نفى المخرج السينمائي والبرلماني المصري، خالد يوسف، صحة ما نشرته تقارير صحفية بشأن عقده صفقة مع سلطة الانقلاب تخص التعديلات الدستورية، التي بدأ مؤخرا مؤيدو نظام رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي بالترويج لها.
وقال: "منذ فترة، أعلنت ابتعادي عن المشهد السياسي، وتفرغي للعمل السينمائي، لكن في ظل الحادث الآن
أجد نفسي مضطرا أن أخرج عن صمتي، وأقطع صوما عن الكلام كنت قد نذرته للرحمن، إذ إن
هناك كلاما دائرا حول تعديلات دستورية مرتقبة بدأت على إثرها حرب إشاعات رخيصة واختلاق
أخبار كاذبة، مفادها أن هناك صفقة يبرمها النظام مع رموز المعارضة، وأنني من أقوم
بهذه الوساطة".
وأضاف يوسف، في بيان له،
السبت، نشره على صفحته على فيسبوك، أنه لا توجد "أي صفقة بين النظام
والمعارضة حول التعديلات الدستورية، وأؤكد ذلك بشكل حاسم بحكم تعاملي مع كل
الدوائر والقطاعات؛ فلا حديث معي ولا مع غيري من أطياف المعارضة على هذا الأمر ولا
تلك الصفقة من أساسه".
وتابع: "وعبر سنين عمري لم ألعب
من وراء ستار، ولم أقم بأي أدوار خفية؛ لأنني لدي الشجاعة للمواجهة والمجاهرة بما
أعتقده، حتى لو تصادم مع الجميع وكلفني عناء أو ضررا".
وقال إن "موقفي ثابت
من إجراء أي تعديلات على الدستور الحالي، الذي شرفت بأنني كنت واحدا من خمسين
مواطنا مصريا شاركوا في صنعه وصياغته، وهذا الرأي معلن مرارا وتكرارا في الكثير من
التصريحات والبرامج منذ أكثر من عاميين، وقلت من وقتها، وما زالت أقول، إن الدستور المصري بحاجة إلى التطبيق والتنفيذ لا
التعديل".
"وموقفي لن يتغير، مع علمي
بأنني قد أدفع أثمانا باهظة جراء هذا الموقف إن عاجلا أو أجلا، ولكنه وجه الوطن
ومواقفي الثابتة التي طالما دفعت ضرائبها كثيرا، وسأظل مستعدا للدفع بلا تردد، ولن
يثنيني شيء عن الاستمرار في الدفاع عما أعتقد".
ونوه يوسف على أنه سيظل "مؤمنا بأن الحفاظ على هذه الوثيقة الشعبية -التي هي أهم وآخر
ما تبقى لهذا الشعب من ثورة 25 يناير/ 30 يونيو- واجب وطني، لأنها الأمل الوحيد
الباقي في إقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة".
واستطرد قائلا: "جاهدت نفسي أن أتحلي بفضيلة الصمت برغم وقوعي منذ سنوات -ومعي كل أطياف المعارضة
المصرية الوطنية تقريبا- بين مطرقة كتائب جماعة الإخوان الإرهابية من جهة وسندان
الموالين للنظام الحاكم من الجهة الأخرى".
وزعم أن "جماعة
الإخوان تستميت ألا يكون في مصر معارضة غيرها للنظام كي تسوق للرأي العام الداخلي
والخارجي أنها البديل الأوحد، وأنه لا فرصة لأي تداول للسلطة، وبالتالي تطرح نفسها
باعتبارها المنقذ ولا يوجد غيرها في حال حدوث أي قلاقل، وبذلك تحافظ على الدعم
الدولي من الدول المعادية لمشروع الدولة المصرية"، وفق قوله.
وأردف: "والموالون للسلطة الحالية يعتقدون أن وجود معارضة مصرية -حتى لو كانت من قلب خندق الدولة- يشكك في مشروع الدولة، ويعيق تقدمها، ويهز أركانها، مع أن البديهي لأي نظام سياسي يريد أن يتجذر مشروعه وتتثبت أركانه أن يكون بحاجه لمعارضين بقدر حاجته للمؤيدين".
وأكمل: "بين هذين
المعسكرين (الإخوان والموالين للنظام) ومع تناقضهما وتفهمنا لاختلاف الدوافع
بينهما، إلا أننا نتلقى منهم كمعارضة ضربات موجعة، ونتعرض لأضرار هائلة، وتوجه إلينا
منهم اتهامات زائفة، ويقذفوننا بالأكاذيب والإشاعات، وطالني منها النصيب الأكبر، وكل
مرة أمنع نفسي من الرد على كل افتراءاتهم، وأسمو على الحملات الممنهجة لتشويهي بكل
الطرق المنحطة التي وصلت للخوض في الأعراض".
وذكر: "لكن هذه
المرة يبدو أن غاية الإخوان من اختلاق هذا الخبر الملفق عن الصفقة الأكثر خبثا
وضررا، وهو دفع المعارضين من القوى المدنية لاتخاذ أشكال متشددة وصارخة ضد
التعديلات؛ كي تدرأ المعارضة عن نفسها تهمة الصفقة. ويتم بذلك اشتداد الخصومة
واستفزاز النظام، وجعله يتخذ إجراءات عنيفة ضد المعارضين، يثبت بها الإخوان للدول
المعادية لمصر قمع النظام، وهذا ما يصبون إليه ويروجون له، ويحاولون إثباته عبر
سنين".
واستطرد يوسف قائلا: "من جانب آخر، تحقق لهم هذه الصفقة المزعومة خلق حالة من التشكيك في أي موقف معارض وطني ضد التعديلات، وبذلك يظلون وحدهم هم المعارضون الوطنيون الوحيدون وطرح أنفسهم كبديل أوحد كما قلت".
وتابع: "إن خروجي
اليوم عن هذا الصمت لن يتكرر؛ لأنني قررت أن يقتصر دوري في خدمة هذا الوطن الذي
ننتمي إليه بسلاح الفن. أما دوري كنائب في البرلمان، فيقتصر على خدمة أهل دائرتي
الذين انتخبوني ممثلا لهم، وليس لهم ذنب في تغيرات في المناخ العام، إلى أن يحين
أقرب الأجلين، سواء بإسقاط عضويتي لو ضاقوا أكثر بي بعد هذا البيان أو انتهاء مدة
عضويتي".
واختتم بقوله: "كنت
أحاول مع زملائي في البرلمان تحويل نصوص هذا الدستور إلى واقع تشريعي فاعل يغير
حياة وأحوال الناس للأفضل، ولما وجدت أن كل دفاعي عما اعتقده يذهب سدى ولا يؤثر
ولا يتحرك على أثره ساكنا، بل أتلقي اللعنات والشتائم من الجميع، قررت الصمت، وترك
المجال لأجيال شابة صاحبة مصلحة أكبر في المستقبل أن تساهم في صنعه
وبطريقتهم".
وكانت تقارير صحفية قالت إن الاستخبارات العامة استدعت قبل نحو أسبوعين المخرج السينمائي، خالد يوسف، وطلبت منه التواصل مع بعض الشخصيات والقوى السياسية التي تربطه بها علاقة قوية، لإقناعها بضرورة تعديل المادة الخاصة بمدة الفترة الرئاسية في الدستور.
ووصفت التقارير الصحفية
الرسالة التي يحملها يوسف إلى القوى السياسية بـ"الصفقة"،
إذ إنه طُلب من يوسف عرض بعض الحوافز على القوى السياسية؛ منها "فتح المجال
العام"، وأن يحصل حمدين صباحي على كتلة مقاعد في انتخابات مجلس النواب
المقبلة تصل إلى مئة مقعد يكون هو على رأسها.
اقرأ أيضا: حزب "صباحي" ينفي عقده صفقة مع السيسي لتعديل الدستور
حزب "صباحي" ينفي عقده صفقة مع السيسي لتعديل الدستور
إعلام السيسي يهاجم طارق الزمر بعد تصريحاته لـ"عربي21"
ماذا خسرت المعارضة المصرية في 2018.. وهل لها مكاسب؟