نشرت صحيفة "التايمز" تقريرا لمراسلها أنتوني لويد في الحسكة، حول شاب كندي معتقل، يعتقد أنه كان الصوت الذي سمعه الملايين في أنحاء العالم على أشرطة الدعاية الخاصة بتنظيم الدولة.
ويورد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، نقلا عن الخبراء، قولهم إن الإعلان عن مسؤولية التنظيم عن هجمات باريس في 2015 جاء بصوت الشاب البالغ من العمر 35 عاما.
ويقول لويد إن الأدلة ضده كثيرة، مشيرا إلى أن المتخصصين في مكافحة الإرهاب والمحللين المتخصصين في تنظيم الدولة يتفقون بأن الصوت هو صوته، بالإضافة إلى أن مؤسسة المهاجرين، التي هي مصدر إعلامي لتنظيم الدولة، بدت وكأنها أكدت دور الرجل، وامتدحته واصفة إياه بأنه "البطل" الذي "شن جهادا بصوته وسلاحه".
وتذكر الصحيفة أن محمد خليفة يعترف بدوره، لكنه يتردد حول طبيعة عمله بالضبط، فالخبير السابق في الحاسوب يعترف بأنه عمل مترجما مع شركة الإنتاج الخاصة بتنظيم الدولة "الحياة"، وأنه من خلال عمله هذا التقى بالعديد من كبار قيادات التنظيم والمقاتلين الأجانب، مشيرة إلى أن أي خدمات أخرى قدمها لهم تبقى سرا.
ويلفت التقرير إلى أنه لم يحقق مع خليفة -الذي يعرف داخل التنظيم باسم محمد عبدالله محمد أو بلقبه أبي رضوان الكندي- أي ضابط مخابرات غربي منذ أن تم اعتقاله من قوات سوريا الديمقراطية، التي غالبيتها من الأكراد، في 13 كانون الثاني/ يناير.
ويفيد الكاتب بأنه بدلا من ذلك، فإن الرجل، الذي يعتقد أنه أعلن للعالم بأن "لهيب الحرب قد بدأ"، يقبع في زنزانة في الحسكة، يفكر في حياته بصفته دعائيا لتنظيم الدولة، واحد من حوالي 900 جهادي أجنبي و3200 فرد أجنبي من عائلات تنظيم الدولة الذين يملأون مخيمات اللاجئين والسجون في الشمال السوري.
وتبين الصحيفة أنه مع أنه ينكر أنه قابل المختطف البريطاني المفقود جون كانتلي، إلا أن خليفة كان عضوا بارزا في "الحياة" التي أنتجت سلسلة من الأفلام الدعائية بإسم "أعرني سمعك"، ظهر فيها كانتلي نحيلا وشاحبا، وظهر سجين تنظيم الدولة متحدثا باسمه.
ويقول لويد: "قال لي خليفة في أحد السجون الخاصة التابعة لقوات سوريا الديمقراطية في الحسكة: (بعض الناس في تنظيم الدولة أعجبهم التحرك الاسترتيجي، بجعل جون كانتلي يتحدث ضد الغرب بدلا من مجرد أخذه وإعدامه .. وعندما استمرت هذه الفيديوهات بدأ بعض هؤلاء الناس أنفسهم يشعرون أنها أصبحت مملة".
وينوه التقرير إلى أن المحللين يعتقدون بأن الرهينة البريطاني بالتأكيد قابل الشاب الكندي، مشيرا إلى أن أمارنات أماراسنجام، وهو كبير الباحثين في معهد الحوار الاستراتيجي، ويتخذ مقرا له في كندا، ويتخصص في دور المقاتلين الغربيين مع تنظيم الدولة، كان أول من ربط شخص خليفة بمعلق فيديوهات تنظيم الدولة، وقال إن كانتلي وخليفة ربما كانا قد التقيا خلال عملهما مع مؤسسة "الحياة".
وتنقل الصحيفة عن البروفيسور أماراسنجام، قوله: "سأستغرب إن لم يكن خليقة التقى بكانتلي.. وقال لي بعض مقاتلي تنظيم الدولة الذين تحدثت معهم بأن السبب الرئيسي لإبقاء كانتلي حيا هو أن بعض محتجزيه أحبوه، وهؤلاء في الغالب غربيون، ولم يتحدث كانتلي اللغة العربية، وسيكون غريبا جدا أن يكون كادر اللغة الإنجليزية العامل في الفرع الإعلامي لم يقابل كانتلي، الذي نشرت فيديوهاته مؤسسة (الحياة)".
وبحسب التقرير، فإن الصوت على الفيديوهات سمع أولا في أيلول/ سبتمبر 2014، في الفيديو المتقن "لهيب الحرب"، الذي مدته 55 دقيقة، الذي كان فيه صوت الكندي أساسيا لتأثير الفيلم في الغرب، لافتا إلى أن الفيلم كان أكبر إنتاج لمؤسسة "الحياة"، فبعد أن أظهر عنفا مكثقا وقتلا مصورا انتهى بمشهد مخيف ظهر فيه شخص ملثم بلهجة شمال أمريكية شارك في قتل جنود سوريين.
ويقول الكاتب إنه في مقابلة مترددة وصعبة، أنكر خليفة أن يكون ذلك القاتل، ورفض الإجابة عن الاسئلة المتعلقة بدوره في فيديوهات الإعدامات، وقال: "كانت وظيفتي الترجمة لمؤسسة الحياة من اللغة العربية إلى الإنجليزية، وأحيانا من الإنجليزية إلى العربية.. أحضروا لي أشرطة وقمت بترجمتها".
وتورد الصحيفة نقلا عن المواطن الكندي، الذي ولد في السعودية، وكان يعيش في تورونتو منذ كان في الخامسة من عمره، قوله إنه ذهب لسوريا عام 2013، والتحق ابتداء بجيش المهاجرين والأنصار، وهي وحدة غالبيتها من المقاتلين البريطانيين والفرنسيين، ويقودها الشيشاني عمر الشيشاني، لكن تم تحويله الى مؤسسة الدعاية التابعة للتنظيم "الحياة" بسرعة؛ بسبب مهاراته اللغوية ومهارات الحاسوب.
ويشير التقرير إلى أن المعلق في فيديو "لهيب الحرب" لفت انتباه المخابرات الغربية مباشرة، حيث قام مكتب التحقيقات الفيدرالي بنشر جزء من الفيديو؛ أملا في أن يتعرف أحد على الصوت، لافتا إلى أنه سمع مرة أخرى في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، مدعيا أن تنظيم الدولة هو من قام بالهجمات الإرهابية التي قتلت 130 شخصا في باريس، ثم قام في حزيران/ يونيو 2016 بقراءة بيان تنظيم الدولة الإنجليزي حول الهجوم الإرهابي على نادي أورلاندو الليلي، الذي قتل فيه 50 شخصا.
ويذكر لويد أنه تم إطلاق فيديو "لهيب الحرب رقم 2" عام 2017، الذي انتهى أيضا بقتل سجناء، قام به شخص من أمريكا الشمالية، مشيرا إلى قول البروفيسور أماراسنجام إنه متأكد من أن خليفة هو المعلق، لكنه يشك في أن القاتل في الفيلمين، حيث قال: "لست متأكدا من أنه الجلاد".
وتستدرك الصحيفة بأنه بالرغم من اهتمام مكتب التحقيقات الفيدرالي، وتأكيد البروفيسور أماراسنجام بأن الصوت في الفيديوهات يعود لخليفة، إلا أن الشاب الكندي لم يحقق معه من أي مخابرات غربية، حيث أغرقوا بمئات من المقاتلين الأجانب الذين اعتقلتهم قوات سوريا الديمقراطية، في الوقت الذي ينتهي فيه التنظيم في قرية باغوز في شرق سوريا.
وأكد خليفة ذلك قائلا للصحيفة: "لم يأتني أي عنصر أو مسؤول مخابرات للتحقيق معي، لا أمريكيين ولا بريطانيين ولا كنديين".
ويقول الكاتب: "يبدو أنه مع آخر مراحل المعركة مع ما يسمى بالخلافة، كان خليفة مصرا على الموت، تماشيا مع نمط المقاتلين الذين يشاد بهم في أشرطة فيديو تنظيم الدولة، فبقي الشهر الماضي مختبئا في ملجأ عندما انسحبت قوات التنظيم من قرية قريبة من باغوز لمدة ثلاثة أيام، ينتظر ليشن هجوما على قوات سوريا الديمقراطية".
وبحسب التقرير، فإنه خرج من مخبئه، وجرح في اشتباك مع قوات سوريا الديمقراطية، وتم اعتقاله، لكنه يقول: "كنت مستعدا للموت.. إنه ما جئت لأجله إلى سوريا".
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن خليفة مقتنع بأن تنظيم الدولة سيتجمع يوما ما ويعود، فقال بلهجة تورونتو الناعمة الشبيهة بتلك التي سمعت في أشرطة تنظيم الدولة: "إذا استطاعوا أخذ آخر معقل في باغوز فأنا أعلم أنه لن تكون هناك أراض باقية للخلافة.. لكن قيادتنا لا تزال موجودة، ولا يزال هناك مقاتلون وسيفعلون ما بوسعهم للعودة، كما حصل في العراق من قبل، وهذه النكسة هي مجرد مرحلة".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
واشنطن بوست: ما هو مصير أطفال تنظيم الدولة؟
التايمز: ماذا قالت "عروس تنظيم الدولة" عن زوجها الهولندي؟
التايمز: إحصاءات النصر على تنظيم الدولة.. كم خسر كل طرف؟