انتقد
مثقفون ونقاد مصريون قرار السلطات المصرية نقل مقر معرض القاهرة الدولي للكتاب بدورته
الخمسين، من مقره الدائم بمدينة نصر شرق القاهرة وبجوار مترو أنفاق القاهرة الكبرى إلى
منطقة التجمع الخامس النائية شمال شرق القاهرة.
وإلى
جانب زيادة تذكرة الدخول لـ10 جنيهات، تسبب قرار منع دخول كتب سور الأزبكية الشهير -كتب مستعملة وقديمة رخيصة الثمن- إلى المعرض حالة من الاستهجان والغضب بين المثقفين
والشباب، الذين اعتبروه تخريبا متعمدا للمعرض، وإبعادا للشباب عن الكتاب والفكر والثقافة،
معتقدين أن منع الكتب القديمة من العرض بالمعرض يخدم أصحاب دور الكتب، ويزيد من مكاسبها، ويرفع أسعار الكتاب.
وتنطلق
دورة اليوبيل الذهبي للمعرض (1969-2019 ) هذا العام يوم 23 كانون الثاني/ يناير الجاري، وتستمر حتى 5 شباط/ فبراير المقبل، وذلك بأرض المعارض بالتجمع الخامس لأول مرة.
جدير
بالذكر أن دورة المهرجان في السابق كانت تنطلق يوم 28 كانون الثاني/ يناير؛ خوفا من
تظاهرات محتملة في ذكرى ثورة 25 يناير 2011، إلا أنها هذا العام سوف تبدأ قبل الذكرى
الثامنة للثورة بيومين، وبعيدا بعض الشيء عن العاصمة القاهرة.
ومعرض
القاهرة الدولي من أكبر معارض الكتاب بالشرق الأوسط، وواحد من أكبرها وأقدمها بالعالم،
واختير في عام 2006 ثاني أكبر معرض بعد فرانكفورت الدولي للكتاب.
وعام
1969، وخلال احتفال مدينة القاهرة بعيدها الألفي، قرر وزير الثقافة آنذاك، ثروت عكاشة،
تدشين المعرض برئاسة الكاتبة الراحلة سهير القلماوي، بأرض المعارض الدولية بالجزيرة،
ليتم نقله للمرة الأولى بدورته السادسة عشرة عام 1984 لأرض المعارض الدولية بمدينة
نصر.
"زاد
الطين بلة"
وفي
تعليقه، يعتقد المسؤول السابق بوزارة الثقافة، سعد عبدالرحمن، أن "نقل المعرض إلى
التجمع الخامس سيكون له تأثير كبير على أنشطة المعرض من بيع للكتب ومن ندوات وأمسيات
وخلافها، ولن تفلح عشرات الأوتوبيسات والمايكروباصات في تخفيف الأزمة؛ فمن تعوّد زيارة
المعرض العديد من المرات مدة نشاطه لن يستطيع فعل ذلك مع مشقة المشوار، حتى لو كانت
لديه سيارة خاصة".
عبد
الرحمن الذي شغل رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لقصور الثقافة سابقا، أضاف لـ"عربي21"،
أن "عدم وجود سور الأزبكية هذا العام سيزيد الطين بلة، وسيفاقم من أزمة المعرض، فكثيرون -وأنا منهم- نشتري معظم كتبنا خلال المعرض من السور".
وقال
الشاعر المصري، إنه "كان من المنتظر ألا ينتقل المعرض من مكانه المعتاد منذ أوائل
الثمانينيات حتى العام الماضي بمدينة نصر إلا بعد مد خط مترو الأنفاق إلى التجمع الخامس".
"مؤامرة"
وفي
تعليقه حول معرض الكتاب، قال الشاعر والأكاديمي شعبان عبد الجيِّد: "لا أبالغُ
إذا قلتُ إن معرض الكتاب، عندنا وفي أي مكان آخر، هو الحدثُ الثقافي الأكبر على الإطلاق،
وليس تزيُّداً في التعبير أن أقول إنه عيد سنوي للأدباء والمفكرين، ومهرجان موسميٌّ
لمحبي القراءة وعشاق المعرفة".
مدرس
الأدب والنقد بكلية التربية بأكاديمية السادات، أضاف لـ"عربي21"، أن "جمهور معرض القاهرة اعتاد منذ سنواتٍ بعيدةٍ
على مكانه في مدينة نصر، وإن لم تكن هي أولَ مكانٍ له؛ فالوصول إليها سهلٌ وميسور،
يختصر معهم الوقتَ والجهد، وجاء قرارُ نقله إلى التجمع الخامس هذا العام صادماً ومربكاً،
وإن لم يكن مفاجئاً، فمنطقة التجمع بعيدةٌ نسبياً، لا يألفها أكثرُ روَّاد المعرض،
وهي مرتبطةٌ في أذهانهم بأنها حيٌّ أرستقراطي، يسكنه صفوةُ القوم، أو هكذا يُقال، والمثقفون
بطبيعتهم ذوو ميولٌ شعبية، وأغلبهم من البسطاء، ومنهم من له ميول اشتراكية تنفره من
البورجوازيين وسيرتهم وما يمت إليهم بسبب ".
وأوضح
أن المثقفين "ضاقوا بالقرار وتشاءموا منه، ورأوا فيه فألاً سيئاً، ونذير شرٍّ
بأن عصر الكتاب الرخيص انتهى، وفيهم من بالغ وذهبت ظنونُه إلى أن ثمةَ مؤامرةً خفيَّةً
على الفقراء، ومخططاً خبيثاً لحرمانهم من كل ما يمكن أن يستمتعوا به في هذه الحياة!".
عبد
الجيِّد، تابع قائلا: "وجاءت ثالثة الأثافي وقاصمة الظهر حين أعلن اتحاد الناشرين
عدم السماح لتجار سور الأزبكية في المعرض لهذا العام، وفرض عليهم شروطاً قاسيةً وجائرةً
ليسمح لهم بالاشتراك، ما رجح الظنون وأكَّد التخمينات".
وأكد
الأديب المصري أنه "لو أصرَّ اتحادُ الناشرين على قراره هذا، ونفَّذ تجار السور
ما أعلنوه من أنهم سيقيمون معرضاً موازياً، فسوف تكون الخسارة كبيرةً وفادحة، أكبر
ضحاياها هم القراء والمثقفون الذين لا يستغنون عن سور الأزبكية، الذي يجدون فيه الكتب
الرخيصة النادرة القيمة، ولا عن دور النشر التي لا يتمكنون من الذهاب إليها مجتمعةً
إلا في معرض الكتاب".
"زحام القاهرة"
وعلى
الجانب الآخر، ترى الأديبة علياء هيكل أن "نقل المعرض هو فرصة جيدة للخروج من
قلب مدينة القاهرة المزدحمة؛ حيث إن وجود المعرض في مدينة نصر أصبح يشكل عائقا مروريا
كبيرا أثناء فترة المعرض".
الروائية
والشاعرة، أضافت لـ"عربي21": "لا ننسى أن معرض الكتاب سبق أن كان مكانه
هو مكان دار الأوبرا المصرية ذاته، وعندما تم نقله حدث اعتراض أيضا على نقله لمدينة نصر".
وختمت
حديثها قائلة: "لا بد من توفير وسائل مواصلات من وإلى المعرض؛ لخدمة جمهور
المعرض".
وعبر
صفحتها بفيسبوك، ردت إدارة المهرجان على نقل المعرض ومنع كتب سور الأزبكية.
وقالت إنه سيتم توفير المواصلات من كافة ميادين القاهرة الرئيسية إلى المعرض، وأضافت أنه سيتم عمل جناح كبير للكتب المخفضة تابع لهيئة الكتاب تبدأ أسعاره من جنيه واحد.
رجاء الجداوي تبكي أمام السيسي.. لهذا السبب (شاهد)
لماذا تصر الممثلات في مصر على الظهور بالفساتين المثيرة؟
إلهام شاهين سفيرة للتراث العربي.. أين ذهب المثقفون؟