لماذا تأخر الحسم في "الباغوز".. معركة صعبة أم تأجيل متعمد؟

تتقدم قوات سوريا الديمقراطية، ببطء في مناطق الباغوز، في معاركها مع مقاتلي تنظيم الدولة هناك، رغم إعلان ترامب الانتصار على التنظيم في سوريا، مقدمة لانسحاب الجنود الأمريكيين من هناك.

وتقاتل القوات الكردية هناك من تبقى من التنظيم، وتقول إنهم يحتمون بالأنفاق، وإن آلاف المدنيين لا يزالون في مناطق القتال.

وفيما يرى مراقبون أن المعركة هناك صعبة، لعدة أسباب، يرى آخرون أن تأخرها ليس مبررا، مقارنة بمعارك أخرى شنتها القوات الكردية وقوات التحالف على التنظيم، كالرقة مثلا.

قال قيادي كبير في ما يعرف بـ"قوات سوريا الديمقراطية" إن القوات المدعومة من الولايات المتحدة أسرت 400 من مقاتلي تنظيم الدولة "أثناء محاولتهم الفرار من آخر معقل للتنظيم شرق سوريا الأربعاء بينما استسلم مئات آخرون من التنظيم".

ونقلت وكالة رويترز عنم القيادي قوله إن "مئات المقاتلين الذين استسلموا غادروا منطقة الباغوز في إطار عملية إجلاء شملت أيضا مدنيين، لكن لم يتضح بعد عدد الذين سلموا أنفسهم"، مضيفا أنه "تم إجلاء أكثر من 2000 شخص الأربعاء الماضي من الباغوز بشرق سوريا".

الخبير العسكري، اللواء المتقاعد الدكتور فايز الدويري، قال لـ"عربي21" إنه عندما أعلن ترامب ضرورة الانسحاب من سوريا، كانت هنالك 12 بلدة في يد تنظيم الدولة، وتمت استعادتها كلها وآخرها الباغوز قبل أسبوعين.

أما المعارك الآن فتدور في مزارع الباغوز بمساحة 10 كم، تبقى منها أول أمس 6 كم مربع، وهي منطقة مليئة بالأنفاق، والمدنيين، والألغام.

وتابع الدويري بأن المدنيين الذين خرجوا من المنطقة هم قرابة 62 ألف مدني، منهم 3 آلاف من أسر مقاتلي تنظيم الدولة، و7 آلاف مقاتل من التنظيم.

وعن أسباب تأخر حسم المعركة هناك، قال الخبير العسكري إن الأمريكيين كانوا يرغبون باتفاق استسلام للمقاتلين هناك، والقبض على أشخاص معينين بالاسم والصورة، فأرسلوا إلى المنطقة 700 جندي من القوات الخاصة.

وعن الأسباب الأخرى، قال إن قوات سوريا الديمقراطية لديها ضعف في إدارة المعركة، الأمر الذي انتقده قائد المدفعية الفرنسية الذي قال إنهم لا يجيدون القتال على الأرض.

وسبب آخر هو حقول الألغام والحشوات التي تملأ المنطقة، والأنفاق، والمدنيون، والرهائن، ما من شأنه إبطاء العملية.

وقال إن المنطقة المتبقية الآن المقدرة بأربعة كيلومترات، فيها رهائن من أمثال الصحفي البريطاني، وإن هنالك تفاوضا لعل المسلحين في الباغوز يسمحون للمدنيين بالمغادرة من هناك، إذ إنه لا يمكن حسم المعركة دون مغادرة المدنيين.

على الجانب السياسي، قال الدويري إن "قسد" غير مستعجلة لحسم المعركة، لأنها إذا انتهت فستصبح القوات الكردية المقاتلة ورقة بلا قيمة، وهي تبحث عن مخرج بمكسب سياسي معين.

اقرأ أيضا: تنظيم الدولة يواجه تقدم "قسد" بهجمات انتحارية في الباغوز

وأشار إلى عدم جدية التحالف الذي يقاتل من 10 حزيران/ يونيو 2014 في القضاء على التنظيم، إلى جانب عدم جدية النظام السوري، وروسيا أيضا.

ونوه إلى أن التنظيم يسيطر على أماكن أخرى في سوريا، مثل آلاف الكيلومترات في السخنة، ومنطقة جبل الأفاعي، والأطراف الشرقية للسويداء، مؤكدا أن التنظيم هو فقط شماعة تعلق عليها الدول مصالحها.

وبدأ تحالف الفصائل الكردية والعربية المدعوم من واشنطن، الجمعة الأول من آذار/ مارس الجاري، هجومه الأخير على مقاتلي تنظيم الدولة الرافضين للاستسلام بعد انتهاء عمليات إجلاء آلاف الأشخاص، غالبيتهم من نساء وأطفال المقاتلين، من بلدة الباغوز، حيث حوصر التنظيم في بقعة صغيرة منها بعدما كان يسيطر في العام 2014 على مساحات واسعة في سوريا والعراق المجاور.

المحلل السياسي الروسي، أندريه أونتيكوف رأى في حديث مع "عربي21" أن لا مبررات لطول المعركة في الباغوز  لكون المنطقة التي يقاتلون فيها الآن صغيرة، مقارنة بنجاحات سابقة للقوات الكردية، مثل تجربة الرقة.

ونوه أونتيكوف إلى أن وزارة الدفاع الروسية اتهمت سابقا الأمريكيين والقوات الكردية بعقد صفقات مع التنظيم، ونقل مقاتليه إلى أماكن آمنة، وإن الوزارة قدمت صورا ومعلومات بخصوص نقلهم على متن طائرات ومروحيات ووسائل أخرى.

ولفت إلى أن شرط الولايات المتحدة الأمريكية للانسحاب من سوريا كان الانتصار على التنظيم، مؤكدا أنه طالما بقي هنالك تواجد للتنظيم، فأمريكا موجودة في سوريا.

وأكد أن المجال كان مفتوحا قبل أشهر للقضاء على التنظيم، وأن إطالة أمد المعارك في الباغوز غير مبرر، لكون القوات الكردية قوية، بحسب تعبيره، وتحصل على دعم من التحالف.