يعاني مسيحيو قطاع غزة، كغيرهم من
الفلسطينيين من سياسات دولة
الاحتلال الإسرائيلي التي تضع قيودا أمام حرية تنقلهم، وتمنعهم من ممارسة طقوسهم الدينية، وتحرمهم من زيارة الأماكن المقدسة في
أعياد الميلاد.
وللعام الثالث عشر على التوالي يحرم الاحتلال شريحة واسعة من مسيحي القطاع من التصاريح اللازمة لزيارة الأماكن المقدسة في
بيت لحم والقدس المحتلة، لأداء الصلوات والطقوس الدينية المقرر أن تبدأ فعالياتها بداية الأسبوع القادم.
شروط إسرائيلية
من جانبه قال عضو مجلس وكلاء كنيسة الروم الأرثوذكس في قطاع غزة، سهيل سابا: "تفاجأنا في هذا العام من تحديد الجانب الإسرائيلي لشروط منح التصاريح اللازمة لدخول بيت لحم، حيث تضمنت منع من هم دون الـ35 عاما وفوق الـ16 عاما من حقهم في الحصول على تصريح زيارة الضفة الغربية، في حين كانت المفاجأة بمنح بعض أفراد الأسرة تصريح الدخول دون الآخرين، كإعطاء الموافقة للأم دون الأبناء وبالعكس، وفي هذه الحالة يضطر صاحب التصريح إلى البقاء في غزة".
وأضاف سابا في حديث لـ"
عربي21": "نعاني من هذه السياسية الإسرائيلية منذ العام 2006، وهذا ما حرم المئات من المسيحين من ممارسة طقوسهم الدينية في أعياد الميلاد المجيد".
سهيل نقولا (28 عاما) أحد المسيحين الذين منعوا من السفر إلى بيت لحم، يقول لـ"
عربي21"، :"سأضطر إلى ممارسة القداس والصلوات في كنيسة القديس برفيريوس وسط مدينة غزة بجانب عائلتي وأصدقائي الذين لم يتمكنوا من السفر تزامنا مع احتفالات الكنيسة في بيت لحم، وهذه الطقوس نمارسها منذ 8 سنوات، ونحن ندرك أن الهدف من وراء المنع الإسرائيلي هو دفعنا للهجرة خارج فلسطين وإفراغها من الوجود المسيحي؛ ولكن لأننا نشكل جزءا من النسيج الاجتماعي الفلسطيني فإن بقاءنا في أرضنا هو عبادة بحد ذاتها".
ويؤدي مسيحيو الطائفة الأرثوذكسية في غزة شعائرهم في كنيسة القديس برفيريوس، وهي تلاصق مسجد كاتب الولاية بحيث لا يفصلها سوى جدار مشترك، ويمتد عمرها إلى ما يزيد على 420 عاما وتضم جدارية لمريم والمسيح، بينما يؤدي المسيحيون الغربيون الكاثوليك شعائرهم في كنيسة العائلة ودير اللاتين الواقعة في قلب مدينة غزة.
الطائفة المسيحية في غزة
وللتعرف على الطوائف المسيحية في غزة، يقول جبر الجلدة، مدير العلاقات الدينية في كنسية الروم الأرثوذكس، إن "المسيحين في غزة ينتمون إلى أربع طوائف دينية وهي طائفة الروم الأرثوذكس، ويشكلون 80 بالمئة من إجمالي الطائفة المسيحية في غزة، ويحل بالمرتبة الثانية المسيحيون الكاثوليك، بالإضافة إلى المعمدانيين، والإنجيليين، كما أنها تضم ثلاث كنائس وأضرحة للقداس في أماكن مختلفة من المدينة، ومقبرة مسيحية، و3 مدارس خاصة بالمسيحين".
ويضيف الجلدة في حديث لـ"
عربي21": "ينقسم المسيحيون في غزة من حيث أصولهم الجغرافية إلى قسمين، الأول المسيحيون المقيمون في غزة منذ مئات السنين، وتعتبر غزة بلدهم الأصلية، أما القسم الثاني فيضم المسيحيين الذين هاجروا إلى قطاع غزة إبان النكبة في العام 1948".
وتابع: "يتمتع المسيحيون في غزة بكافة الحقوق الدينية والمدنية والسياسية والثقافية، ويحظون باحترام كبير من قبل الشارع الفلسطيني ونردد دائما في حواراتنا مع المسلمين أننا مسيحيو الديانة مسلمو الثقافة؛ ولكن تكرار الحروب الإسرائيلية على غزة وانعدام الأمن والإجراءات العنصرية الإسرائيلية كانت سببا في تشجيع المئات من المسيحين إلى الهجرة إلى شرق أوروبا والضفة الغربية بصورة كبيرة خلال السنوات الماضية".
وانخفض عدد مسيحي قطاع غزة بصورة لافتة خلال السنوات الأخيرة، جراء القيود والمضايقات الإسرائيلية، حيث تشير تقديرات شبه رسمية إلى أن عددهم خلال العام الحالي يتراوح بين 700 و800 شخص، بعد أن كان عددهم في منتصف التسعينيات يقدر بنحو 5 آلاف نسمة.
انتهاك القوانين الدولية
وأشار المحامي في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، شريف أبو نصار، إلى أن "دولة الاحتلال الإسرائيلي تمارس التضليل في ما يتعلق بمنح الطوائف الدينية لحقوقها التي أقرتها المواثيق الدولية في ممارسة شعائرها الدينية، ولعل اضطهاد المسيحيين في مناطق السلطة هو أكبر دليل على ذلك".
وأضاف المحامي أبو نصار لـ"
عربي21": "تنتهك إسرائيل بهذه الإجراءات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 33 التي تنص على أن لكل فرد حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود الدولة، وتنص المواثيق والعهود الدولية على حرية ممارسة الطقوس الدينية وتجريم مصادرتها".