جدّد رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر، مكرم محمد أحمد، قوله إنه لا يوجد أي صحفيين معتقلين في مصر، متهما زملاءه المعتقلين بأنهم "جاهليون يطالبون بالحرب على الغرب المسيحي"، على حد قوله.
وردا على سؤاله بشأن إمكانية التقارب الإعلامي بين العرب والأوروبيين، قال: "نحتاج إلى فهم مشترك وتوحيد المفاهيم، أنا أرى أن حرية الصحافة حق، وحرية التعبير حق ينبغي الحفاظ عليه لكل أصحاب الرأي والصحفيين المصريين، لكن أرى أيضا أن هناك فارقا ما بين الصحفي وكاتب الرأي وما بين الديماغوجيين وما بين الناشط السياسي وما بين الزعيم".
وتابع: "للأسف الصحافة الغربية تعتبر أن كل ما سبق فئة واحدة وتحسبهم على الصحفيين، وعندما تذهب إلى نقابة الصحفيين وتسأل عن الأسماء التي يردد الإعلام الغربي بأنهم صحفيون معتقلون، لا تجد أي اسم منهم، ولا يوجد صحفي معتقل على وجه الإطلاق، بل هم يدعون بدعوى الجاهلية، ويطالبون بالحرب على الغرب المسيحي".
ومن وقت لآخر، يزعم الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد أن مصر ليس فيها صحفي واحد معتقل، وأن المواقع المحجوبة بمصر، والتي تجاوزت 500 موقع إلكتروني (من بينها "عربي21")، تتبع جماعة الإخوان المسلمين التي يصفها بالإرهابية، على حد قوله.
من جهته، استنكر الإعلامي المصري أحمد عطوان تصريحات مكرم محمد أحمد، قائلا: "لم أكن أتصور أن يصل مكرم لهذه الدرجة من الوقاحة التي يصف فيها زملاءه بالجاهليين الذين يطالبون بالحرب على الغرب المسيحي".
وأضاف في تصريح خاص لـ"عربي21": "هذا الرجل كنا نظن يوما ما أنه شيخ من شيوخ المهنة، أثبتت الأيام أنه كان وسيظل مُسبّحا بحمد أسياده، سواء في نظام المخلوع مبارك أو نظام الطاغية السيسي، وأنه لا يريد أن يختم حياته إلا بهذه الصورة القبيحة التي تليق به".
واستطرد قائلا: "هذه تصريحات مفضوحة، ولن تجد من يصدقها إلا البلهاء الأغبياء؛ فمن من الصحفيين المعتقلين طالب بالحرب على الغرب المسيحي؟"، مضيفا: "هذه الأكاذيب المنحطة والوضيعة يحاول مكرم من خلالها استجداء الغرب؛ لدعم نظام سيده، ولو كان ذلك على حساب زملائه المعتقلين".
واستهجن بشدة أتباع مكرم ما وصفه بمنهج "الفتنة والاستثارة والتأليب على الصحفيين الأبرياء المعتقلين زاعما -زورا- أنهم يدعون بدعوى الجاهلية، ويطالبون بالحرب على الغرب المسيحي، متغافلا أنه نفى في نفس تصريحاته وجود صحفيين معتقلين، ومتجاهلا أنه لم يثبت بحقهم أي مقالات أو تصريحات تشير إلى هذه العنصرية التي ذكرها".
وشدّد عطوان على أنها "وسائل رخيصة وعنصرية مقيتة تلحق به العار أمام الإعلام الغربي الذي يُدرك كذب هذه الاتهامات، ويعلم حقيقة الزملاء الصحفيين الشرفاء القابعين في زنازين الجنرال السيسي؛ بسبب آرائهم وكتاباتهم الحرة ضد الاستبداد في زمن القمع والحجر على الآراء والعصف بحرية الرأي والتعبير".
ولفت إلى أن بعض الصحفيين المعتقلين بمصر مقيدون بجداول نقابة الصحفيين بشكل رسمي، وبعضهم غير مقيدين رسميا لظروف مختلفة منها القيود التي يضعها النظام على الانضمام للنقابة، والتي يتدخل فيها الأمن الوطني حاليا بشكل واضح، فضلا عن المعايير والشروط الأخرى التي تحول دون انضمام الكثيرين لنقابتهم.
اقرأ أيضا: انتخابات صحفيي مصر.. أجواء فاترة وفوز متوقع لمرشح النظام
وأكمل: "مثل هذه التصريحات ليست مُستغربة من قدامى الصحفيين الذين تربوا في حظيرة الحكم العسكري الشمولي لأكثر من نصف قرن، وجندوا أقلامهم وكلماتهم لصالح تبييض وجه الاستبداد، وباعوا الضمير المهني مقابل حفنة من الجنيهات والمناصب الصحفية، ولا تحمل سيرتهم الذاتية سوى التصفيق للديكتاتورية".
وأردف: "لقد أنعم النظام العسكري عقب انقلابه في عام 2013 على مكرم محمد أحمد بمنصب رئيس المجلس الأعلى للإعلام؛ نظرا لتاريخه الحافل والطويل في خدمة الأنظمة المُستبدة على حساب الشعوب، لذلك جاءت كلماته الطائشة مُحملة بمجموعة من الأكاذيب لصالح السيسي وسياساته القمعية التي باتت مفضوحة أمام العالم الخارجي".
وذكر: "لم يدرك رئيس المجلس الأعلى للإعلام أننا حاليا في عصر السماوات المفتوحة، وما كان معمولا به في الستينات من التعمية والتضليل وإعلام الصوت الواحد لا يصلح حاليا في ظل الإعلام الرقمي الجديد، الذي ينقل تفاصيل الأحداث الزمانية والمكانية في الكرة الأرضية".
ونوه إلى أن تصريحات مكرم جاءت نقلا متطابقا وصدى لما يردده السيسي، بأن هناك فهما مختلفا لقضية حقوق الإنسان لدى بعض أدوات الإعلام الأوروبي عن الفهم الموجود لدى عموم المصريين، وهو التصريح الذي أثار تهكم المراسلين الأجانب.
وقال عطوان: "بنفس النبرة العسكرية يُكذّب مكرم محمد أحمد كافة التقارير الحقوقية الإقليمية والعالمية، التي أكدت بالأرقام والأسماء أن مصر تحتل التصنيف الثالث عالميا في سجن الصحفيين، مدعيا كذبا وزورا أنه لا يوجد صحفي واحد معتقل على وجه الإطلاق".
ونوه عطوان إلى أن زملاءه الصحفيين المعتقلين في سجون السيسي يمرون بظروف مزرية ومأساوية وصعبة للغاية، حيث التنكيل المستمر بهم، وسوء معاملتهم، وإصدار أحكام مشدّدة بحق بعضهم، فضلا عن تدهور حالتهم الصحية في ظل الإهمال الطبي المُتعمد لكثير من المعتقلين السياسيين.
وأكد أن "اضطهاد الصحفيين لا يتوقف عند الزج بهم في السجون؛ فحتى بعد إطلاق سراح البعض، يتم منعهم من ممارسة عملهم، ويخضعون لتدابير احترازية مُجحفة تُجبر معظمهم على الذهاب لأقسام الشرطة أو مقرات الأمني الوطني عدة مرات في الأسبوع الواحد، فضلا عن منعهم من مغادرة البلاد، وتعرضهم لتهديدات جديدة بمزيد من الملاحقات".
وأردف: "نظام السيسي يرى العمل الإعلامي والصحفي المستقل خطرا شديدا على حكمه القائم على سحق الجميع، خاصة وسائل الإعلام التي لا تُسبح بحمده، فالإعلام هو أهم سلاح في معركة الوعي والتنوير، بينما السيسي بنى نظامه المستبد بالتضليل والتزييف والخداع والأكاذيب التي لا حصر لها، ولذلك فهو يخوض حربا شرسة ضد وسائل الإعلام المختلفة".
ووفقا لمنظمة "مراسلون بلا حدود"، يقبع حاليا أكثر من 32 صحفيا في سجون مصر لمجرد قيامهم بعملهم الإعلامي، داعية السلطات المصرية إلى وقف التصعيد ضد الصحفيين والإعلاميين، مع الإفراج عن الصحفيين المحتجزين.
هذا وتقبع مصر في المرتبة 161 من أصل 180 بلدا على التصنيف العالمي لحرية الصحافة، الذي نشرته "مراسلون بلا حدود" في 2018.
وفي سياق متصل، أعرب المرصد العربي لحرية الإعلام عن استنكاره البالغ لمزاعم وزير خارجية النظام المصري، سامح شكري، حول تمتع الصحفيين والإعلاميين ووسائل الصحافة والإعلام بالحرية في مصر، وذلك خلال إلقاء بيان مصر أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف.
وأكد المرصد، في بيان له، الأربعاء، ووصل "عربي21" نسخة منه، أن "استمرار النظام المصري في التدليس في المحافل الدولية لا ينطلي على أحد في ظل التوثيق الواسع لقمع وتجريم الصحافة والإعلام في مصر".
وأشار إلى "توقيف وسجن ما يزيد على 90 صحفيا وصحفية، وحجب أكثر من 500 موقع، وضم عشرات الصحفيين والإعلاميين لقوائم الإرهاب؛ بسبب ممارستهم للصحافة أو مواقفهم السياسية المعارضة للنظام، وإغلاق بعض الصحف والقنوات والبرامج المعارضة".
كما نوه إلى أن النظام أصدر "سلسلة من التشريعات غير الدستورية والمعيبة، والتي تقوض حرية الصحافة والإعلام بشكل كامل وحقيقي، ودعم سياسيات الفصل التعسفي والتشريد في المؤسسات المملوكة للدولة أو المقربة من النظام بشكل بات يطال جميع أبناء المهنة".
وطالب المرصد العربي لحرية الإعلام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عبر هيئاته وآلياته بزيارة الصحفيين والصحفيات الموقوفين في مصر، ومراجعة تقارير المفوضية السامية لحقوق الإنسان عن الفترة من 2013 حتى تاريخه؛ للوقوف على الحقائق كاملة.
ودعا إلى "إنشاء لجنة تقصى حقائق؛ لرصد الواقع الحقوقي بمصر برمته، ومن بينه الحريات الإعلامية المهدرة بشكل كامل، وتقديم كل دعم ممكن لحرية الصحافة التي يمكن أن تسهم في مواجهة الإرهاب، ودحره بالكلمة الأكثر تأثيرا من السلاح".
هكذا ردت مصر على تركيا بعد حديث أردوغان عن السيسي (شاهد)
هذا هو السبب الذي دفع ظريف للاستقالة.. ما علاقة الأسد؟
تركيا: لهذا تصريحات "الاتحاد الأوروبي" ستفقد قيمتها بعد الآن