مع انطلاق احتجاجات شعبية في السودان، بدأت تثار تساؤلات
حول إمكانية تدخل دول عربية لحماية نظام البشير من السقوط، خاصة بعد أن تصاعدت
مطالب المحتجين إلى المطالبة بإسقاط النظام.
الخوف من الفوضى
ويبقى السؤال الأهم: من هي الدول العربية التي يمكن أن
تتدخل لصالح البشير؟ وما هي مبرراتها لفعل ذلك؟
ترى رئيسة وحدة الدراسات الأفريقية في مركز الأهرام، أماني
الطويل، أن "من أهم الأسباب التي قد تبرر تدخلا عربيا في السودان هي الخوف من
انفتاح السودان على الفوضى أو فراغ في السلطة يمكن أن يسفر عن تهديدات إقليمية ويؤثر
على البحر الأحمر".
وتابعت الطويل في حديث لـ"عربي21": "تصاعد
التهديدات في إقليم غرب أفريقيا، فضلا عن إمكانية أن ينفتح السودان على حرب أهلية،
خاصة بعد العنف الذي مورس على المتظاهرين والذي قد يتسبب بهذه الفوضى".
وأكدت على أن الإقليم بدأ يتحرك؛ حتى يبعد مخاطر سيناريو
الفوضى الخطير على السودان وعلى المنطقة كلها، مستدركة بالقول: "ولكن التدخل العربي
يجب أن يأخذ بعين الاعتبار رغبة الشعب السوداني بحكومة معبرة عنه وعن تطلعاته".
"لا مصلحة لأحد لإسناد البشير"
وعبرت أماني الطويل عن "اعتقادها بأنه لا مصلحة لأي
دولة عربية للتدخل في إسناد نظام البشير، مشيرة إلى أن الجميع يقدرون بأن قواعد
البشير الجماهيرية غير موجودة، خاصة بعد المؤتمر الصحفي الذي أعلن فيه حزب المؤتمر
الشعبي الشريك في الحكم رفضه سلوكيات الحكومة، وتأييده لحق الناس بالتظاهر السلمي".
وأضافت: "البشير كان لاعبا إقليميا مع أكثر من طرف ضد
أكثر من طرف، وهذا جعل مصداقيته وسياسات السودان تتآكل، فكل الأطراف تعلم بأنه يتلاعب
مع الجميع وغير وضعه أكثر من مرة، بالتالي لا يمكن أن يكون هناك دولة تساعده للبقاء
في الحكم، وأيضا بعض التسريبات تقول إن هناك انقساما داخل حزبه وإن البعض يرغبون
بالتخلص منه".
بدوره، أشار أستاذ العلوم السياسية الدكتور أحمد سعيد نوفل
إلى أنه "لا يوجد دول عربية مؤهلة في الوقت الحالي للتدخل لصالح البشير ولمنع
نظامه من السقوط".
وقال نوفل لـ"عربي21": "على الرغم من أن
زيارة البشير لدمشق قد تدفع النظام السوري للتدخل لصالحه، إلا أن الوضع السوري لا
يسمح له بذلك، وأيضا دول الخليج غير قادرة على مساعدته، وتبقى مصر هي الدولة
الوحيدة القادرة على ذلك، لكن علاقة نظامي البلدين ليست على ما يرام، بالتالي لا
يمكن أن تتدخل القاهرة لصالحه".
وعبر نوفل عن "خشيته من تدخل إسرائيلي لصالح
البشير، محيلا سبب ذلك على الشائعات التي تقول بأن العاصمة العربية التي ستكون
المحطة المقبلة في زيارات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هي
الخرطوم".
دعم إسقاط البشير
بمقابل الدول التي دعمت الثورات المضادة في دول الربيع
العربي، كانت هناك دول أخرى تسعى لإسقاط أنظمة هذه البلدان، فهل يمكن أن يتكرر
مسعاهم في الحالة السودانية؟
تجيب رئيسة وحدة الدراسات الأفريقية في مركز الأهرام، أماني
الطويل، عن هذا التساؤل بالقول: "ليس لأحد مصلحة بإسقاط شخص البشير، ولكن
أيضا الجميع لهم مصالح بعدم تحول السودان لفوضى مسلحة أو حرب أهلية أو فراغ بالسلطة،
وهذه المخاطر المترتبة على الحراك الشعبي الآن هي ما يحسب حسابه الجميع".
من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية الدكتور أحمد سعيد نوفل:
"بلا شك نظام البشير له أعداء كُثر، فمثلا تحول نظام البشير اتجاه سوريا يدل
على أنه خرج على إطار التحالف الذي كان قائما بينه وبين بعض الدول الخليجية، إضافة
إلى أن علاقته مع النظام المصري ليست بأحسن أحوالها، لهذا أرى أن كثيرا من الدول قد
يكون لها دور من أجل إنهاء النظام السوداني".
مساعدات اقتصادية محتملة
وحول إمكانية تقديم بعض الدول الخليجية مساعدات اقتصادية
للسودان للمساعدة في إنهاء الاحتجاجات، قال نوفل: "الأزمة ليست اقتصادية، فالشعب
السوداني يعمل من أجل تحقيق مزيد من الحرية والديمقراطية، وحتى الأحزاب التي شاركت
البشير في الحكم أصبحت تعارض سياسته".
وختم حديثه بالقول: "بالمحصلة، أعتقد أنه أصبح من
الصعب الآن إنهاء الحراك الشعبي داخل السودان بالطريقة التقليدية السابقة، ولا بد أن
يبحث الرئيس السوداني عن حل جذري للعودة للاستقرار، وذلك عبر تقديم استقالته، خاصة إذا
طالب بذلك الشعب ويعمل انتخابات رئاسية".
واتفقت أماني الطويل مع نوفل في الرأي بأن المظاهرات
ليست فقط لأسباب اقتصادية.
وقالت: "أظن أن المظاهرات هذه المرة تجاوزت فكرة المطالب
الاقتصادية، والمتظاهرون عازمون على المطالبة بحل شامل لكل مشاكل السودان، ودول الخليج
سبق أن ضخت مليارات في السودان، ولكن تم إساءة استخدامها، ولم يستفد البلد من هذه الثروات،
وربما استفاد منها نخبة محدودة، بالتالي أظن أننا لن نشاهد أي دعم اقتصادي أو سياسي
من الدول العربية للبشير".
اقرأ أيضا: بالتفاصيل.. تأسيس تنسيقية بمسمى "الانتفاضة السودانية"
برلماني سوداني: دول متورطة.. والتظاهر لن يسقط البشير
بماذا علق النشطاء على اعتقال صحفيين بالسودان بعد إضرابهم؟
تصاعد القمع ضد المحتجين بالسودان لليوم السابع يثير النشطاء