نشرت صحيفة
"
نيويورك تايمز" الأمريكية مقال رأي لعلياء الهذلول، شقيقة الناشطة
الحقوقية المحتجزة في السجون
السعودية لجين الهذلول، كشفت فيه معلومات عن تعذيب
شقيقتها بالإضافة للتطرق إلى عدم إدراج
وزير الخارجية الأمريكي الحالي مايك بومبيو لملف المساجين السياسيين ضمن برنامج
زيارته الحالية للشرق الأوسط.
وقالت الكاتبة، في هذا
المقال الذي ترجمته "
عربي21"، إن مايك بومبيو لا ينوي التطرق إلى موضوع
احتجاز السلطات السعودية للمساجين السعوديين دون وجه حق، ولم يدرج هذه النقطة ضمن
أجندته السياسية وبرنامج زيارته للمنطقة، مما أثار حفيظتها وتسبب في شعورها
بالصدمة. في المقابل، سيركز وزير الخارجية الأمريكي على الأوضاع في اليمن والمسائل
المتعلقة بإيران وسوريا.
وأكدت كاتبة المقال
أنها تأخذ لامبالاة بومبيو على محمل شخصي نظرا لأن أختها من بين المناضلات
والناشطات الحقوقيات اللواتي بذلن جهدا كبيرا لإقرار قانون السماح للمرأة السعودية
بقيادة السيارة. ولا يقتصر الأمر على لجين فقط، حيث تقبع الكثير من الناشطات في
سجون المملكة بسبب مطالبتهن بالحصول على حقوقهن التي تكفل كرامتهن داخل المجتمع
السعودي.
وتطرقت علياء الهذلول
إلى ملابسات اعتقال شقيقتها، حيث اتصلت بها عائلتها لتخبرها بأن السلطات السعودية
اعتقلت لجين في الرياض رفقة خمس ناشطات أخريات بتهمة الخيانة. وقد نقلت صحيفة مقربة
من نظام الحكم عن مصادرها أن هؤلاء النساء سوف يتم إصدار أحكام في شأنهن تصل إلى
20 عاما من السجن، أو حتى الإعدام.
وذكرت أن لجين اعتُقلت
للمرة الأولى في شهر كانون الأول/ ديسمبر من سنة 2014، بعد أن حاولت قيادة سيارتها
في اتجاه الإمارات العربية المتحدة. ومكثت لمدة 70 يوما، قبل أن يتم إطلاق سراحها
ومنعها من السفر لعدة أشهر، كما أنها تلقت تحذيرا من طرف أحد المسؤولين السعوديين
حتى لا تتحدث عن هذا الموضوع على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأوردت علياء أن
شقيقتها شهدت بعد ذلك سنوات تشوبها الاعتقالات والتنبيهات المستمرة بشأن ضرورة
التزام الصمت حيال هذه المسألة، لينتهي بها المطاف بين جدران السجون السعودية في
شهر أيار/ مايو 2018. وبقدر ما كانت تشعر بالتفاؤل إزاء إمكانية إطلاق سراح
شقيقتها في 24 حزيران/ يونيو من السنة الماضية، إلا أنها شعرت بخيبة أمل بعد عدم
حدوث أي تغيير يذكر.
وأعربت شقيقة لجين
الهذلول عن امتعاضها من بعض الظواهر السلبية التي باتت منتشرة على مواقع التواصل
الاجتماعي في السعودية، إذ أن أي شخص ينتقد أي موضوع يتعلق بالمملكة السعودية، يتم
وسمه بأنه خائن. وخلال المكالمات الهاتفية التي جمعت بين الشقيقتين منذ اعتقال لجين
وحتى شهر أيلول/ سبتمبر 2018، أفادت الأخيرة بأنها محتجزة داخل غرفة فردية في أحد
الفنادق.
وفي منتصف شهر آب/
أغسطس، نُقلت لجين إلى سجن ذهبان في جدة، وسُمح لوالدها بزيارتها مرة واحدة كل
شهر. وذكرت علياء الهذلول أن ملاحظات والدها كانت تتمحور حول ارتعاشها بشكل مستمر
وعدم قدرتها على التحكم في قبضة يدها أو المشي أو الجلوس بشكل عادي، لكن أختها
أصرت على أن ذلك بسبب برودة الجو من التكييف، لطمأنة عائلتها.
وأفادت الكاتبة بأن
مقتل الصحفي جمال خاشقجي في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي أثار العديد من الشكوك
حول إمكانية تعرض العديد من المساجين السياسيين إلى التعذيب في السعودية. وفي شهر
تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، ذكرت العديد من الصحف، فضلا عن منظمة "هيومن
رايتس ووتش" ومنظمة العفو الدولية أن المعتقلين السياسيين في المملكة يتعرضون
للتعذيب بغض النظر عن جنسهم.
وأوضحت الكاتبة أن
شقيقتها انهارت خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر المنصرم وأعربت باكية عن ألمها
ومعاناتها من عمليات التعذيب التي تعرضت لها خلال الفترة الفاصلة بين شهري أيار/
مايو وآب/ أغسطس 2018، أي خلال الفترة التي كان يُمنع على والديها زيارتها. ومن
جهتها، صرحت لجين بأن الأمنيين كانوا يعذبونها عن طريق إيهامها بالغرق وصعقها
بالكهرباء، فضلا عن تعرضها للتحرش الجنسي وتلقيها تهديدات بالاغتصاب والقتل،
لاسيما مع ملاحظة والديها للكدمات التي كانت تعتلي فخذيها.
وأشارت الكاتبة إلى أن
المستشار السابق في الديوان الملكي السعودي، سعود القحطاني، كان حاضرا خلال بعض
عمليات تعذيب لجين الهذلول. ولم يقتصر الأمر على الإشراف على عمليات التعذيب فحسب،
بل هددها أيضا بالاغتصاب والقتل وإلقاء جثتها في مجاري الصرف الصحي. وذكرت لجين
أنها تعرضت للتعذيب طوال الليل خلال شهر رمضان من طرف ستة رجال تابعين للقحطاني.
ونقلت علياء عن
شقيقتها لجين الهذلول أن رجال القحطاني كانوا يجبرونها على تناول الطعام خلال
فترات صيام شهر رمضان، مما دفعها لسؤالهم حول ما إذا كانوا سوف يواصلون تناول
الطعام كامل اليوم في رمضان، ليجيبها أحدهم قائلا: "لا أحد أعلى منا، ولا حتى
الله".
وختمت علياء الهذلول
مقالها بالقول إن العديد من المنظمات الحقوقية زارت شقيقتها في السجن، لكن الصحف
السعودية نشرت صورتها واسمها ووصفتها بالخائنة. كما أعربت علياء عن قلقها وترددها
عن الكتابة حول لجين خوفا من إمكانية التسبب في مزيد من الضرر لشقيقتها. وفي ظل
حظر السفر على والدي لجين، "تأمل العائلة السعودية في رؤية ابنتها الشجاعة
حرة طليقة" بحسب الصحيفة.