تمكن الجزائريون أخيرا من إجبار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على الاستقالة وإسقاط العهدة الخامسة، وهم مستمرون في المطالبة بتغيير النظام في مظاهرات مليونية سلمية غير مسبوقة في الجزائر طيلة العقدين الماضيين.
وبالجوار من الجزائر قرر خليفة حفتر، القائد العام لقوات شرق ليبيا، التقدم نحو طرابلس، وأمر قواته بالتوجه للسيطرة عليها، داعيا حكام طرابلس إلى إلقاء السلاح ورفع الراية البيضاء.
سلوك حفتر باتجاه غرب ليبيا، التي تديرها حكومة الوفاق المعترف بها دوليا، يطرح سؤالا عما إذا كان محاولة لاستثمار الانشغال الجزائري بالشأن الداخلي
تعامل النظام الجزائري بشكل سلبي مع حفتر منذ بروزه كطرف أساسي سنة 2014 وتقدمه في الغرب.
عنصر المفاجأة في سلوك حفتر باتجاه غرب ليبيا، التي تديرها حكومة الوفاق المعترف بها دوليا، يطرح سؤالا عما إذا كان محاولة لاستثمار الانشغال الجزائري بالشأن الداخلي من أجل فرض أمر واقع جديد في الجزائر، استعدادا للحل السياسي المأمول في ليبيا.
ويمكن الإشارة إلى جملة من الحقائق التي تؤيد هذه المقاربة:
أولا، تعامل النظام الجزائري بشكل سلبي مع حفتر منذ بروزه كطرف أساسي سنة 2014 وتقدمه في الغرب. من المعروف أنه دعا السلطات الجزائرية للاتصال به في أيار (مايو) 2014 "للتنسيق على الأمن الحدودي". لكن رد وزير الخارجية الجزائري أنذاك رمطان العمامرة كان حادا، حيث ذكر أن دولته لا تتعامل إلا مع الأطراف الرسمية.
ثانيا، في كانون أول (ديسمبر) 2016، نقلت تقارير إعلامية أنباء عن رفض السلطات الجزائرية استقبال حفتر بلباس عسكري، إذ أبلغته رغبتها في أن يُجري لقاءاته بالمسؤولين الجزائريين بلباس مدني. كما لم يستخدم البيان الرسمي الصادر عن رئاسة الحكومة الجزائرية بعد لقاء حفتر برئيس الوزراء عبد المالك سلال، أو حتى البيان الصادر عن وزارة الخارجية الجزائرية عقب اجتماع اللواء مع مساعد وزير الخارجية عبد القادر مساهل، صفة قائد الجيش الليبي في تعريف حفتر.
ثالثا، في كانون أول (ديسمبر) 2017 أعلنت الجزائر رفضها الشديد لقرار حفتر وقف العمل باتفاق الصخيرات، الذي شمل أطراف الصراع في ليبيا وتم توقيعه تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة في مدينة الصخيرات بالمغرب في كانون أول (ديسمبر) 2015 بإشراف المبعوث الأممي مارتن كوبلر لإنهاء الحرب الأهلية الليبية. ونص الاتفاق على تشكيل حكومة الوفاق لمدة عام قابلة للتمديد مرة واحدة.
رابعا، تناقلت مصادر إعلامية عديدة أن الجزائر تعتبر وجود حفتر على تخومها وجودا مصريا ـ إماراتيا على حدودها. وكان تقرير بتاريخ 3 حزيران (يونيو) 2017 ترجمته "عربي21" عن نشرية "موندافريك" الفرنسية قد نقل هذه المواقف، وأشار إلى أن الضربات العسكرية التي وجهها السيسي لمعسكرات التدريب الجهادية في مدينة درنة شرقي ليبيا دون التشاور مع باقي الدول المعنية بالأزمة الليبية، قد أثارت قلق الجزائر، التي لا زالت تنتهج مبدأ عدم التدخل العسكري في ليبيا، رغم استنفار جيشها على طول الحدود المتاخمة للجارة المضطربة. وأكدت الصحيفة أن الجزائر رفضت في السابق تدخل فرنسا عسكريا في مالي سنة 2013، كما أنها ترفض أيضا أي تدخل عسكري أجنبي في ليبيا.
الجزائر تعتبر وجود حفتر على تخومها وجودا مصريا ـ إماراتيا على حدودها.
المحور السعودي ـ الإماراتي ـ المصري يستشعر الخطر مجددا من الحراك الجزائري والانتقال الديمقراطي
خالد أبو النجا.. "سكتنا له.. دخل بحماره"!
حراك الجزائر وورطة الانقلابيين