نشرت صحيفة "جورنال دو ديمونش" الفرنسية تقريرا سلطت فيه الضوء على قلق فرنسا من قرار دونالد ترامب بسحب كامل القوات الأمريكية من سوريا، خاصة وأن قرار الرئيس الأمريكي يخالف موقف فرنسا من هذا الملف.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن دونالد ترامب أعلن عن هذا القرار في تغريدة جاء فيها: "لقد هزمنا تنظيم الدولة، وهو السبب الوحيد لوجود (القوات الأمريكية) في سوريا خلال رئاستي".
في الإطار ذاته، أفاد مسؤول أمريكي، رفض الكشف عن هويته، لوكالة فرانس برس، يوم الأربعاء، أن "الانسحاب سيكون بصفة تامة" "وفي أسرع وقت ممكن". كما فسر أن هذا القرار تم اتخاذه يوم الثلاثاء.
وتجدر الإشارة إلى أن عدد الجنود الأمريكيين الحاضرين في شمال سوريا رسميا يبلغ 2000 جندي.
ومنذ حملة الانتخابات الرئاسية لسنة 2016، خطّط دونالد ترامب لسحب القوات الأمريكية من الأراضي السورية، من جانبه، ومنذ وصوله إلى قصر الإليزيه، حاول نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ثنيه عن ذلك.
اقرأ أيضا: فرنسا ردا على الانسحاب الأمريكي: سنبقى في سوريا
فبالنسبة لفرنسا، حليفة الولايات المتحدة في التحالف الدولي في سوريا، يُعتبر وجود الجيش الأمريكي في البلاد أمرا ضروريا على الصعيد الميداني من أجل مواصلة الضغط على كل من تنظيم الدولة ونظام بشار الأسد.
وذكرت الصحيفة أن العديد من المراقبين حذروا باستمرار من انسحاب أمريكي مندفع، من شأنه أن يمنح حرية أكبر لحلفاء نظام الأسد في سوريا، وهما روسيا، التي تُعتبر أكبر منافسي الولايات المتحدة، وإيران، التي تكن لها إدارة ترامب الكره الشديد.
وبالنسبة لترامب، الذي تم انتخابه انطلاقا من شعار "أمريكا أولا"، يتعلق هذا القرار "بإعادة القوات إلى الوطن". وتمثلت حجته، التي كررها مرات عديدة خلال الحملات الانتخابية، في أن التزام الولايات المتحدة في الشرق الأوسط يكلف مليارات الدولارات، التي من الأفضل إنفاقها لصالح دافعي الضرائب الأمريكيين، فيما يجب السماح "لآخرين"، خاصة دول الخليج العربي، بالاضطلاع بالمهام الميدانية.
وأفادت الصحيفة أنه في شهر نيسان/ أبريل الماضي، هدد دونالد ترامب بسحب كامل القوات الأمريكية من سوريا. وفي 15 من الشهر ذاته، وخلال مقابلة لإيمانويل ماكرون على قناة "بي أف أم" بمناسبة ذكرى سنته الأولى في الإليزيه، أكد الرئيس الفرنسي أنه أقنع "دونالد ترامب بالبقاء في سوريا على المدى الطويل. وقبل عشرة أيام، أخبرنا الرئيس الأمريكي بأن لدى الولايات المتحدة رغبة في الانسحاب من سوريا، لكننا أقنعناه بأنه من الضروري البقاء هناك".
وبينت الصحيفة أنه في منتصف شهر آب/ أغسطس، تم طرح هذا الموضوع مرة أخرى في المحادثات بين باريس وواشنطن. وفي بيان صادر عن قصر الإليزيه نقل محادثة هاتفية بين إيمانويل ماكرون ودونالد ترامب، أُشير إلى أن الرئيسين قد تناولا الحديث عن الصراع السوري. خلافا لذلك، وعلى حسابه الخاص على موقع تويتر، أكد دونالد ترامب أنه تم التطرق إلى الرسوم الجمركية والاستثمار المالي للاتحاد الأوروبي في حلف الناتو بالأساس.
اقرأ أيضا: ردود مرحبة وأخرى رافضة لقرار الانسحاب الأمريكي من سوريا
ومنذ ذلك الحين، أصبحت هاتان المسألتان من أبرز المواضيع المثيرة للتوتر، والتي عادة ما يتم تناولها في المحادثات الفرنسية الأمريكية، على حساب الملف السوري. مع ذلك، وفي نهاية شهر تشرين الأول/ أكتوبر، تحدث إيمانويل ماكرون مرة أخرى مع دونالد ترامب، قبل انعقاد القمة الرباعية (التي جمعت بين ألمانيا وروسيا وفرنسا وتركيا) عن سوريا، في إسطنبول. وإثر نقاش جديد، أعلن الإليزيه أن باريس وواشنطن "تتشاركان نفس الأهداف الأمنية والسياسية في سوريا".
وأوضحت الصحيفة أنه مع خروج الولايات المتحدة من سوريا، ستحظى كل من روسيا وتركيا وإيران بحرية أكبر في هذه الدولة، ما يجعل فرنسا، رغم تدخلها عسكريا في سوريا، تكتفي بمراقبة الوضع. وعلى غرار لندن، أشركت باريس قواتها الجوية في الصراع السوري. لكن لا تزال مشاركة قوات عسكرية أوروبية في هذا النزاع محدودة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه خلال الهجمات الأخيرة في شهر نيسان/ أبريل الماضي، أوضحت وزارة الدفاع الفرنسية أن قواتها المتواجدة في البحر الأبيض المتوسط أو في بحر الخليج، قد أطلقت 12 صاروخا فقط من أصل 120 صاروخا تم إطلاقها في المنطقة، في حين كان للولايات المتحدة نصيب الأسد من المناورات، بالإضافة إلى ذلك، لا يعتبر حضور القوات الفرنسية على الأراضي السورية رسميا رغم مشاهدة قوات فرنسية، خاصة في أيلول/ سبتمبر الماضي في محافظة دير الزور، وفقا لقناة فرنسا 24.
نيويوركر: قرار ترامب لسوريا.. انسحاب أم استسلام؟
الغارديان: ما حقيقة القضاء على تهديد تنظيم الدولة بسوريا؟
واشنطن بوست: ما هي دوافع ترامب لسحب القوات من سوريا؟