لوح النظام السوري، الثلاثاء، بقانون جديد يستهدف النشطاء السوريين في مواقع التواصل الاجتماعي، الذين بات الفضاء الإلكتروني وسيلتهم الأنسب للتعبير عن رفضهم لنظام بشار الأسد، ولمهاجمة انتهاكاته، بعد أن بات الأخير يسيطر على الأرض عسكريا، ومظاهر المعارضة محصورة في مناطق قليلة في شمال البلاد.
فبعد التقدم الذي أحرزه النظام السوري على الأرض ميدانيا، فإنه يريد أن يلاحق المعارضين في الفضاء الإلكتروني في داخل البلاد وخارجها، وفق ما أعلنته النيابة العامة المختصة بـ"جرائم المعلومات".
وأعلنت القاضية هبة الله سيفو، رئيسة النيابة العامة المختصة بجرائم المعلومات في قصر العدلي في دمشق، وفق ما تابعته "عربي21"، أن سلطات النظام السوري ستلاحق ما ينشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، موضحة العقوبات المرتبطة بمن يتم اعتقاله.
وقالت سيفو، في حوار مع إذاعة "نينار إف إم" المحلية، إن عقوبة نشر أخبار "توهن عزيمة الأمة" تصل إلى السجن ست سنوات، وإن "السوري الذي يروج في الخارج أنباء كاذبة، أو مبالغا فيها، ومن شأنها أن تنال من هيبة الدولة أو مكانتها المالية، فسيعاقب بالحبس ستة أشهر وبغرامة مالية".
ويأتي تصريح سيفو بعد أسابيع من مهاجمة الأسد مواقع التواصل الاجتماعي التي قال عنها إنها "أسهمت بشكل كبير في تردي الأوضاع داخل سوريا".
وسبق أن أصدر كذلك الأسد قبل عام القانون رقم 9 لعام 2018، الذي أُنشئت من خلاله محاكم خاصة لتعقب "مرتكبي الجرائم" من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.
النص القانوني
ولطالما شدد النظام السوري رقابته على مستخدمي الإنترنت داخل البلاد وخارجها، إلى جانب اعتقاله لسوريين بسبب التعبير عن آرائهم ما تسبب باعتقالهم وتعذيبهم، إلا أن الجديد في الأمر هو القانون الجديد الذي يشمل هذه المرة وعبر نص قانوني، وسائل التواصل الاجتماعي وكل ما ينشره السوريون على صفحاتهم الشخصية، بعد أن كانت العقوبات في هذا المجال، تطال بنص قانوني من يكتب ويعمل في وسائل الإعلام التقليدية الرسمية أو الخاصة فقط.
جاء ذلك وفق ما أوضحه عضو هيئة القانونيين السوريين، عبد الناصر حوشان لـ"عربي21"، مضيفا أن "الجديد فيما قالته القاضية سيفو، أن القانون ضم وسائل التواصل الاجتماعي إلى الأساليب المجرمة، حيث كانت محصورة في المطبوعات والمنشورات والخطب والمقالات والكتابات والأفلام السينمائية والتلفزيونية، أي ما يسمى "الوسائل العلنية".
اقرأ أيضا: ما دلالات المظاهرات التي خرجت ضد الأسد في درعا؟
وأكد أن الجريمة هذه منصوص عليها أصلا في قانون العقوبات العام الماضي، بالمادة 286، التي تنص في المادة الأولى على أنه "يستحق العقوبة ذاتها من نقل في سوريا في الأحوال عينها، أنباء يعرف أنها كاذبة أو مبالغ فيها من شأنها أن توهن نفسية الأمة".
وأوضح أن القانون يفرق بين حالتي الحرب والسلم، من حيث العقوبة ومن حيث صحة الأنباء أو كذبها، ففي حالة السلم وصدق الأنباء تكون الجريمة جنحوية الوصف، وعقوبتها الحبس ثلاثة أشهر على الأقل،
أما في حالة الحرب، فاعتبرها القانون جريمة جنائية الوصف، وعقوبتها الاعتقال المؤقت".
إشاعة الخوف
وأكد أن تصريحات سيفو الهدف منها "التضييق على حرية الرأي والحقوق السياسية الأساسية، لا سيما ممارسة التعبير عن الرأي".
وشدد على أن القانون الذي يستهدف نشطاء مواقع التواصل، "انتهاك لحرية الرأي والتعبير، التي يحميها الدستور وشريعة حقوق الإنسان"، مشيرا إلى أن القانون يهدف إلى إشاعة الخوف لدى المعارضين من التعبير عن رأيهم بحرية، وانتقادهم لانتهاكات النظام السوري، ولتعزيز روايته فقط في الفضاء الإلكتروني.
قانون يهدد حتى الموالين
ولفت حوشان إلى خطر القانون حتى على الموالين للنظام السوري، الذين باتوا مؤخرا ينتقدون نظام الأسد، بسبب التجنيد الإجباري ومطالب التسريح من الخدمة وانتقادات الأوضاع الاقتصادية.
وأوضح أنه "علينا أن لا ننسى أن آثار الحرب وحجم الكارثة التي تسبب بها النظام، بدأت بالظهور على السطح من تبديد مقومات الدولة والحالة الاقتصادية المتدهورة وبيع الثروات الطبيعية للأجانب الروس والإيرانيين والفساد الأخلاقي والإداري، وكل ذلك عاد بخيبة الأمل على الموالين للنظام السوري، وبات من الطبيعي أن تكون هناك ردات فعل عنيفة ضده، وهذا ما دفع النظام لهذا القانون الذي يهدد حتى الموالين له".
اقرأ أيضا: "بدنا نتسرح".. حملة تعصف بعناصر الأسد وتهز قواته من الداخل
من جانبه، رأى أيضا المحامي السوري أنور البني، الحائز على الجائزة الفرنسية الألمانية لحقوق الإنسان وسيادة القانون، أن القانون موجود بالفعل منذ مدة في سوريا، ولكن ما يتم الآن، هو التذكير به، لا سيما بعد انتقادات الموالين للنظام وازديادها، على "فيسبوك".
وقال لـ"عربي21"، إن "الحاضنة الشعبية الموالية للنظام السوري تحتج مؤخرا بشكل واسع على موضوع الخدمات والأوضاع المعيشية والاقتصادية، وليس على المواضيع السياسية، ما عده النظام نشر أنباء كاذبة.
وأكد أن القانون قديم، وقال: "سبق أن تمت محاكمتنا بناء على هذا القانون كنشطاء معارضين، وما يتم اليوم هو تذكير الناس بأن النظام جاهز لإعادة حصد الرقاب التي تنتقده، والأمر الجديد هو أنه ربما يتم الأمر هذه المرة بواسطة الجهات القضائية الرسمية".
منظمة الصحة تثير غضبا لضمها نظام الأسد لمجلسها التنفيذي
هل تبدأ ألمانيا بترحيل اللاجئين السوريين المدانين جنائيا؟
ماذا بعد تحميل النظام السوري المسؤولية عن هجمات كيميائية؟