تواصل صحيفة "إندبندنت" العربية، التابعة للحكومة السعودية، نشر حلقات حوارية مع رئيس الاستخبارات السابق، والسفير السابق في واشنطن، الأمير بندر بن سلطان.
وكشف بندر بن سلطان في الحلقة الأخيرة، عن أسباب تفكير المللك فهد بصواريخ رياح الشرق، وكذا تحدث عن كيف دربت السعودية الطيارين المصريين استعدادا لحرب أكتوبر.
ويعرج الأمير على قصة قضية لوكيربي في ليبيا، وما حدث بينه وبين القائد الليبي الراحل معمر القذافي حين طلب منه الانقلاب على حكام السعودية والخليج .
يقول الأمير بندر بن سلطان، إن الهاجس الأول لدى الملك فهد بن عبدالعزيز، كان في كيفية تطوير سلاح الجو السعودي والدفاعات العسكرية، وتنامى التفكير بعد ما عرف بحرب المدن إبان الحرب العراقية- الإيرانية، وتحديداً في عام 1984، فقد كان العراقيون يستهدفون طهران بالصواريخ، والإيرانيون يستهدفون بغداد كذلك.
وبما أن لدى الطرفين قدرة على الوصول إلى العواصم، فإن ذلك يعني أن الرياض قد تكون هدفاً لأي اعتداء، ومعها بقية مدن المملكة.
يقول بن سلطان: "كانت للملك فهد نظرة، وقال إذا كان الإيرانيون والعراقيون يضربون عواصم بعضهم فإن ذلك يشكل تهديدا ليس على الرياض فحسب، بل على الظهران وبقيق والدمام ، ولذا يجب وجود قوة ردع.
وهذه القوة إما صواريخ أرض أرض يكون مداها يصل للأهداف المعادية، أو المحتمل بأنها معادية، أو طائرات قاذفة لمدى بعيد، قادرة على التزود بالوقود وقادرة على حمل أحمال ثقيلة، فاستقر الأمر على شراء صواريخ أرض- أرض الصينية.
عودة العلاقات مع مصر
كانت العلاقات بين السعودية ومصر مقطوعة منذ عام 1979 م، وتحديداً بعد توقيع الرئيس الراحل أنور السادات اتفاقية السلام وزيارته إسرائيل، ومنذ تولى الملك فهد مقاليد الحكم، كان يفكر بإعادتها وينتظر الوقت المناسب.
قبل أن يرسل الأمير بندر إلى الصين لشراء الصواريخ، طلب منه التوجه إلى القاهرة لمقابلة الرئيس حسني مبارك.
وذهب الأمير إلى مطار عسكري في القاهرة، ثم إلى بيت يسكنه الرئيس السابق مبارك حيث تم ترتيب الزيارة عبر مستشار الرئيس الدبلوماسي أسامة الباز.
اقرا أيضا : قناة إسرائيلية تكشف تفاصيل عن اتصالات الرياض وتل أبيب
يقول الأمير: "حين التقيت حسني مبارك، قال لي أريد إرسال أسامة الباز لرؤية الملك فهد، وقلت له على الرحب والسعة.
وفي الحقيقة أن السعودية هي من بدأت مبادرة إعادة العلاقات مع مصر. الملك فهد أوصل خبراً بشكل غير مباشر للأشقاء في مصر ولقي تجاوباً، وقال سأرسل لكم شخصاً (يقصد الأمير بندر) من عندي يتحدث معكم وأنتم تعرفونه".
لماذا قال الملك فهد للمصريين سأرسل لكم شخصاً تعرفونه؟ يجيب الأمير بندر: "أنا أعرف الرئيس حسني مبارك منذ عام 1972 م عندما كان قائدا للقوات الجوية المصرية، وكنا ندرّب الضباط المصريين في السعودية سريا قبل حرب 1973 م على طائرات "اللايتننغ"،و نجعلهم يلبسون الزي العسكري السعودي.
ولم تكن بريطانيا تعلم، أن السعودية تدرب الطيارين المصريين على تلك الطائرات كجزء من دعم الرياض للقاهرة في استعدادها لحرب أكتوبر 1973 م.
ويكمل الأمير العلاقة مع حسني مبارك وكيف بدأت: "هذه واحدة من القصص، أثناء تدريب الضباط المصريين، كان حسني مبارك يأتينا في مدينة الظهران شرقي السعودية كل 3 أشهر للاطمئنان ومتابعة تدريب الطيارين المصريين.
وفي مرة أو مرتين جاءنا وزير الدفاع المصري الفريق محمد صادق، للاطمئنان على فريقهم. وكانت الفكرة أن نأخذ طائرات اللايتننغ ذات السرعة والمقدرة الاعتراضية إلى القاهرة، ويعمل الضباط المصريون الذين دربناهم على استخدامها لحماية القاهرة .
ويتم إرسال جميع طائرات الميج وخلافه للجبهة، ونحن في سرب الـ F5 ، نذهب إلى تبوك، لأن مخازن الوقود فيها وبعد التزود بالوقود نهاجم إيلات الإسرائيلية، وكنت أنا أحد أفراد هذا السرب، واتفقنا على أن يكون الهجوم من الجنوب مع دورة على الشرق.
وهناك ما يسمى، بي بي كي (بروببليتي اوف كيلينغ / probability of killing) وهي احتمالية نجاة الطيارين، والمعلومات المتوفرة لدينا هي أن المدافع ضد الطائرات، وجميع الدفاعات المتمركزة في إيلات تدل أن احتمالية وفاة غالبية الطيارين عالية.
وبقينا تلك الليلة نفكر من منا سيعيش ومن منا سيموت، وألغي الهجوم لاحقاً بسبب اتفاقية وقف إطلاق النار في يوم 11أكتوبر1973".
واستمرت العلاقة - حسب الأمير بندر - بينه وبين الرئيس المصري السابق حسني مبارك منذ 72.
ويشرح الأمير، الفرق بين المباحثات فيما يتعلق بصفقات الأسلحة ما بين الولايات المتحدة وبريطانيا بقوله: "في بريطانيا الوضع يختلف عن أميركا، إذا وافقت الحكومة على موضوع صفقة الطائرات، فالبرلمان يأتي في المرحلة الثانية للبحث.
أما في واشنطن فالعكس هو الصحيح، الكونغرس صاحب القرار. وحين تحدثت مع تاتشر وافقت مباشرة، وسألتني كم العدد؟ قلت إننا نحتاج 48 طائرة.
حديث القذافي عن انقلاب
نقل بندر أثناء زيارة له للرئيس الليبي الراحل معمر القذافي طلبا غريبا من القذافي ، حيث قال له الأخير : "في الحقيقة، طرأت على بالي فكرة، أنت تعرف ما دام القادة العرب الموجودون الآن (على كراسيهم)، فلن تتحرر فلسطين، والاستعمار سيظل.
يضيف بندر "لم أرد عليه، ثم قال: ولهذا نحتاج لأشخاص مثلك، وأنا مستعد أن أحتضنهم وأدربهم ونعمل خلايا سرية لقلب نظام الحكم، وأفضل مكان نبدأ فيه هي دول الخليج.
هل تعرف أحداً تثق به في دول الخليج؟ لأن أهم نقطة في الانقلابات هي السرية والثقة، وألا تزيد الخلايا، عن 5 أشخاص.
اقرا أيضا : بندر بن سلطان: أرسلنا إلى الأسد 200 مليون دولار سرا.. لماذا؟
قلت له نعم لدي أصدقاء كثر في الخليج، لكنني لم ألتق بهم منذ زمن، وأعطني مهلة أذهب للخليج وأجس النبض".
يكمل الأمير بندر: "كنت أرد مستغرباً وساخراً، لكن القذافي كان جاداً بذلك، وطلب مني طريقة لدعوتهم وتهريبهم عن طريق مصر، وكان يعتريني الذهول.
ثم قلت له: في السعودية عندي 5 أشخاص أعتقد أنني أثق فيهم وبهم. قال من هم؟ ثم أخذ القلم وبدأ يكتب: أولاً فهد بن عبدالعزيز، ثانياً عبدالله بن عبدالعزيز، ثالثا سلطان بن عبدالعزيز، رابعاً نايف بن عبدالعزيز، خامساً سلمان بن عبدالعزيز، وكان القذافي يكتب وكأنه في حالة تخدير. ثم انتبه ورفع رأسه وضحك وقال خبيث أنت خبيث".
شعر الأمير بالقلق، ثم حاول استغلال الفرصة لمفاتحة القذافي في موضوع لوكيربي قبل أن يفاتحه هو وقال : "رد القذافي علي وقال أنا مرتاح لك. ثم قلت له: الصراحة لا أرتاح أنا، لأنني كعربي متألم للحصار على ليبيا.
فقال لي: ما سأقوله لك سر، ولا أريد أن يعرف عنه إلا الأمير عبدالله... اذا استطعت أريدك أن تلتقي توني بلير و بيل كلنتون، لترى ما هو الحد الأدنى أو الأقصى من الطلبات التي يمكن تلبيتها لإنهاء الحصار وخلافه".
بحث الأمير بندر مع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، فأخبره أنه مستعد لفعل ما قد ينهي الحصار على ليبيا، إذا اعترفت ليبيا بالمسؤولية وتمت محاكمة المتهمين ودفع التعويضات.
لكن المهم الحصول على تأييد بيل كلنتون. يكمل ويقول: "وكان المطلوبون في ليبيا كثيرين، ومنهم زوج أخت زوجة القذافي عبدالله السنوسي، وموسى كوسى وسيف الاسلام القذافي وغيرهم.
ذهبت للقذافي وأخبرته بالتفاصيل، وبعد مفاوضات شاقة ورحلات عديدة وافق على مضض. وللأمانة، لم آخذ كلامه على محمل الجد، ولا أريد توريط بلدي وفقدان مصداقيتها مع أميركا وبريطانيا والأمم المتحدة بسبب القذافي، وهذه التساؤلات والاحتمالات جاءت بعد حديثه ومخططاته التي أفصح بها عن رغبة الانقلاب".
"مجتهد" يعد بتقرير مثير عن هذه القضايا بدائرة الحكم السعودي
السعودية تطلق سراح 7 أسرى حوثيين في إطار صفقة تبادل