن كانت مناطق المعارضة مخترقة من النظام، أكد أبو حذيفة أن هناك مجموعات متخفية بين المدنيين، تعمل بأوامر من النظام السوري، وتقوم باغتيالات، وهناك أيضا بعض العناصر داخل المجموعات والفصائل تعمل متخفية كذلك، وتقوم بمحاولة خلق فتن بين الفصائل، وعمل اغتيالات.
وأكد أن الجبهة تجمع الأدلة دائما من عمليات الاغتيال أو المحاولات، وتقوم بتحقيقات كاملة، لمعرفة الطرق التي ينتهجها النظام من أجل عمل الاغتيالات، ومن أجل كشف العناصر المتخفية بين المدنيين وداخل صفوف المعارضين.
المدنيون الأكثر استهدافا
وبحسب تقرير مركز عمران، فإن الجهات المدنية كانت الأكثر استهدافا في محاولات الاغتيال في إدلب وما حولها، بـ47 محاولة، ثم حلت "تحرير الشام" في المرتبة الثانية بـ36 محاولة اغتيال، شملت عسكريين وشرعيين، تليهم ثالثا الجبهة الوطنية للتحرير بـ10 محاولات.
واستُخدم في 84 محاولة اغتيال إطلاق النار، والعبوة الناسفة، واللغم الأرضي، والطعن.
ووصلت نسبة المحاولات التي نجم عنها موت المستهدف 65 في المئة، مقارنة بـ35 في المئة فشلت في قتل الجهة المستهدفة، أي أن ثلث المحاولات فاشلة.
وفي "درع الفرات" فإن الأكثر استهدافا في محاولات الاغتيال هي الجهات المدنية التي تعرضت لـ30 محاولة، ثم تليها الفصائل المصنفة كمعتدلة في المرتبة الثانية، بـ16 محاولة اغتيال، وبلغت نسبة محاولات الاغتيال الناجحة 26 في المئة، والفاشلة 74 في المئة.
وبحسب المركز، فإنه في عفرين، كان لظهور غرفة عمليات باسم "غضب الزيتون" أثر في نسبة محاولات الاغتيال، التي قالت في بيان لها إنها "لن تتعامل مع العناصر كأسرى حرب إنما ستتم تصفيتهم ميدانياً حتى تحرير عفرين"، وفق قولها.
ونفذت هذه الغرفة 20 محاولة اغتيال خلال فترة الرصد الممتدة، وكلها حققت أهدافها، إذ أدت إلى موت الجهة المستهدفة، وكانت أداة التنفيذ متشابهة في جميع حالات الاغتيال، القتل بإطلاق الرصاص.
وخلص التقرير إلى القول بأن عمليات الاغتيال في المناطق الثلاث، "من شأنها التأكيد على تنامي عوامل التدهور الأمني ومؤشرات البيئة غير المشجعة للاستقرار، كما تؤكد تلك النتائج على فشل القوى الفاعلة في تطوير أدواتها وقدرتها للحد من هذه العمليات وكشف ملابساتها ومسبباتها.
وعلى الرغم من ذلك، فقد أكدت الجبهة الوطنية للتحرير، لـ"عربي21"، أنها تبذل كل ما تستطيعه من جهود من أجل الحد من محاولات الاغتيال، عن طريق مكاتبها الأمنية، وتحقيقاتها المتواصلة بهذا الشأن، متعهدا بأن محاولات النظام السوري والمليشيات المتحالفة معه لزعزعة أمن مناطق المعارضة سيتم إيقافها.
اقرأ أيضا: مسلسل الاغتيالات في الشمال السوري يطل مجددا.. من وراءه؟
ومؤخرا، كانت أبرز عمليات الاغتيال، ما وقع في الشمال السوري، بعد اغتيال الناشطين رائد الفارس وحمود الجنيد في مدينة كفر نبل في محافظة إدلب.
بعد "نفاد صبرها".. هل تبدأ تركيا تحركا ضد "تحرير الشام" بإدلب؟
هل تستجيب هيئة تحرير الشام لمطالب الحل؟ مراقبون يجيبون
تصاعد خلاف "تحرير الشام" و"حراس الدين" هل يصل لمواجهة؟