نشرت صحيفة "أوبزيرفر" البريطانية، مقالا للمعلق سايمون تيسدال، تحت عنوان "يجب محاسبة المسؤولين عن المعاناة السورية"، يقول فيه إنه على الرغم من أن روسيا تمنع محاولات التحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبها الأسد، إلا أن هناك بصيص أمل.
ويقول تيسدال في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "تنظيم الدولة يواجه الانهيار، ويشهد نهاية الهوس بالخلافة الشريرة، فقد ارتكب الجهاديون جرائم مروعة في العراق وسوريا، وكان مسؤولا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عن هجمات إرهابية في بريطانيا والدول الأوروبية الأخرى، وينتظر الكثيرون المحاسبة، فإن من الصواب محاكمة المقاتلين الذين قاتلوا في التنظيم، أو قدموا له الدعم، وتقديمهم للعدالة وفي أقرب وقت ممكن".
ويضيف الكاتب: "ينبغي أن تخضع تصرفات الكثيرين من الأفراد والجماعات المتورطة في جرائم حرب ضد الإنسانية، مثل قتل المدنيين، للتحقيق الدقيق، ومن أجل الحيادية وخدمة العدالة فإن القائمة يجب أن تضم المقاتلين في الجماعات السنية والكردية أيضا، ويجب عدم غض النظر عن الدور الذي قامت به الدول الخليجية والأوروبية في المعاناة السورية".
ويعلق تيسدال على تصريحات وزارة الدفاع البريطانية الأسبوع الماضي، التي قالت فيها إن الغارات التي ساهم بها سلاح الجو الملكي البريطاني منذ عام 2014 في سوريا والعراق قتلت وجرحت مقاتلين أعداء، عددهم 4315 شخصا، ولم تقتل سوى مدني واحد، قائلا إن "هذا تقدير يدعو للتساؤل".
ويستدرك الكاتب بأن "البحث عن العدالة يجب ألا يخفي مسؤولية الديكتاتور السوري الرئيسية عن الحرب والجرائم التي ارتكبت فيها طوال الثماني سنوات الماضية، ولم يكن ليرتكبها دون أزلامه ومعاونيه من الإيرانيين وحزب الله والروس بالطبع، فقاد الأسد حربا أدت إلى اختفاء نصف مليون سوري، وشردت نصف سكان سوريا البالغ عددهم 23 مليون نسمة، بشكل خلق أكبر إنسانية لم تر أوروبا مثلها منذ الحرب العالمية الثانية".
ويشير تيسدال إلى أن "الأسد وداعميه الأجانب، خاصة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مسؤولون عن غارات جوية قاسية، استهدفت المراكز المدنية من العيادات والمستشفيات والمدارس ومراكز المجتمع، بهدف ترويع وإجبار المعارضين لدمشق على الاستسلام، وعذب النظام وقتل آلاف المعارضين والمتعاطفين معهم من الذين ألقى القبض عليهم، واستخدم الأسد، المدعوم من موسكو، الأسلحة الكيماوية أكثر من 100 مرة في خرق واضح لالتزامه بتفكيك ترسانته من الأسلحة الكيماوية التي تخلى عنها عام 2013".
ويجد الكاتب أن "البحث عن أدلة ليس صعبا، بل هي متوفرة بكثرة، ووثقت آلية التحقيق في الجرائم الخطيرة في سوريا، التي أنشأتها الأمم المتحدة عام 2016، وبطريقة (مستقلة وحيادية ومن خلال آلية دولية) آلاف الجرائم التي ارتكبها النظام، فالأرشيف المعروف باسم (قيصر)، الذي قام بتصوير 6700 جثة لأشخاص ماتوا في السجون، دليل واضح، وهناك شهادات من عانوا من التعذيب والقمع الذين سجلت شهاداتهم الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية ومنظمات حقوق الإنسان".
ويرى تيسدال أن "المشكلة ليست في إثبات جرائم الأسد ومعاونيه، لكن في تقديمهم للمحكمة، وقامت روسيا بالوقوف أمام محاولات الأمم المتحدة تحويل الحالات وتقوية محكمة الجنايات الدولية، وذلك عبر التلويح باستخدام الفيتو، وينفي الأسد الجالس في دمشق هذا الكلام كله، ويعده (أخبارا مزيفة)، وهو يشعر بالارتياح نتيجة فشل تسع سنوات للجنائية في محاكمة الرئيس السوداني عمر البشير، المتهم بجرائم حرب في دارفور".
ويستدرك الكاتب بأن "هناك بصيصا من الأمل، حيث بدأت المحاكم الوطنية في أوروبا، وبضغط من الناشطين، في استخدام الصلاحية الدولية التي تمكن الدول من ممارسة القانون ضد من ارتكبوا جرائم حرب أين ما كان مكانها".
ويلفت تيسدال إلى أن "المحاكم في فرنسا وألمانيا والسويد تقوم بالتحقيق مع عدد من السوريين، بينهم عناصر في الأمن السوري متهمون بارتكاب جرائم خطيرة، وفي الأسبوع الماضي قامت مجموعة من اللاجئين السوريين، وبناء على نصيحة محامين بريطانيين، بتقديم دعوى تمكن محكمة الجنايات الدولية من التدخل، وبعد سابقة ميانمار العام الماضي، التي وسعت صلاحياتها لتشمل ترحيل السكان القسري، فإن المجموعة تريد من المحقق العام أن يستخدم ملفاتها وشهاداتها عن التعذيب الذي عاناه أفرادها في سجون الأسد".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إنها "جهود شجاعة تستحق الدعم والنجاح، وأمام العجز الدولي وفشل الحكومات فإن هذا هو الأمل الوحيد المتاح لجلب الأسد أمام العدالة".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
واشنطن بوست: هكذا يُحاكم مرتكبو الجرائم في سوريا
الغارديان: هل ما زالت محاكمة الأسد على جرائمه ممكنة؟
الغارديان: مؤسسات الإغاثة الدولية تنسحب من إدلب